من بين كل روائع الأديب الإنجليزي الشهير "وليم شكسبير"، كانت تستثيرني دوما رواية العبقرية (هاملت).
فرغم عيب بعض النقاد على إطالة الكاتب في النص الدرامي إلا أنهم لم يختلفوا على عبقريته الأدبية، أما أنا فأرى هذه العبقرية من زاوية أخرى، ألا وهي معالجته في كل رواية –تقريبا– لإحدى قضايا النفس الإنسانية الشائكة، فتارة نراه –على سبيل المثال لا الحصر– يعالج قضية الشك في رواية (عطيل) وقضية التردد في رائعته (هاملت)، وتلك هي قضية سنوات عمري القليلة!!!
لقد أصبحت لشكسبير بصمة هائلة في الوجدان الإنساني منذ كتابة هذه الرواية ورؤيتها النور، حتى نجد أنفسنا – وبابتسامة حائرة- -في أي موقف لا نقدر فيه على اتخاذ قرار– نتوقف لنقول الجملة الخالدة "أكون أو لا أكون....... تلك هي المشكلة" فمنذ أن تفتح عقلي وتنبهت مداركي، قررت ألا أستسلم لدورة الحياة التقليدية لمعظم من هم حولي، ألا وهي، (أولد– أعيش– أموت)، وقررت أن أستبدل الكلمة الوسطى بأخرى مكونة من أربعة أحرف أيضا، ولكن منها يحدث إعمار الكون الذي خلقنا من أجله، وبذلك تصبح دورة حياتي (أولد–أنتج–أموت) أو بمعنى أصح، قررت أن أصبح شيئا مذكورا عند ربي، وذلك بتحقيق ما خلقت من أجله، وفي إطار من أوامر ونواهي حددها الخالق (عز وجل) ومن هنا قررت أن أبحث عن وسيلة، تساعدني في تحقيق ذلك الهدف ومن هنا أيضا.... قررت أن أنتمي....!!!
وبدأت قصتي....
من الطبيعي أن نعتقد أن تواجد الإنسان داخل إطار اجتماعي ما.. يفجر من طاقاته ما لم يكن ليحدث إذا تواجد بمفرده، فمما لاشك فيه، إن حزمة الضوء تحدث من الأثر ما لا يحدثه الشعاع المنفرد، وهذا هو الأصل، أو بمعنى أدق، هذا هو المثالي...!!!
إن هذا يحدث بالفعل عندما تكون المنظمة الاجتماعية التي يعمل من خلالها المنتمي – مبنية على قواعد وأسس سليمة، ولكن ليس هذا فقط هو المهم، بل الأهم أن يظل الهدف الأول لها هو الإنتاج، وتفجير طاقات الأفراد، وذلك بما يخدم الهدف الذي أنشئت من أجله المنظمة. أما عندما تتحول الوسائل إلى أهداف في حد ذاتها، بل وتتحول إلى أهداف تسبق الهدف الأسمى والأعظم فتلك هي مشكلة المشاكل!!!
لقد شاء الله أن أقابل من توسمت فيهم، أنهم ربما يعينونني على تحقيق أهدافي، ولكن للأسف وكما يحدث داخل أي إطار اجتماعي مغلق بدأت تظهر الكثير من السلبيات والصدمات، وبدأت أدخل في حلقة مفرغة من القضايا الفرعية والمتشعبة، ومع مرور الوقت، بدأت الكثير من المسلمات –أو هكذا كنت أعتقد– تنهار، وتستبدل بمتغيرات أخرى، وغرقت في دوامة صراعات نفسي معي!!، ورويدا رويدا، نسيت هدفي الذي أردته منذ البداية، هل (تذكره أيها القاريء ؟!!)، ومع تعثري في الكثير من المعوقات والعراقيل، بدأ يظهر عندي هدف جديد، وأخذ يتضخم حتى أصبح هو هدفي الأوحد، ألا وهو وصولي إلى قرار بشأن انتمائي من عدمه.
ولكن لأن الله يعلم صدق نيتي، ورغبتي في أن أرسو على شاطئ الحقيقة، ولأن رحمته وسعت كل شيء، فقد سخر لي من يأخذ بيدي وينشلني من هذه الدوامة السرمدية التي كادت أن تقضي علي، وقررت أن أتشبث بهدفي، وذلك بغض النظر عن السياق الذي أحققه من خلالها، رغم أني لم أصل حتى لحظة كتابة هذه السطور، إلى قرار حاسم بشأن القضية السابق ذكرها، إلا أن هذا لم يعد يهمني الآن، فلقد أصبح عنوان حياتي "أنتج أو لا أنتج تلك هي المشكلة"
ملحوظة:
قد يشعر قارئ هذه السطور ببعض الغموض الذي يكتنف كلماتي، ولكن يعلم الله أنه غموض غير متعمد، بل إن هناك بالفعل الكثير مما بين السطور لم يحن أوان ظهوره بعد، فالمارد الذي حبسته في قمقمه لسنوات يجب أن يأخذ وقته كي يستطيع النهوض والإعلان عن نفسه، ولتكن هذه مجرد بداية لملف طويل ترددت طويلا في فتحة مع نفسي أولا، ثم مع من حولي ثانيا، وأعتقد أنه قد آن الأوان لفتحه، حتى لا أكون كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال!!!!
واقرأ أيضا:
إلى مدمن!!! / إلى مريض الهوس / إلى مكتئب / إلى مريض الفصام / إلى مريض الوسواس/ سيكولوجية الخصوصية الزوجية / اضطراب العرات Tic disorder: مقدمة