مهداة إلى خالد أمين ونانسي إبراهيم
في البداية..
خطف المغربيُّ قلبي
ورماهُ في إناءٍ الفضُّة
والآن...
في التوَّ واللحظْة
أخذت المغربُ قلبي
ورمتهُ في بحر طنجة
وبحرُ طنجة بحران
المتوسط ُ والأطلسيُّ
وفى البعد تبدو سبته
ومليلة وغزُّة،
الكلُ في واحد،
الكلُ في قبضة
***
قلبي يسيلُ في أنبوب الغاز
في الرمل مدفونٌ
خلف ظهر الثورة
في البدءِ
كان ينيرُ مكاتب الموساد والمستوطنات
والمزارع المنهوبة في حيفا
يشًّغلُ السلاح
والنار
واللهب المقذوف
على بيروت
يمزقُ في بحر البقرْ
وجهَ طفلة
قلبي في العراق
ينشقًّ نهران
الفرات ودجلة
ومع الاحتلال يتشظىَّ
دماً وعظماً ومتاحف مسروقة
ومساجدَ مُنتهكة
ببغداد والبصرة
وفى الشام دبابةٌ، ومدرّعة
غازُ، مسيلٌ، وقنبلة
على درعا
ينحط ُّ في أرض بلقيسَ بسبأ
في صنعا
وعدَن وإجدابيا
يسقط ُ ذعراً خبراً
في البحريْن
يُبَّثٌ ملوناً من دٌبي ُّ والدوحة
أنظرُ خلفي وأمضى
أجدُني توزّعتُ وتمزّقتُ
تفرّقتُ وتمرغتُ
في تراب الغربة مرات
وفى بلاد الشمال مَرّة
بويلز ولندن،
وأيرلندا
نائمٌ، على سريري
على جنبيَ الأيمْن
أطوفُ حول الميْدان
في التحريرِ والمنصورة
السويسُ والإسكندرية
بحثاً
عن الحجر العثرْة
***
ونهرُ النيلِ نهرْان
الأبيضَ والأزرقْ
ينشقان، يلتئمانِ
يختلفان عند المنبعْ
في الحبَشة ..
يمرّ مارداً نحو أسوان
والقاهرة
ينشق في الدلتا
ذاهباً إلى دمياط ورشيد
تتجمع فيه أشلاءُ أوزوريس
تفيضُ به عيون إيزيس
وتندملُ جروحُ الأولادِ
تتوكأ على عصا الجدّة
وتحملُ المراكب البنات على ظهورها
يغنّون للحبِ والبلادِ
والعزّة
***
"ضاقت أحذيتُنا
على أقدامنا الكبيرة
فكانت لنا كلنا وثبة
***
تتراكمُ بين الضلوع
والأحشاءِ
تتمركزُ إحساساً عنيفاً
تدورُ كالدوامة، كالنحلة
تمتدُّ من مُنتصف الصدرِ
حتى السُرًّة
تسرى في الأذرعِ
والرجلين
وتستقرُّ في العوْرة
كالبحرِ الممتدِّ
كقوسِ قُزُح
كالحزنِ، كالبهجة
تتبلورُ، تنصهرُ، تندمجُ
تختصرُ نفسها ذرّة
في أنفاسِ الثوّار
في الصوتِ المبحوحِ
لأرملةٍ وثكلي
***
غُصتُ، تَعمًّقتُ، تعملقتُ ..
وزحفتُ
كالسهمِ مُندفعاً
في عمقِ بحرِ طنجة
وبحرُ طنجةَ بحريْن
الأطلسيُّ والمتوسط
ممتدّاً
عبر الجزائرِ، إلى تونس الخضرا
وأجدُ قلبي مُوزَّعاً
بين أفواهِ السمك
قطعة ً قطعة
ألمٌّه بيدي
بأناملي
أُكوّنهُ جديداً
يحملُ فكرة
أنتزعهُ من دمائِه
من جدرانِ إناءِ الفَضّة
أحملهُ على ظهري
كسيزيف
مُتحولاً صخرة
تتوهجُ إحساساً
تغنى، تشقشق
كالبلبلِ الصدّاحِ
بنبرْة
حسبتُها جديدة
لكنها أتت من دهاليزِ التاريخِ
من يوم ازديادي
مولدي
في عام النكبْة
يأخذُ قلبي الجديدْ
جسَدَ البوعزيزي
يتشكلُ بأعلام الدول الحُرًّة
إذن، فعلى جسدي القديم
أن يتحمًّلْ
أن يتوَجًّهْ
مُجدًّداً
نحوَ عيون اليتيماتِ الجميلاتِ
لتأخذ عينايَ
موقعاً آخر
لتحديدِ البؤرة
طنجة ـ المغرب ـ 3 يونيو 2011
واقرأ أيضا:
شادي عبد الموجود/ قـُبَّعة الخواجة / البغل والعربجي.. والعربة الكارو..! (2)