غالباً في معظم ما نشاهده اليوم من برامج نجد المذيعة وقد شمرت عن ساعديها ورفعت حاحبيها؛ وأظهرت بؤبؤ عينيها لتوجه الكلام لمن يشاهدها بمجموعة من الجمل التي تحث المرأة على الرفض والتمرد؛ وتوجهها إلى العناد والتحدي؛ والرفض، وترسم في أذهان المرأة أن حقها مهضوم، وأنها مغلوبة على أمرها؛ وبالتالي عليها أن تثور على المنزل والزوج والأبناء.
والأمر لا يقتصر على مذيعة واحدة فحسب بل عدد من المذيعات؛ وقد نجد في برنامج واحد تتجمع 3 أو 4 مذيعات؛ ليخرجوا علينا بمصطلحات الـ strong woman؛ والـ 4G؛ والـ independent woman وجميع الحوارات والعبارات التي تجرد المرأة تدريجياً من طبيعتها وأنوثتها؛ وتجعلها تركز في أمور تنسيها جوهرها الرومانسي؛ وتصبح ناقمة على حياتها.
وفي الحقيقة لا أعلم ما هو الدور المنوط بالمذيعة ولماذا تخرج علينا من شاشات التلفزيون إلى منازلنا لتتحدث في أمور تحتاج إلى مختص لكي يتحدث فيها بشكل علمي؛ ويوجه الناس بطريقة مدروسة؛ ويجيب على الاستشارات من واقع دراسته الأكاديمية وخبراته العملية في ميدان الإرشاد الأسري؛ والإرشاد الزواجي. فما نراه حالياً من المذيعات لا يتخطى كونه آراءً شخصية؛ محملة بخبرات حياتية أسرية زواجية سيئة وتعبر عن سوء التوافق.
فما ذنب المشاهدات والمشاهدين في أن تنقلب حياتهم رأساً على عقب بسبب آراء مذيعات لديهم تاريخ زواجي وأسري ملبد بالمشكلات ويحمل درجة عالية من سوء التوافق.
يجب التوضيح بأن التوافق بين الزوجين والحكم على نجاح أو فشل العلاقة وتوافقها أو سوء توافقها لا يمكن أن يكون حكما من الخارج بل من خلال الزوجين أنفسهم؛ فإذا كنت ترى أن هناك رجلا على سبيل المثال ينهر زوجته أمام الآخرين وهي تستجيب بالصمت والطاعة بشكل يستفز الناظرين؛ أو زوجة تحرك زوجها بالنظرات وهو يستجيب لها في خضوع للدرجة التي يشمئز منها المشاهدين للموقف.
فهذا لا يعني على الإطلاق أن هذه العلاقة فاشلة أو تحمل سوء التوافق.
وأيضاً على الجانب الآخر أن الابتسام والضحكات وكلمات الرومانسية والتعامل الراقي بين الزوجين أمام الآخرين لا يعني على الإطلاق أن هذه العلاقة ناجحة أو تحمل درجة مرتفعة من التوافق. فإذا ما رضي الزوجان عن طبيعة العلاقة بينهما ولم يشكو أحدهما من علاقته بالآخر فالأفضل أن نتركهما وشأنهما ما دام كل طرف منهما راضياً عن علاقته بشريكه بالوضع الذي هو عليه؛ وراضياً عن حياته كما هي.
أما ما تقوم به بعض المذيعات فإنه يحول بالفعل البيوت إلى ساحة حرب؛ ويجعل المرأة كأنها في معركة يجب أن تفوز بها.
بالتأكيد هناك حاجة لأن تحصل المرأة على حقها بخاصةً أن هناك عددا كبيرا من الزوجات مسلوبات الحق؛ وتمارسن أدوارا أكبر من قدراتهن وتنتهك قواهن البدنية والنفسية؛ مع أزواج ليس لهم دور حقيقي في الأسرة؛ ولكن طريقة التدخل يجب أن تكون بنائية وتأهيلية وليست تدميرية فنسب الطلاق أصبحت مرتفعة بشكل مبالغ فيه؛ والأمر يحتاج إلى دراسة الأسباب؛ وتقديم الحلول.
والمقبلون على الزواج والمتزوجون في حاجة إلى برامج توعية؛ وبرامج إرشاد نفسي زواجي.
الحقيقة أن الحياة الزوجية والعلاقات الأسرية أعمق بمراحل؛ وأسمى بكثير من هذا التناول السطحي الذي يتم بشكل يسبب خراب البيوت؛ العلاقات الأسرية هي أساس بناء المجتمع وجوهره ويجب العمل على استقرارها قدر الإمكان ليخرج من رحم هذه العلاقة نماذج من الأبناء تحمل القدر الأكبر من السواء؛ ولديهم القدرة على بناء علاقات متوافقة مع الآخرين؛ وقادرة على بناء أسر جديدة تنهض بالمجتمع.
وإلى لقاء آخر بإذن الله.
مع أرق تحياتي
واقرأ أيضًا:
الأطفال والاكتئاب / أنا والآخر / تأثير الألوان في الإنسان هل ثابت ويمكن تعميمه؟! / الإسعافات الأولية لنوبات الصرْع الجزئية المركبة