ألقاها حيث أتوقعها.. عند حافة سريري.. أحيانا توقظني من نوم لذيذ وأحيانا أخرى أصحو على صوت أنفاسها المنتظمة لأجدها مستكينة تحدق في بحزن مبهم قد أصرخ فيها أن ابتعدي وقد القي عليها تحية الصباح بابتسامة خفيفة.. هذا أن لم أتجاهل وجودها أساسا....
انتفض ملقية بجسدي في بركان الحياة اليومية أتخفى من نظراتها التي ترصدني.. ابتهل أن تتركني وشاني ولو ليوم واحد فقط.
لا لا تسيئوا فهمي.. لست اكرهها بل أحبها... فعلا لكن التزامها بمراقبتي يدميني.. يضعني دائما في وضع الاستعداد لتقريرها اليومي عني... الذي يواصل انحداره منذ عام!!
كما لم اشك لحظة في حبها لي ورغبتها في انتشالي من واقعي الذي أمارس الفشل فيه بحرفية احسد عليها.
فهي طالما صححتني أوقات خطئي وقوتني لحظات ضعفي وهنأتني في قمم انتصاراتي وجلدتني وأنا احترف الإساءة إلى نفسي.
أتذكر ضحكاتنا معا.. ركضنا سويا فوق المساحات الخضراء أو حتى الصفراء.. قفزاتنا المتوالية لحظات النشوة والاحتراق انهياراتنا فوق أحزاننا وإشراقتنا بعد ليالي الأفول.
لكن لازلت أريد إجازة منها.. رغم أني لست ممن ينسون العشرة بهذه السرعة أو من هواة ممارسة ميكانيكية الخصام الصلح التي يحترفها البعض..
فانا قادرة على التغاضي عن التصرفات الصبيانية لمن حولي.. كما اعرف وجيدا كيف أرد الصاع صاعين لمن يحاول المساس بي رغم ما يعتريني بعدها من الم وما أناله من توبيخ منها.. آه.. هي مرة أخرى.. دائما ما أعود إليها.. وكأنها الأصل وليس أنا..
لم أفكر من قبل أينا ولد أولا أو أيا منا هو الأكبر سنا فسيطرتها وكرزمتها حالت دون آن أتولى أنا إدارة الأمور وخصوصا أوقات الأزمات.. لدرجة أنستني أني سبقتها إلى هذا العالم بأعوام!!..
لا أتذكر متى احتلت مكانها مني ... ولا كيف استولت عليه... قد أكون منحتها إياه في زمن مضى لا أذكر تفصيلاته.. ما الذي يدفعني للبحث عن أصلها.. فهي هنا حيث هي منذ رأيتها لأول مرة –لا أذكر متى – ولا أظنها ستفارقني ما حييت!!
اشعر أحيانا أنها مجرد تمثال بلا قلب.. وأحيانا أخرى استقي منها الحنان نبعا غزير التدفق.. احتار في أسلوب حياتها.. ويدهشني استمرارها في ملازمتي.. صبرها المتجدد.. واحتمالها المنساب..
تتسرب إلي أوقات الوحدة كشعاع الشمس من بين شقوق الساعات.. تتقدم نحوي في ثبات مفعم بالرقة.. تعرف مفاتيح شفراتي.. تنتزعني من شرنقتي.. تزرعني وسط العيون التي تحيط بي.. تذيبني في بحر الحياة.. تعيد ضبط أوتاري.. المحها من بين العيون تبتسم بطمأنينة.
أتنفس الصعداء عندما تنشغل عن لحظات.. أمسك قلمي أسجل في غيبة عينيها بعض كلمات.. هذه منها.. لن أطلعها عليها.. فالحديث عنها هو آخر ما تتمنى سماعه.. وامتناني الذي تلمسه حتى في ساعات غضبي لا تهتم به.. فحبها واهتمامها لا يتأثر بشكر أو امتنان.. فقد خلقت له.. ولي
واقرأ أيضاً:
أيا غيوم السماء أمطري(1) / شباب الجنة: مشكلة وحلها (2) / فضفضة عاشق الجنة : / فضفضة2 : فلسطين في القلب / فضفضة3: طيبة الطيبة