أرسل المهندس حسين حسن محمود من مصر يقول:
مصر كلها الآن محبطة كيف الجزائر؟
نجح أعداء الأمة في نقل معاركها من الشرق إلى الغرب
ألست معي يا دكتور تحس بالغصة؛
ألم ينجح أعداء الأمة ــ العدو الصريح والعدو الخفي من بني جلدتنا ــ في نقل معارك الأمة في هذه الأيام المباركة من المشرق إلى مغرب الأمة ليغفل أبناء الأمة حتى عن الدعاء في هذه الأيام المباركة عسى أن يعيد الله الأمة إلى رشدها ويردها ردا جميلا إلى دينها فترفع لواء الجهاد لتحرير مقدساتها واسترداد بعضا من كرامتها التي أهدرت بتخليها عن هويتها الإسلامية وعن قضيتها الكبرى؟
هل جيش الإعلام جيوشه في حرب غزة كما جيشها الآن ضد الجزائر التي لا يشك أحد أنها أساءت لنا؟ لم يقتل منا أحد كما قتل أبناؤنا في العريش وكما قتل إخواننا ــ بنص القرآن، إنما المؤمنون إخوة ــ في غزة
أقول لإعلامنا (دعوها فإنها منتنة).
22/11/2009
* تعليق الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي:
الأخ الفاضل مهندس "حسين حسن محمود" أحس فعلا بالغصة.. ولكن منذ زمن بعيد ربما منذ ما يزيد على عقد من الزمان... ولا أظن مشكلة الأمة هي ابتعادها عن الدين أو تخليها عن هويتها الإسلامية... فالأمة "أي ما يزيد على مليار ونصف كائن بشري يدينون بالإسلام" كلهم تقريبا يحسب أنه يطبق الإسلام مع اختلاف مستويات التطبيق... فمنهم من يطبق كل ما يراه صالحا من الإسلام كما وصله وهو عن فهم صحيح الدين بعيد، ومنهم من يظن أنه يطبق الإسلام كله وهو أيضًا عن صحيح الدين بعيد.. الخلاصة أن أحدا لم يتخلى عن الإسلام فالإسلام ضائع أصلا وغائب عن أفهامنا قبل أن يغيب عن حياتنا.
وكذلك لا أحد تخلى عن هويته.. بل إن من المؤسف أن أغلب المليار ونصف مسلم هؤلاء لم يدرك أن له هوية خاصة أصلا ليتخلى عنها!... أتمنى أن تنتبه إلى أن الغفلة أعم بكثير مما نعتقد، ولسنا -ولا أخص المصريين هنا- إطلاقا في وضع من لو صلح أداء الإعلام صلحوا..... بمعنى أن الإعلام حتى لو وجّه في الاتجاه الصحيح فإن أحدا لا يصلح للعمل...... إنتاجنا وهو الإنسان فاسد مع شديد الأسف!
من المحيط إلى الخليج لا أرى من الأفراد من يشكلون في تقديري تلك "الأمة" التي تستحق أن يعيدها الله إلى رشدها ويردها ردا جميلا لدينها.... الله صاحب الفضل يعطيه من يشاء لكننا لا نستحق ذلك ولا نحن حتى مدركون لاحتياجاتنا الحقيقية لنعرف ماذا نسأل ربنا، والمسافة ما تزال شاسعة بين ما يقدمه الخطاب الديني الشائع وما يحتاجه الناس لحل مشكلاتهم التي أصبحت تتعلق بكل جوانب حياتهم تقريبا.... ومع الأسف ينشغل الفقهاء أكثر ما ينشغلون بالتضييق على الناس... أو لعلهم يُراد لهم ذلك فيسقطون في الفخ ويستمرئون السقوط جهلا أو كسلا أو إيثارا للسلامة!
وليس عندنا من عدة بشرية للجهاد في سبيل الله........... الوحدة الأساسية للجهاد غير متوفرة يا عزيزي ولا تحسبن آلافا أو حتى مئاتٍ ممن يتظاهرون في أي من ربوع الأمة صالحين للجهاد الحق إذا دعا له الداعي فقد شاع فينا حب الدنيا وشاع فينا الجهل وما أشبه حالنا بما وصفه المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنكم على تقية من ربكم ما لم تظهر فيكم سكرتان: سكرة الجهل وسكرة حب العيش وأنتم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتجاهدون في سبيل الله فإذا ظهر فيكم حب الدنيا فلا تأمرون بالمعروف ولا تنهون عن المنكر ولا تجاهدون في سبيل الله القائلون يومئذ بالكتاب والسنة كالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار". رواه البزار ِ......
الإعلام في بلادنا إن لم يقدْه الشيطان فلا قائد له.... وفي حالة الحرب على غزة -بموافقة ضمنية من مصر- لزم التكتم إعلاميا على كثير من حراك الأمة في نصرة غزة وكانت خطوات الإعلام محسوبة ومدروسة وتتبع نظاما يضع لها الخطوط الحمر..... ولكن في حال أزمة بين بلدين عربيين كلاهما خارج دول المواجهة المباشرة مع إسرائيل...(باعتبار مصر دولة تأمن لها إسرائيل تماما) في مثل هذه الحالة فإن المسألة تترك للصغار دون توجيه مباشر من الكبار، والصغار في هذه الحالة (علاقة مصر والجزائر) هم كبار الإعلاميين في البلدين وساسة البلدين..... وبالتالي فإن الأمور التي ستحصل تعبر في مجملها عن أفراد يتصرفون طبقا لمصالحهم الشخصية وبدون لا خطوات محسوبة ولا مدروسة وبلا أي نظام ولا أي خطوط حمر لأن كل الحاصل بالنسبة للكبار هو لعب عيال! شعوب عربية وعلاقتها ببعضها البعض مسألة تعرف إسرائيل جيدا أن تركها للصغار لن يضرها إن لم يُفدها وبالتالي تترك لهؤلاء، وإذا تخيلنا أن صناع القرار الإعلامي اليوم في مصر -على الأقل- هم من الجيل الذي تلقى جزءا كبيرا على الأقل من تعليمه في سنوات مصر الثلاثين الماضية فإننا نستطيع تخمين مقدار الضعف والخلل المتوفر بدون أي شك في صانع القرار الإعلامي!، والرياضي وغيرهم ناهيك عن فساد القرار السياسي!
تقول أفلحوا في نقل معاركنا إلى داخل الأمة، قد يصدق ذلك إذا كنت تقصد شعبي مصر والجزائر أي مصر الشعبية والجزائر الشعبية، فقد حدثت فعلا معارك بين الشعبين ولكن أؤكد لك أن لدينا من الخيبة ما يكفي لنصنع معارك بين شعبين عربيين صناعة محلية تماما وبغير تأثيرات خارجية، أي أن أحدا لم ينقل المعركة.
ومن المهم أن تعرف كذلك أن مصر الرسمية تتحرك الآن خارج الأمة ولا علاقة لها بالأمة إلا أن تكون قائدةً للانبطاح والرضا بما يسمح به السيد الأمريكي ولا يغضب الأصدقاء في إسرائيل... مصر تحاول ثني أي صاحب همةٍ أو مقاوم للمشروع الإسرائيلي الأمريكي في المنطقة وتاريخ ممارستها للضغط على غزة لخنق حركة حماس واضح لكل ذي عقل...
مصر وبعد اشتراكها في حصار غزة منذ أكثر من أربع سنوات، الآن تحوم حولها معلومات عن جدار فولاذي قالت صحف ووكالات أنباء أجنبية أن مصر تقيمه على الشريط الحدودي بينها وبين غزة في إطار جهودها لمنع دخول البضائع عبر الأنفاق إلى القطاع، ومعروفة حكاية الأنفاق التي يحفرها أهل غزة واتفاق مصر مع أصدقائها على ضرورة الحيلولة دونها ليحكم الحصار على أهلنا في فلسطين.. وها هي الآن تشارك بالجدار الفولاذي الذي سيغوص في باطن الأرض لعمق قرابة 30 مترًا حتى لا يستطيع الغزاويون حفر أنفاقهم.. وحالة التضارب في أخبار هذا الموضوع وضحها الأستاذ محمد عبد العال في مقاله: بالفولاذ!! هل يُخنق الفلسطينيون بأيدي مصرية؟.
ولأن هذا هو السبيل الوحيد الباقي والسبيل الأوحد لسد كل الأنفاق لكي تفي مصر بالتزاماتها بمنع تهريب المساعدات لغزة عبر الأنفاق.. ولأن رصيد مصر الرسمية في حصار غزة راسخ.... إذن أظن الأحمق يفهم صدق هذه الأخبار لأن حماس الآن استعصت أكثر من اللازم أو من الذي اعتادته إسرائيل مع الفلسطينيين... للأسف هذه بلدي وهي تمثل أكثر من 80 مليون من العرب والمسلمين لكنهم عاجزون/معجزون عن الفعل!
الأخ الفاضل مهندس "حسين حسن محمود" أحس فعلا بالغصة.. وأقول آسفا أن إعلاميينا الذين تقول لهم: (دعوها فإنها منتنة).... هؤلاء (على الأقل في مصر) قد لا يجدون في نفوسهم شيئا يفخرون به غير المفاخر القومية المنتنة هذي للأسف! فعندنا أجيال من الإعلاميين أكثرهم لم يجد أحدا يهتم بإعداده وتبصيره بانتماءات إسلامية وإنما تركوا نهبا للظروف، فأصبحت انتماءاتهم ومفاخرهم قومية جاهلية ضيقة وصفها سيد الخلق بأنها منتنة! كما ورد في حديث البخاري أن: (رجلان من المهاجرين والأنصار تشاجرا فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ يَا لَلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "مَا بَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ"؟ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ"... فذكر النسب أو الوطن على سبيل الافتخار والتكبر على الآخر هو من دعاوى الجاهلية التي أبطلها الإسلام، هذا صحيح ولكن ما رأيك في أننا لم نعلمهم غير هذه المنتنة؟ وكل المناخ حولهم كذلك... أسأل الله أن يهدينا سبيل الرشاد.
واقرأ أيضاً:
مصر كلها الآن محبطة كيف الجزائر؟/ اعترافاتي الشخصية: مصر لما بتفرح/ هزمنا جميعا قبل أن تبدأ المباراة/ مصر كلها الآن ترقص كيف الجزائر؟/ قبل أن يختلط الحابل بالنابل/ لا مصر ولا الجزائر يستحقان...