بحكم متابعتي الجيدة للسينما المصرية بمختلف مراحلها حاولت أن أفكر في موقف المتدين في السينما المصرية، والحقيقة النتيجة كانت لا تسر عدو ولا حبيب.. فالمتدين دائما في السينما المصرية ذو لحية طويلة وتكشيرة كبيرة على جبينه ويمسك بمسبحة لمجرد اللعب بها دون أي تسبيح وهو ظالم أو حرامي أو صاحب شركة توظيف أموال أو صاحب مساكن شعبية تغش في مواد البناء أو بائع للوهم وهو جحود, عصبي جدا لا يشاركه احد في الرأي وهو صاحب الرأي الأوحد الصواب, زير نساء بعض الأحيان وهو قاتل وهو أيضا سياسي لا يفقه شيء في السياسة سوى البحث عن حكم إسلامي صارم وهو يحرم كل شيء ويصدر الأحكام الدينية من خياله وهو محامى للجماعات الإسلامية والإرهابية وهو طماع وأمير جماعة إرهابية وهو أيضا طالب بسيط دخل الخلايا الإسلامية المتشددة والإرهابية ويقتل المشاهير ويذبح الأطفال ويفجر الأماكن العامة دون وعى حيث أن على عينه غشاوة.
كل هذه صفات المتدين في السينما المصرية والدراما المصرية عموماً.. وان كنت لا تثق في كلامي لك أمثلة بسيطة:
الكاتب وحيد حامد آثر تشويه المتدين في السينما المصرية.. تكاد تقريبا لا تشاهد فيلم من تأليفه إلا وتجد هجوماً على المتدين.. فبعد خلافاته مع منتصر الزيات "محامى الجماعات الإسلامية الشهير واحد كبار قادتها" قام وحيد حامد بكتابة فيلم طيور الظلام والذي كتب فيه عن شخصية منتصر الزيات في دور رياض الخولي المحامى الخصوصي للجماعات الإسلامية المتشددة.. ونشبت الخلافات مرة أخرى بين منتصر الزيات ووحيد حامد حتى انتهى المطاف بصلحٍ هادئ.. وعاد مرة أخرى وحيد حامد إلي المتدين في فيلم الإرهاب والكباب فهو احمد عقل الرجل المتدين الذي يترك عمله ليصلى طوال الوقت ولا يقوم بمهام عمله ويتشدد في كل شيء.. حتى في أفلامه القديمة بعض الشيء مثل فيلم كشف المستور الذي فيه عايدة عبد العزيز المتدينة والتي تقيم مكانا للندوات الدينية في منزلها هي التي تكفر كل الناس وهى التي تأخذ نقود من أشخاص مجهولة من دول خارجية.. وهو صاحب الجملة المشهورة على لسان نبيلة عبيد في فيلم كشف المستور "الدين دين القلب يا روحي".. ويتكرر نفس الموال في فيلمه الجديد "عمارة يعقوبيان" التي كتب له السيناريو والحوار والذي يرسم فيه "محمد إمام" في دور الطالب المقهور المظلوم المنضم إلي جماعة إرهابية إسلامية يقول زعيمها انه لا يريدها علمانية وإنما نريدها إسلامية.
عادل إمام والذي آثر دائما الهجوم على المتدين في الواقع وفى الأعمال الفنية.. في فيلمه "كراكون في الشارع" كان المتدين هو "عدوى غيث" صاحب شركة تبنى مساكن شعبية يعطى لكل ساكن كيس من التمر حتى يأخذ النقود ويهرب خارج البلاد.. وفى فيلم الإرهابي جسد عادل إمام فكر لينين الرملي عن المتدين وهو الإرهابي الغبي الذي يرمى بأحكام الكفر على كل الخارجين عن طوعه وهو صاحب الجملة الشهيرة على لسان احمد راتب أمير الجماعة في فيلم الإرهابي "مهدورٌ دمه" والتي يقولها وهو يغمس يده في اللحوم ليكمل طعامه.. وبالطبع خرج عادل إمام في الهجوم على المتدين إلي خارج الأعمال الفنية وذلك لهجومه الشديد على المعتزلة ياسمين الخيام وعلى الداعية عمرو خالد وغيرهم.
سعد عرفه وهو والد المخرج شريف عرفه.. مخرج بدأ في الستينات والسبعينات وكانت له أفلام كثيرة لم تخرج من الرقابة نظراً لهجومه الشديد على المتدين أو نظراً لتهديدات من جماعات إسلامية متشددة بأنها ستحرق دور العرض التي يعرض فيها أفلامه.. وقد كانت البداية بفيلمه "غرباء" وهذا الفيلم احد أهم الأعمال التي منعت والتي لها صدى كبير حيث ظهر في وقت كان الصراع الديني بين المجموعات والطوائف الدينية على أشده ولكن لم يخرج الفيلم للنور.
واحد مشاكل الفيلم ذلك الحوار والنقاش الديني الذي كان بين الأبطال وخصوصا سعاد حسنى وشكري سرحان "أخوها المتشدد جدا والذي لا يعمل" والفيلم عرض في عام 1973 وتعرض للجماعات الدينية التي كانت خارجة عن المألوف وقتها والتي كانت مثال للتطرف الديني ثم عاد سعد عرفه مرة أخري بفيلمه "الملائكة لا تسكن الأرض" والفيلم يقترب كثيرا من فيلمه غرباء وأيضا لم يخرج للنور.
والفيلم هنا لم يخرج للنور نظرا للكثير من التهديدات التي وصلت للأمن مهددة بحرق صالات العرض التي ستعرض هذا الفيلم.. والمتدين في هذا الفيلم هو ممدوح عبد العليم الذي علمه والده الصلاة في الجامع وتعاليم دينه ولكنه عندما أصبح شاباً وجد نفسه منطويا للدرجة التي تجعله يخجل من أن يرى جارته التي يحبها "بوسي" وهى تلبس مايوه البحر على شاطئ الإسكندرية أمام كل الناس!!
والقائمة مازالت مكتظة بأسماء أفلام وصانعي السينما في مصر الذين آثروا الهجوم على المتدين ووصفه بأنه منبوذ ومكفر لغيره وفاجر وماجن وقاتل وإرهابي.. سؤال أخير:
لماذا حزن الجميع وتضايق من رسم الغرب لسيدنا محمد "صلى الله عليه وسلم" وهو رمز الإسلام يحمل قنبلة على رأسه ونحن من نصدر لهم هذا الفكر والشكل أساسا في إعلام والدراما والسينما العربية؟؟!
واقرأ أيضاً:
التوكل والتواكل.. دينياً ونفسياً