أم الرشراش هي بلدة حدودية مصرية مع فلسطين. كانت تتمركز بها قوة شرطة قوامها 350 ضابط وجندي فيما مضى، ولإنهاء حرب 1948 وقّعت مصر وإسرائيل اتفاقية هدنة في رودس في يوم 24 فبراير 1949. في ليلة 10مارس 1949 قامت بعض العصابات اليهودية بقيادة إسحاق رابين -رئيس وزراء إسرائيل 1992-1995- بالهجوم على أم الرشراش في عملية بربرية اسمها "عوفيدا"، ولأن القوة المصرية كانت ملتزمة باتفاق الهدنة لم تطلق طلقةً واحدة، ولكن اليهود كسروا الاتفاق وقاموا بمذبحة قتل فيها جميع أفراد قوة الشرطة المصرية واحتلوا أم الرشراش وحولوها إلى ميناء إيلات الذي تأسس سنة 1952.
ومنطقة رأس خليج العقبة وبلدة أم الرشراش كانت تابعة للحكم المصري حتى عام 1892عندما أصدر السلطان العثماني عام 1892 مرسوماً يقضي بضم منطقة العقبة للأراضي الحجازية، وبقيت أم الرشراش ورأس النقب وطابا تحت الحكم المصري. لكن في عام 1906 وبسبب وجود مصر تحت الاحتلال البريطاني قامت القوات العثمانية باحتلال مثلث أم الرشراش ورأس النقب وطابا ووقعت أزمة عالمية وقتها قامت على إثرها بريطانيا بالضغط على استنابول وانسحبت القوات العثمانية وعادت أم الرشراش ورأس النقب وطابا لمصر. في سنة 1906 قام السلطان العثماني بإبرام اتفاقية مع القاهرة عرفت باتفاقية 1906 ونصت على أن تكون رأس النقب وطابا لمصر وأم الرشراش للحجاز.
مساحة أم الرشراش - إيلات حالياً - تبلغ 1500 كيلو مترمربع، وهي أكبر من مساحة هضبة الجولان - 1150 كيلو متر مربع- وقطاع غزة - 350 كيلو مترمربع-.
الدكتور صفيّ الدين أبو العز -رئيس الجمعية الجغرافية المصرية- يصف أم الرشراش كميناء رئيسي لمرور الحجاج، وكانت تحت الحكم المصري غير أنها سقطت في يد الصليبين أثناء الحروب الصليبية حتى حرّرها صلاح الدين الأيوبي وطرد الفرنجة منها، لكنهم عادوا من جديد ليتمكن السلطان الظاهر بيبرس من طردهم منها نهائياً عام 1267 ميلادية، وأقام السلطان الغوري عليها قلعة لحمايتها كميناء مهم لمصر.. وتعود تسميتها ب 'أم الرشراش' إلى إحدى القبائل العربية التي أطلقت عليها ذلك الاسم.
في مذكرات محمود رياض -أمين عام جامعة الدول العربية الأسبق- يشير لرواية رئيس الوزراء الأردني توفيق باشا أبو الهدى الذي أقرّ بها في مؤتمر رؤساء الحكومات العربية الذي عقد في يناير 1955 عندما قال: "عندما بدأت القوات اليهودية في تقدّمها جنوباً باتجاه خليج العقبة في مارس 1949 لاحتلال أم الرشراش، جاء الوزير المفوض البريطاني في عمّان ليقول له أن حكومته ترى ضرورة استمرار المواصلات البرية بين مصر وباقي الدول العربية وتقترح لذلك إرسال كتيبة بريطانية إلى مدينة العقبة لمنع اليهود من الوصول إلى الخليج، وفعلاً وصلت الكتيبة الانجليزية إلى ميناء العقبة الأردني على أن تتحرك في الوقت المناسب لوقف التقدم اليهودي إلا أنها ظلّت في ميناء العقبة دون أن تتحرك بينما استمرت القوات اليهودية في تقدمها لاحتلال أم الرشراش، وليكتشف بعد ذلك أن كلوب باشا -قائد القوات الأردنية الانجليزي- قد تواطأ مع العصابات اليهودية لاحتلال أم الرشراش بهدف الوصول إلى منفذ على البحر الأحمر".. انتهى.
ويقول المستشار حسن أحمد عمر أن مصر لم توقع أي اتفاق بخصوص أم الرشراش، وهذا يعني أن الباب مازال مفتوحاً أمام المطالبة بمثلث أم الرشراش، وأن التضليل الإسرائيلي بغرض إثبات حقها بمثلث أم الرشراش تسقطه نصوص الحكم الدولي الصادر لصالح مصر في مثلث طابا، حيث أهدرت تلك النصوص الدفع الإسرائيلي الذي يزعم بأن بريطانيا باعتبارها الدولة المنتدبة على مصر وفلسطين قد اعترفت صراحة في عام 1926 بأن الخط المحدد في اتفاق 1906 هوخط الحدود، وأن بريطانيا قد أكدت لمصر أن حدودها لن تتأثر بتجديد حدود فلسطين، ونظراً إلى سابقة الرجوع إلى اتفاق 1906 من جانب مصر وبريطانيا عام 1926، وفي غيبة من اتفاق صريح بين مصر وبريطانيا على تعيين حدود مصر وفلسطين فإن المحكمة في أثناء التحكيم في طابا رفضت هذا الدفع كلية وأكدت أن المحددات في اتفاق 1906 المستخدمة في التصريحات المصرية البريطانية وقتها لا يحملان معنى فنياً خالصاً، وإنما يشيران فقط إلى وصف خط الحدود دون الإشارة إلى ترسيم الحدود المنصوص عليها أيضاً صراحة في اتفاق سنة 1906، وهي السند التي كانت إسرائيل ترتكز على أنها الاتفاقية التي وضعت أم الرشراش ضمن أرض فلسطين.
في إطار سعيها لعقد صلح بين اليهود والعرب، اقترحت الولايات المتحدة في عهد كيندي-1961-1963 - والذي كانت تربطه علاقة طيبة بعبد الناصر- 1956-1970- إقامة جسر يمر فوق أم الرشراش ويربط بين المشرق والمغرب العربيين مقابل سقوط حق مصر في المطالبة بهذا المثلث الاستراتيجي، ووقتها رفض الرئيس جمال عبد الناصر هذا العرض وقال: كيف نستبدل أرضنا بجسر تنسفه إسرائيل في أي وقت ولأي سبب؟؟!!.
الجبهة الشعبية المصرية لاستعادة أم الرشراش، وهي منظمة مصرية تأسست قبل 15 عاماً، وتضم مجموعة من الباحثين والحقوقيين وأساتذة قانون دولي وجغرافيين جميعهم يؤكدون على أحقية مصر في مثلث أم الرشراش، وقد طالب الرئيس مبارك الإسرائيليين في عام 1985 بالتفاوض حول أم الرشراش التي تؤكد جامعة الدول العربية بالوثائق أنها أرض مصرية، وفي سنة 1996 أعلن الرئيس مبارك أن أم الرشراش مصرية_ كما كتبت نشوى الديب في جريدة العربي المصرية.
من حق مصر الآن -بناءً على تلك الحقائق- أن تثير موضوع أم الرشراش، خاصةً وأنها جزء من الأراضي المصرية وليست أرضاً فلسطينية استباحت إسرائيل احتلالها. ولا يوجد بند في اتفاقية السلام مع إسرائيل يمنع مصر من حقها بالمطالبة بأم الرشراش، ولذلك نرى أنه من المناسب أن تفتح الحكومة المصرية ملف أم الرشراش والتفاوض مع إسرائيل لاستردادها، وإذا لم يجدي التفاوض نفعاً يمكن لنا اللجؤ إلى محكمة العدل الدولية للمطالبة بحقنا في استرداد مثلث أم الرشراش ولا سيما أن عدد سكان إيلات الآن 57 ألف نسمة ومن المحتمل أن يزداد في المستقبل والحل الآن دائماً أسهل من الحل في المستقبل!.
ومن الممكن كبادرة لحسن نوايا مصر أن نسمح في ما بعد بمرور البضائع الإسرائيلية من خلال ميناء أم الرشراش.
اقرأ أيضاً:
فكر يهودي يهاجم اليهود واليهودية / جيـش نصف الشعـب / الحقائق الكاذبة / فلنفاوض ولنقاوم / نهاية إسرائيل الخطة دَاِليت / تآكل المقدرة القتالية لـ’’العجل الذهبي‘‘ / الجيش الإسرائيلي و’’الأعراض الفيتنامية‘‘