أجد الكثير من المربيين في هذه الأيام من أحبابي أو أقاربي أو من يزور عيادتي، يعتمد في تربيته على:
المدح الزائد للطفل وإعطاءه شهادات في......
في البطولة والشجاعة (أنت بطل، الفاتح، القائد)
في الذكاء (عبقرررري، المخترع)
في التميز عموما (عظيييييم، أنت مذهل واووووووو!!!)
وبشكل مستمر وقد يكون يومي أو ساعي!!!!!!
وفي المقابل تأتي أوقات يتعرض هذا الطفل البطل العبقري العظيم إلى توبيخ وإساءة مهينة للغاية وقدح وضرب من نفس الشخص المربي (الفاضل).....
(يا غبي، يا حيوان، يا تافه، يا كذا يا مذا، يا؟؟؟؟؟؟!)
طبعا يريد (تربيته)!!!!!!!!؟
ثم يكمل هذا الطفل (العبقري /الغبي، العظيم / الحيوان) برنامجه (التربوي) المميز مع الوالدين مع من يمثلهما من معلمين في المدرسة وبنفس الطريقة:
شهادات مدح عظيمة للشخصية وتضخيم ونفخ لها!!، يقابلها إهانات قدح فظيعة للشخصية وتحطيم وتنفيس لها!!...
"تعبئة شخصية الطفل ونفخها ثم تفريغها وإهانتها وتقريعها"
بمثل تلك الطريقة (التربوية):
كيف تتوقع أن يصبح انطباع الطفل عن نفسه والآخرين والدنيا من حوله حاليا ومستقبلا؟!
والجواب الواقعي: غالبا سيكبر الطفل وفي داخله تناقض وصراع ويتساءل دوما:
هل أنا بطل أم حيوان؟!
هل أنا عبقري أم غبي؟!
هل أنا عظيم أم تافه؟!
ربما يجد هذا الطفل حلا أو جوابا لهذه الأسئلة أو حلا لهذا الصراع كما يلي:
(نعم أنا عظيم وبطل وقائد وعبقري وموهوب ومميز وحلال المشاكل والرسام الماهر والطبيب الفذ والعالم العلّامة الفهيم الفهّامة والمخترع و و و و و ..............
ولكن لمّا يكتشفوني بعد أولئك
.
.
.
.
الحيوانات ... الأغبياء ... التافهين من بني البشر ...)
عبارات كثيرا ما نسمع ما يماثلها في المعنى أو المبنى من شباب صغار أو كبار عاشوا معنا أو رافقناهم وفيهم الكثير من الإحباط والصراعات المزروعة في الصغر والمستمرة إلى الكبر ما بين واقعهم البائس وما توقعوه من خلال كلام مربيهم.
توجيهات عملية:
1- امدح ما يقوم به الطفل من أعمال مهما كانت بسيطة فهذا من التقدير لشخصه ، ولا تعطه شهادات مدح لشخصه إلا في فترات متباعدة وعند المناسبات الضخمة كحفلة التخرج من المدرسة.
مثال: ما رسمته حلو كتير، ما شاالله أشجار ونهر وجبل، أنا سعيد برسمتك هذه سأعلقها في صدر البيت كي يراها أصدقائي.
هذا تصرف تربوي صحيح، ولا تفعل التالي كأسطوانة تكرر: أنت رسّام عظيم... فذّ.. أنت فخرنا وفخر هذا الوطن!!!
2- إلى الذين يعانوا من هذه الصراعات والقلق والكآبة ما بين الواقع والتوقع.
راجعوا مقالة لي عن الواقع والتوقع أو صديق صدوق ناصح "مرآة" أو أقرب عيادة نفسية...
سلّمكم الله تعالى... دمتم بعافية وأطفالكم من تلك الصراعات....
ملاحظة: هذه المقالة وجدتها ضرورية لما قرأت عن أحد الإخوة من الثوّار واصفا واقع بلدي وكثرة القادة والمتزعمين والمتسلقين والعظماء المنتفخين فيها!!!!!
واقرأ أيضاً:
رسالة من مُتَحَرِّش!!/ ألم تشتاق لتلك الأحضان الحانيات/ الصخرة، بيروت، التوحد، الوحدة وأنا/ من عجائب الصدقة/ أحلام طبيب نفسي2