أنت عايزني آخذ دواء نفسي علشان أبقى مدمن؟!!!!!
يجلس إليك المريض النفسي... وقد اقتنع أخيرا بعد طول تردد ومعاناة بالحضور إلى الطبيب النفسي... ويعلمك من اللحظة الأولى أنها تضحية كبرى أنه قبل وجاء إلى الطبيب النفسي فهو في الحقيقة غير مقتنع بحاجة اسمها طبيب نفسي وشايف إن الإنسان طبيب نفسه لكن هو في الحقيقة تعب من اللف على المشايخ الذين اختلفوا في تشخيصه بين سحر ومس ولذا قرر أخيرا أن يجرب الطبيب النفسي.... مش هنخسر حاجة يبتسم الطبيب وكأنه لم يسمع شيئا فهو قد اعتاد هذه المقدمة من مرضاه ويدخل في الموضوع هيه وأنت بتشتكي من إيه ويبدأ المريض في وصف شكواه ويجمع الطبيب الأعراض ويسال مستفسرا حتى يستوضح كل النقاط ويصل غلى التشخيص الصحيح ويبدأ في شرح الخطة العلاجية لمريضه والتي في أغلب الأحيان تتكون من شقين:
الأول هو العلاج النفسي سواء كان سلوكيا أو معرفيا أو غيره خلال الجلسات؛
والثاني علاجا دوائيا وهنا تبدأ الأزمة بعد أن يسهب الطبيب في شرح مفعول الدواء وكيف يعمل وكيفية تناوله... ينظر المريض إلى الطبيب مرتابا قائلا: يا دكتور بس أنا أعرف أن الأدوية النفسية بها آثار جانبية جامدة قوي فيرد الطبيب ما هي زي أي دواء في الدنيا لابد أن يكون لها آثارا جانبية فيرد المريض.
لا.... بس آثار عن آثار جانبية تفرق... دي حاجات بتأثر على المخ..... ده أنا جاري راح للدكتور النفسي وكان كويس خالص أعطاه دواء خرب دماغه خالص ومن يومها وهو بيخرف.... وسمعت كمان إن في أدوية بتسبب الانتحار.....
فيرد الطبيب وهو مقتول يبقى دور الطبيب النفسي أن يعطي المريض دواء يخرب عقله....... هي الحقيقة عن المريض اللي بتحكي عنه بيكون في بداية المرض... وبعض الأمراض العقلية طبيعتها إنها تبدأ هادئة ثم تستمر الأعراض في التصاعد والظهور ويتواكب ذلك مع بداية العلاج فيبدو الأمر وكأن الأدوية هي التي أظهرت الأعراض في حين أن حقيقة الأمر أن الأدوية لم تكن أصلا قد بدأت تأثيرها العلاجي وذلك لأن من طبيعة الأدوية النفسية أنها تحتاج إلى أسبوعين على الأقل حتى يبدأ ظهور تأثيرها العلاجي وتحتاج إلى فترة مستمرة من المواظبة على العلاج حتى تستطيع الحكم عليها قد تصل إلى ستة شهور.... وأيضا تتميز بعض الأمراض العقلية بأنها مزمنة وتحتاج إلى علاج مستمر... لذا فلا يصح الحكم على الدواء من غير معرفة بطبيعة المرض الذي يعاني منه المريض أصلا... فالأمراض النفسية مثل باقي الأمراض يختلف علاجها من مريض إلى مريض فلا يصح التعميم بدون معرفة طبيعة المرض.
فيعود المريض ليسال الطبيب... يعني يا دكتور أنا مش حتعود على الدواء ده يعني مش هبقى مدمن على الدواء وما قدرش أستغني عنه... أصلي سمعت عن أدوية النفسية بتسبب إدمان؟!
فيرد الطبيب... أولا يجب أن تعرف معنى الإدمان والذي هو سوء استخدام مع تعاطي المادة وأنت في حالة الدواء تأخذ جرعات محددة علاجية تحت إشراف طبي ولمدة محددة وأنت نفسك لا تريد أخذه وتتساءل دائما متى يتوقف وبالتالي فلا طريق إلى الإدمان لأن الطبيب بعد ذلك يقرر سحبه بالتدريج ليس لأنك أصبحت مدمنا ولكن لإعطاء الفرصة للكيمياء الطبيعية في المخ والتي تم تصليحها بالدواء أن تأخذ وضعها في السيطرة على الحلة النفسية...
والدواء النفسي في مرحلة العلاج مثله مثل أي دواء يكون المريض معتمد عليه من أجل الاستفادة من تأثيره العلاجي فإذا تم الشفاء وانتفت حاجة المريض للدواء يعني مريض الحموضة يحتاج لمضاد الحموضة مثل تناول طعامه فهل أصبح مدمنا لدواء الحموضة... حتى إذا ما شفيت معدته وعادت لطبيعتها.... أصبح المريض قادرا على تناول وجباته بغير الدواء وهكذا أيضا مريض القلق مثلا يحتاج القرص المطمئن وهو في حالة مرضه بالقلق فإذا ما استقرت حالته انتفت حاجته للدواء ولا يسمى احتياجه للحبة أثناء المرض إدمانا طالما أنه يستخدمه كما وصف الطبيب ولا يتجاوز هذا الاستخدام.... ويخرج المريض وهو مقتنع.... وبعد دقائق يدق جرس التليفون في مكتب الطبيب ليجد المريض على الطرف الثاني... يا دكتور أنا عند الصيدلي اللي أول ما شاف الروشتة قال لي الدواء ده عشان إيه؟ دي أدوية نفسية بتسبب الإدمان... أنا أنصحك... إيه رأيك يا دكتور؟!!
واقرأ أيضاً:
كيف يعالج عقَّارٌ مادي معاناة نفسية؟ ××/ الأدوية النفسية كلها مخدرات تسبب الإدمان ××/ لا فائدة من العقاقير النفسية ××