تزامنت زيارة وزيرة الخارجيّة الأمريكية (رايس) لكركوك، مع تعليقات السياسيين الأكراد بشأن ضم هذه المدينة لأقليم كردستان في شمال العراق، التي تضمنت عبارات ذات تهديد خفي من "أن الأكراد سيقاتلون لأجل كركوك"، وكأن منطق القتال هو المنطق الوحيد الذي يفهمه الإنسان الكردي، أو أنه تأثر بشريكه الإسرائيلي وتعامله مع العرب.
عموما، كل مطلع ذو حيادية يؤمن أن كركوك مدينة احتوت العرب، والأكراد وبعض الأقليات الأخرى، وأنها كانت "عراق مصغر" بتنوعها السكاني. إلا أن الزعم الكردي للأمر مغاير، إذ أن الأكراد يؤمنون بأن المدينة كردية ولم يمسسها إنس ولا جان سواهم، وأن العرب هناك ماهم إلا صنيعة النظام السابق، وبالتالي يمكن طردهم وتهجيرهم لأنها "أرضنا وعدنا إليها" بمنطقهم، وليت شعري كم تذكرني هذه العبارات بأراضٍ أخرى أخذت على ذات المبدأ.
ويبقى السؤال: مالذي يجعل من مكان ما كُرديّا؟ وهل هناك مكان كردي؟ الواضح أن الأكراد ماهم سوى قبائل ذات أصول فارسية احتوت لغتهم خليطا من التركي والفارسي والعربي مع كلمات ملتوية بسبب محلية لهجاتهم، والواضح أيضا بأن الأكراد آريين كما يزعمون، وبالتالي لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالآشوريين، الذين يزعم بعضهم أنهم أجدادهم، فالآشوريين تكلموا لهجة مشتقة من الآكادية، والآكادية هي من عائلة اللغات السامية الغربية، والتي تعتبر أصل اللغة العربية.
أما الآشوريون أنفسهم فهم من القبائل الساميّة، وبهذا تسقط الأسطورة الكرديّة من أن الآشوريين (اليوم) والكلدانيون منا لأكراد، لأنهم لو كانوا آشوريون وكلدان حقا، فإنما هم ساميون وبمعنى أدق: عَرَبا.
أما الزعم بالقرابة من الدولة الميديّة، فهو زعم لم يثبته مؤرخو العالم، ولا يوجد إلا بمخيلة الأكراد. وحتى لو أنه وجِدَ فأنه يقوم حجّة ضدهم لا لهم. ذلك أن الميديين قوم ذوي أصول فارسيّة تقع مملكتهم في ما يعرف اليوم بإيران واشتملت على مناطق "طهران، أصفهان، آذربيجان وكاردوخ" وهذه مناطق بعيدة جدا عن وادي الرافدين، والتحليل الأصح هو أنهم من القوميات الفارسية، ويذكر التأريخ الاصطدامات التي حدثت بين البابليين (أصل العرب) والميديين وغيرهم من ممالك الفرس ذوي العرق الآري (سلالات الهجرات الهندو-أوربية للمنطقة) وليس السامي على كل حال.
إذن، إذا لم يكن للأكراد سبق تأريخي بالعراق والوطن العربي، فبأي حق وقانون وتشريع يصح لهم اعتبار أنفسهم شعب المنطقة الأصلي أو المفوضين بملكية هذه الأرض؟ وإذا افترضنا أن الأكراد ليسوا شعبا حديثا تكوّن من هجرات الآريين وسكان جنوب الروسيا الذين أسسوا قبائل وبرز منهم "طغرل بك" مؤسس السلاجقة. إذا افترضنا أنهم ليسوا كذلك حقا وأن عمرهم بالمنطقة لا يتجاوز سبعة القرون، فبأي حق يتمكن الميدي أو الفارسي من المطالبة بأرض ملكها العرب بحضاراتهم القديمة؟
ولنفرض أن هناك مجادلا يزعم بأن الأكراد اليوم هنا، وأنهم جزء من المنطقة، فما نحن فاعلون؟ ما لا ننكره أن لهؤلاء الناس حقوقا ثقافيّة، إلا أننا نرفض أخذهم قضمة من أرضنا، حتى لنصبح قصعة لكل شعب يختلق قصة وجود كما فعل الصهاينة. ثم ماذا على العرب أن يفعلوه بعد أن يكون للأكراد دولة وللمسيح دولة وللأقباط بمصر دولة ولغيرهم دولا؟ هل سنعود لشبه جزيرة العرب؟ أليست هذه نظرية الاستعمار الأنجلو-أمريكي الذي يريد فصل العرب عن حقوقهم التاريخية وتركيزهم ببقعة صغيرة؟ ثم هذه البقعة صارت تعج بالأجانب من هنود وباكستانيين وإيرانيين، وقد أخذ الكثيرون منهم حق المواطنة هناك.
إذن ماذا بقي لنا؟ هل يريدوننا أن ننقرض؟ أن نعلن للدنيا بأننا من الأعشاب الضارة التي يجب إبادتها كي تنمو الأزهار الكردية والصهيونية وغيرها إلى ما شاء الله من الدويلات الصغيرة التي ستولد وتنمو من سماد جثثنا وحضارتنا؟!
ما أريده لا يشمل إبادة الأكراد أو أي أقلية بدولتنا العربيّة المقسمة لأقطار، وإنما لوضع النقاط على الحروف من أننا لن نقبل بخسران أراضينا وتهجير عربنا والتعاون مع عدونا لأجل دولة صارت حسرة لهم منذ أن أعلنت ألمانيا للوجود، ومنذ أن صارت عرقية وفاشية (مصطفى أتاتورك) مثلا لكل من شاء له الانفصال والتخلي عن الحضارة العربية. ما أريده هو نوعا من الوعي عند المواطن العربي، وثقافة حقيقية عن تاريخه ونوعية القومية العربية التي ظُلمَت بجهل الشعب العربي قبل أي مؤامرة خارجية.
وأسأل: ما الذي يجعل مكانا ما كرديّا؟
واقرأ أيضاً:
دوافع الموقف العربي من صدام حسين / زواج المتعة.. بين التحريم والتنوير / لم أشتم الدكتور وائل مشاركة / نظام الطبقات السعودي تأثير براهما
ويبقى السؤال: مالذي يجعل من مكان ما كُرديّا؟ وهل هناك مكان كردي؟ الواضح أن الأكراد ماهم سوى قبائل ذات أصول فارسية احتوت لغتهم خليطا من التركي والفارسي والعربي مع كلمات ملتوية بسبب محلية لهجاتهم، والواضح أيضا بأن الأكراد آريين كما يزعمون، وبالتالي لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالآشوريين، الذين يزعم بعضهم أنهم أجدادهم، فالآشوريين تكلموا لهجة مشتقة من الآكادية، والآكادية هي من عائلة اللغات السامية الغربية، والتي تعتبر أصل اللغة العربية.
أما الآشوريون أنفسهم فهم من القبائل الساميّة، وبهذا تسقط الأسطورة الكرديّة من أن الآشوريين (اليوم) والكلدانيون منا لأكراد، لأنهم لو كانوا آشوريون وكلدان حقا، فإنما هم ساميون وبمعنى أدق: عَرَبا.
أما الزعم بالقرابة من الدولة الميديّة، فهو زعم لم يثبته مؤرخو العالم، ولا يوجد إلا بمخيلة الأكراد. وحتى لو أنه وجِدَ فأنه يقوم حجّة ضدهم لا لهم. ذلك أن الميديين قوم ذوي أصول فارسيّة تقع مملكتهم في ما يعرف اليوم بإيران واشتملت على مناطق "طهران، أصفهان، آذربيجان وكاردوخ" وهذه مناطق بعيدة جدا عن وادي الرافدين، والتحليل الأصح هو أنهم من القوميات الفارسية، ويذكر التأريخ الاصطدامات التي حدثت بين البابليين (أصل العرب) والميديين وغيرهم من ممالك الفرس ذوي العرق الآري (سلالات الهجرات الهندو-أوربية للمنطقة) وليس السامي على كل حال.
إذن، إذا لم يكن للأكراد سبق تأريخي بالعراق والوطن العربي، فبأي حق وقانون وتشريع يصح لهم اعتبار أنفسهم شعب المنطقة الأصلي أو المفوضين بملكية هذه الأرض؟ وإذا افترضنا أن الأكراد ليسوا شعبا حديثا تكوّن من هجرات الآريين وسكان جنوب الروسيا الذين أسسوا قبائل وبرز منهم "طغرل بك" مؤسس السلاجقة. إذا افترضنا أنهم ليسوا كذلك حقا وأن عمرهم بالمنطقة لا يتجاوز سبعة القرون، فبأي حق يتمكن الميدي أو الفارسي من المطالبة بأرض ملكها العرب بحضاراتهم القديمة؟
ولنفرض أن هناك مجادلا يزعم بأن الأكراد اليوم هنا، وأنهم جزء من المنطقة، فما نحن فاعلون؟ ما لا ننكره أن لهؤلاء الناس حقوقا ثقافيّة، إلا أننا نرفض أخذهم قضمة من أرضنا، حتى لنصبح قصعة لكل شعب يختلق قصة وجود كما فعل الصهاينة. ثم ماذا على العرب أن يفعلوه بعد أن يكون للأكراد دولة وللمسيح دولة وللأقباط بمصر دولة ولغيرهم دولا؟ هل سنعود لشبه جزيرة العرب؟ أليست هذه نظرية الاستعمار الأنجلو-أمريكي الذي يريد فصل العرب عن حقوقهم التاريخية وتركيزهم ببقعة صغيرة؟ ثم هذه البقعة صارت تعج بالأجانب من هنود وباكستانيين وإيرانيين، وقد أخذ الكثيرون منهم حق المواطنة هناك.
إذن ماذا بقي لنا؟ هل يريدوننا أن ننقرض؟ أن نعلن للدنيا بأننا من الأعشاب الضارة التي يجب إبادتها كي تنمو الأزهار الكردية والصهيونية وغيرها إلى ما شاء الله من الدويلات الصغيرة التي ستولد وتنمو من سماد جثثنا وحضارتنا؟!
ما أريده لا يشمل إبادة الأكراد أو أي أقلية بدولتنا العربيّة المقسمة لأقطار، وإنما لوضع النقاط على الحروف من أننا لن نقبل بخسران أراضينا وتهجير عربنا والتعاون مع عدونا لأجل دولة صارت حسرة لهم منذ أن أعلنت ألمانيا للوجود، ومنذ أن صارت عرقية وفاشية (مصطفى أتاتورك) مثلا لكل من شاء له الانفصال والتخلي عن الحضارة العربية. ما أريده هو نوعا من الوعي عند المواطن العربي، وثقافة حقيقية عن تاريخه ونوعية القومية العربية التي ظُلمَت بجهل الشعب العربي قبل أي مؤامرة خارجية.
وأسأل: ما الذي يجعل مكانا ما كرديّا؟
واقرأ أيضاً:
دوافع الموقف العربي من صدام حسين / زواج المتعة.. بين التحريم والتنوير / لم أشتم الدكتور وائل مشاركة / نظام الطبقات السعودي تأثير براهما