الدوران حركة سرمدية فاعلة في الموجودات الكونية، ومنها الأرضية، والدوران يعني التغيير وعدم الثبات، فكل موجود يتبدل وكل حالة تعود إلى مبتدئها، فالقوي إلى ضعيف، والضعيف إلى قوة، وما تم نقص.
والحالات التي تستطيع التواصل هي التي تمتلك قدرات إعادة التصنيع الذاتي والموضوعي، وفيها طاقة ترميم ذاتية تستوعب إرادة التغيير.
فالقوة في الجريان، والضعف في السكون والاندحار، والمجتمعات لكي تتقوى عليها أن تتواشج وتتسابك، فاختلاط الأمم والشعوب قوة وعزلتها ضعف وهوان.
وبعض المجتمعات تتعلم وأخرى تتوهم أنها تعلم، والذي يعلم يرفض أن يتعلم فتطغى عليه فيضانات التقدم المتسارع المتولد من الدوران.
فالأيام أرحام ولاّدة، وفي كل يوم وليد جديد يريد أن يساهم في صناعة الحياة.
قوى تغور وأخرى تثور، وبعضها نامت ثم قامت، وفي رقدتها إعادة نظر، وتعميق رؤية وبناء وتصور متوافق مع العصر، وتوائم مع إرادة الحياة الحرة الكريمة.
فلكل فكرة ملاذ، ولكل رؤية ميعاد، وما أن تولد الفكرة حتى تتكون وتتطور وتتناسل في عقول الموجودات، فكأنها الشرارة التي أذكت النيران وأوجدت اللهيب الفتاك العابث بالأشهاد والغابات.
مَن يتوهم البقاء في الكرسي سيحترق بغتة ويتحول إلى رماد، ويكون الكرسي تابوته، ومن لا يرى بعيون مصلحة شعبه ستدوسه سنابك الأخطار وتعصف به الأهوال.
وكل مَن في الكرسي فان، فإرادة جذب التراب أقوى من الملك والسلطان وكم أكلت منهم، وكم أصابت الجبابرة بالخذلان والهوان.
الحصيف من تفانى في صناعة الخير، وإسعاد المواطنين، والتضحية في سبيل رفاهيتهم وأمنهم وسلامتهم وتأمين مصالحهم.
والطائش المنبوذ من توهم القوة فبطش واستبد، وإستخف بإرادة التراب وحسب الناس من حوله أرقام، وغرق من أنانيته وظلمه وبؤسه المقدام.
فهل يتعظ البشر أم أن الكرسي يسلب اللب ويقيم الحداد ويجرد البشر من الإنسان.
إن الكرسي سيد وسلطان، والذي فيه دمية وأداة لصياغة البهتان.
واقرأ أيضاً:
العلة في العقل!! / عيون الكاتب والقارئ!!