ما الذي يُمكن أن تكون عليه (تسيبي ليفني) المكلفة بتشكيل الحكومة الجديدة في الكيان الصهيوني، إذا كان والدها رئيساً لعمليات منظمة "أرغون" الصهيونية المعروفة بإرهابها وإجرامها ضد الفلسطينيين، في مرحلة ما قبل نكبة العام 1948؟
(ليفني) امرأة (الموساد)، المروجة لـ"إسرائيل الكبرى"، وخارطتها محفورة على قبر أبيها، يُمكن أن تكون أسوأ ممن سبقها من مجرمي الحرب في الكيان الصهيوني، لكن الرهان على إمكان أن تكون "أقل إجراماً" قد يُسقط المراهن، أينما كان، في السلطة أم في عواصم عربية، في المصيدة نفسها التي وقع فيها من راهن على سواها، منذ أن كان هذا الكيان إلى الآن.
سجل (ليفني) "الموسادي" كما سجلها في استيعاب المستوطنين الذين يُستجلبون من الخارج لزرعهم غُدداً سرطانية في الأرض الفلسطينية، عوضاً عن انتمائها المعلن إلى اليمين المتطرف، هذا كله يؤشر إلى مرحلة تصعيدية من قبل العدو، أياً كان شكل ونوع الحكومة الجديدة، أو حتى لو ذهبت الأمور إلى انتخابات مبكرة، كما يدعو (بنيامين نتنياهو)، وكما تلوّح (ليفني) كأحد خياراتها.
يبقى أن المعضلة المفصلية الفعلية تكمن في "التشرذم الفلسطيني"، وهذه المناكفات المتواصلة بين "حماس" و"فتح" والتي تنعكس تشظياً بين الضفة وغزة وداخلهما، في وقت يُعدّ فيه العدو العدّة لمزيد من الإرهاب، وفي وقت صارت فيه أحاديث "التسوية" مجرد أكاذيب لم تعُد تنطلي على أحد.
يرحل (أيهود أولمرت)، ويرحل معـه ما كان من لقاءات ومسـاومات ومشـاريع تفاهمات وتسـويات، كما كان الحال مع سـواه، من (إسـحاق رابين) إلى (شـيمون بيريز) إلى (بنيامين نتنياهو) إلى (إيهود باراك)، إلى (آرييل شـارون)، لتأتي الآن (تسـيبي ليفني) مع عودة جديدة إلى الصفر، وهذه حلقـة في سـلسـلـة متصلـة من الخداع والرياء والاحتيال التي يبرع بها هذا العدو إلى أن يتمكن من إنهاء كل أمل فلسـطيني في دولـة عاصمتها القدس الشـريف.
وقد آن الأوان للقيادة الفلسـطينيـة كي تعي خطورة هذا القفز من مسئول صهيوني إلى آخر، فيما القضيـة الفلسـطينيـة والحق الفلسـطيني، والوطن الفلسـطيني تذوي بفعل "أسـيد" المفاوضات غير السـويـة التي تجرى مع الاحتلال، وما يتخللها من تنازلات وتراجعات، وهذا كلـه بضغط أمريكي و"وعودٍ" أمريكيـة لا يُنفذ منها سـوى ما يدعم الإرهاب الصهيوني ويُوفر لـه الحمايـة.
المراجعـة الفلسـطينيـة مطلوبـة بإلحاح، وتسـريعها واجب خروجاً من المسـتنقع الذي اسـتُدرج الجميع إليه منذ "أوسـلو" حتى الآن، ولم يعُد جائزاً بالمرة أن تكون هناك مفاوضات في مكان وحصار وعقوبات وإرهاب واسـتيطان في كل مكان.
و"انتهاء" (أولمرت) وقُرب رحيل (بوش) مناسبة يجب استغلالها لمصلحة فلسطين وشعب فلسطين أولاً وأخيراً.
اقرأ أيضاً:
غولدا مائير الثانية!!/ الشخصية الصهيونية وحتمية الصراع/ سيكولوجية الصهيونية في حكايات المهدي(4)/ الصهيونية بإيجاز(3)