بيان صادر عن مؤسسة القدس الدوليّة تعقيًبا على اقتحام المسجد الأقصى وإغلاقه في 28/2/2010
في صباح يوم الأحد 28/2/2010 اقتحمت قوّةٌ من جنود الاحتلال قُدّرت بـ300 عنصر المسجد الأقصى المبارك بصحبة أكثر من 500 من المستوطنين المتطرفين من دولة الاحتلال ومن خارجها وهاجمت المصلين الذين كانوا يُرابطون في المسجد الأقصى منذ الليلة السابقة، وأغلقت أبواب الجامع القبلي عليهم، وبعد ذلك أغلقت قوات الاحتلال جميع أبواب المسجد الأقصى المبارك باستثناء باب المغاربة الذي تُسيطر عليه، ومنعت المصلين من الدخول إلى المسجد منعًا باتّاً. فيما جال المستوطنون في ساحات المسجد وأدوا طقوس صلاةٍ يهوديّة وقطع بعضهم أسلاك الكهرباء لمنع المآذن من دعوة المقدسيين للدفاع عن المسجد الأقصى. وبعد أن أنهى المستوطنون جولتهم وصلاتهم انسحبوا بحماية جنود الاحتلال وفُتحت أبواب المسجد للمصلين الذين تزيد أعمارهم عن 50 سنة فقط.
ويهمّنا في مؤسسة القدس الدوليّة أن نوضح مجموعةً من القضايا المتعلقة بهذا الاقتحام والتغطية الإعلاميّة التي صاحبته:
1. إنّ هذه هي المرّة الأولى منذ احتلال شرقيّ القدس عام 1967، التي يُغلق فيها الاحتلال أبواب المسجد الأقصى بشكلٍ كاملٍ أمام المصلين، فيما يفتحها أمام المتطرفين اليهود، ما يعني أنّ المتطرفين اليهود وجنود الاحتلال كانوا يتجولون وحيدين في باحات الأقصى دون رقيب طوال فترة الاقتحام للمرّة الأولى في تاريخ المسجد منذ الاحتلال.
2. إنّ الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى تهدف إلى بناء تجربةٍ تراكميّة لدى الاحتلال وجنوده ومستوطنيه للتمكن من مواجهة كافة الاحتمالات والتكيّف مع أيّ طارئٍ عند فرض تقسيم المسجد بشكلٍ فعليّ. وهذا الاقتحام تحديدًا مثّل اختبارًا لقدرة الاحتلال على تفريغ ساحات المسجد الأقصى من المصلين بشكلٍ كاملٍ وفتحها أمام المتطرفين اليهود حصرًا مع فرض حصارٍ كاملٍ على المسجد يمنع دخول أيّ من المصلّين إليه من أيّ جهةٍ كانت..
3. لم يعد موقف السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة في منع المظاهرات وقمع المقاومة في الضفّة الغربيّة مجرّد تكتيكٍ تفاوضيّ أو جزءٍ من معادلة تصفية الحسابات الداخليّة، بل تجاوز ذلك ليُصبح مسهلاً ومساعدًا للاحتلال في إجراءات تهويد المسجد الأقصى وسائر المقدسات في فلسطين .
4. إنّ ردود الفعل العربيّة والإسلاميّة المتواضعة على المستويين الرسميّ والشعبيّ، يُشجّعان الاحتلال على تسريع إجراءات التهويد في القدس والمسجد الأقصى مستغلاً حالة السكون غير المسبوق التي تواجه بها أفعاله، ولا يُمكن في ظلّ الوضع الحاليّ للفعاليّات الشعبيّة العربيّة أن تنتظر تحرّك الداخل الفلسطينيّ لتلحق به، وإنّما يجب أن تأخذ زمام المبادرة في مواجهة استهداف المسجد الأقصى.
5. إنّ إصرار الإعلام على التفريق بين "المسجد الأقصى" و"الحرم القدسيّ"، وكأنهما كيانان منفصلان، لا أساس تاريخيّ أو دينيّ له، فلا وجود لكيان اسمه "الحرم القدسيّ" منفصلٌ عن المسجد الأقصى، وإنّما المسجد الأقصى هو كلّ ما دار عليه السور ويشمل المسجد القبلي ذا القبّة الرصاصيّة، وقبة الصخرة والمصليات والمدارس والسبل والبوائك والساحات بمساحة 144 دونمًا، وما يُشير إليه الإعلام على أنّه المسجد الأقصى اسمه الصحيح هو المسجد القبليّ ومساحته لا تتجاوز 4% من مساحة المسجد الأقصى المبارك. وهذا التمييز وإن كان غير مقصودٍ فهو يُسهم في تبريد الموقف وتهوين أمر الاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك، ويُساعد الاحتلال في تبرير اعتداءاته، حيث أنّ حجتهم الأولى والدائمة هي أنّ الجنود لم يدخلوا قبة الصخرة أو المسجد القبلي ذا القبة الرصاصية "المسمى خطأً المسجد الأقصى"، وإنّما دخلوا الساحات وليس في ذلك تدنيس للمسجد وحرمته حسب زعمهم.
وإنّنا في مؤسسة القدس الدوليّة نؤكّد أنّ الاحتلال بات يعتبر العام 2010 عام حسم مصير القدس، وسُنعلن في منتصف الشهر الحاليّ عن التحركات المتوقعة للاحتلال في القدس على مختلف الجبهات؛ الدينيّة والثقافيّة والسكانيّة علاوةً على الصراع على الأرض، ونحن ندعو جماهير الأمّة العربيّة والإسلاميّة لاستلهام الدروس من المرابطين في ساحات القدس والخليل، ليُساهموا بشكلٍ حقيقيّ وفعال في حماية المقدسات من خلال هبّاتٍ تصاعديّةٍ لا موسميّة، وليسهموا في تثبيت المقدسيّين على أرضهم من خلال دعمٍ ملموسٍ على نطاقٍ واسع، فلن يوقف مخططات الاحتلال في القدس وتصعيد استهدافه لمقدساتها سوى موقفٍ سياسيٍّ رسميّ حازم، أو تحرّكٍ شعبيٍّ واسع في الضفّة الغربيّة المحتلّة خاصّةً وفي العالم العربيّ والإسلاميّ عمومًا.
واقرأ أيضاً:
أكذوبة الأكاذيب وحقيقة الحقائق!!!