تعني الضغوط مواجهة أمر أكبر من قدراتنا العادية ولن أتحدث عن مصادر الضغوط التي تتراوح من البسيط مثل تدبير اقتصاد الأسرة إلى واحد من أقسى وأبشع الضغوط وهو الحرب, والتي يرى البعض أنها أكثر ضررا من باقي ما يصنف ضمن الأزمات أو الصدماتTrauma مثل الكوارث الطبيعية حيث يسهل هناك تقبل مفهوم الحادث Accident بينما لا تصنف ويلات الحروب كحوادث.
يشمل التعريف بعض الجوانب الأساسية في مفهوم الضغوط الأول هو أنك بلا خيارات فأنت مضطر لهذه المواجهة فالضغوط تفرض عليك التعامل مع مواقف ترفضها لكنك لا تستطيع الفكاك منها. والثاني أن طرق التعامل العادية لن تكون مفيدة لأنك أمام موقف غير عادي وبالتالي لن تنفع معه الطرق العادية في التعامل Coping وهنا تبرز ضرورة تطوير قدرات أو مهارات لم تكن موجودة في السابق, وقد تبقى القدرات محدودة لفترة فتحت الضغط كثيرا ما يفقد الإنسان قدرته على الاستفادة مما لديه بالفعل من مهارات فما بالك بتطوير مهارات جديدة ولكن لأن الحياة تستمر مهما كان رفضنا أو ألمنا وضعفنا الحالي يبقى أمل أن يأتي يوم أفضل ولعله يكون غدا لذا يجب أن نحاول وأن نستمر فلو استسلمنا في منتصف الطريق نكون خسرنا كل الحرب بدل معركة واحدة.
قد يكون من أفضل وأغرب طرق المساعدة في التعامل مع الضغوط هو العطاء فالجلوس جانبا والدوران داخل حالة الخوف والضعف والحزن الطبيعية يزيدها ككرة الثلج تكبر مع كل دورة لها بينما تفريغها من خلال التشاغل عن الذات بالآخرين من حولك يهون عليك مصابك ومن هنا يقال أن العطاء أحد طرق التعامل مع الضغوط, في الحروب نحن بحاجة لمن يرعى الأيتام والنازحين والمصابين- قد تكون أحدهم- ويمسح دموعهم وستجف دموعك لو أنت تحركت فقط للقيام بمثل هذه المهمة البسيطة, هناك مفجعون وخائفون لو عملت على بث الشجاعة فيهم ستتأثر بكلماتك ذاتها وهي حالة يكون العطاء فيها متبادلا إذن أول وسيلة هي أنظر حولك ومد يدك.
خفف من معاناتك بأن تجعل لحياتك معنى بالعمل ورغم أن هذا مبدأ لعالم نفس وجودي من أصل يهودي إلا أن نصيحته فعالة وهي توجهك ثانية للعطاء, لم بقيت أنت دون أهلك الهالكين أو جيرانك لا تسمح لنفسك بالسقوط في دائرة الشعور بالذنب وجه نفسك لمزيد من العمل لأن دورك أكبر وأهم لا تستلم الآن فطالما أنت حي يبقى دائما هناك غد ابدأ من اليوم في بنائه, لا تغرق في الشعور بالذنب, عملك قد يعني حياة لآخرين من حولك من مساعدة للمرضى أو القيام بالمهام الحياتية المعتادة من إعداد للطعام أو رعاية الصغار والذين سنتحدث عنهم بشكل مفصل لاحقا.
اسمح لنفسك بالبكاء فهو الوسيلة السهلة التي ركبها فينا رب العالمين للتخلص من سموم الهموم كما أنه يحفز الدماغ على إفراز مواد مهدئة فلا تخجل من البكاء على أن يكون فقط أحد جنودك لا كل ما تفعله في تعاملك مع الضغوط فكثرة الاستسلام له تضعف قدرتك على التركيز والعمل.
مواجهة ضغوط الحروب تفجر طاقات كامنة ومكبوتة بوعي ولا وعي أودعها رب العالمين فيك فقط ابحث عنها واستحضر كل ما كان لديك من نزعات تمرد ورغبة في التغيير فهذا أفضل وقت لتبدأ بتنفيذها.
يفجر الشعور بالظلم الشعور بالغضب والذي بدوره يولد طاقة هائلة يجب أن تستغلها بطريقة بناءة بدل أن تهدر في توجيه اللوم أو العدوان على بعضنا, قد يشعر البعض بالتعب والإنهاك بعد انتهاء الأزمة حين يحين وقت التقاط الأنفاس ولكن أثناء الأزمة هناك طاقات جديدة يؤدي عدم تشغيلها لمضاعفة الشعور بالألم لأنها ستغذي الشعور بالعجز بدل القدرة وتشوه التفكير.
العمل المطلوب في هذه مثل هذه المواقف القيام على مهام الحياة العادية ورعاية الأطفال وتدريسهم لا من خلال مناهجنا المعتادة ولكن بعض مهارات الحياة الأساسية مثل الحذر من اللعب بالشظايا أو قرب الأبنية المهدمة كيف يتصرفون لو انفصلوا عن أهلهم كلها أمور تقع ضمن ما يسمى مهارات الحياة.
ذكر من حولك بمواعيد الصلاة ونادي لصلاة الجماعة فهي من الأمور التي تساعد على توحيد الصف أثناء الأزمات وستدهش من كم الناس الذين يصيبهم الذهول عن أبسط عاداتهم الحياتية مثل تناول دوائهم أو أداء صلاتهم, ذكرهم بضرورة الدعاء للمجاهدين والمرضى وأنهم من أصحاب الدعاء المستجاب بإذن الله فدعاء المؤمن في الشدة مستجاب فليدعوا لأنفسهم ولديننا بكل خير.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأنصر أخواننا المجاهدين في كل مكان اللهم لا تجعلنا من العاجزين الغافلين, اللهم أربط على قلوبهم وأفرغ عليهم صبرا وثبت أقدامهم إنك على كل شيء قدير وصلي اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن والاه.
تراني عاجزة عن تبني موقف المختص المحايد كما تفرض المهنة فأنا منخرطة حتى النخاع ومنحازة أيضا, وأرجو أن تجد كلماتي سبيلها لمن يحتاجها من أهلنا على خط النار.
اقرأ أيضا:
معاً لنتكاتف ضد المحتل / هل الشتات مرض نفسي عربي؟!! / التعامل مع الأزمات