انتشرت في الموقع الاجتماعي الأشهر من أيام دعوى للمصريين بالتظاهر والاحتجاج أو للثورة على حد قول البعض في 25 يناير الموافق العيد الرسمي للشرطة المصرية، وانقسم الشباب الذي يمثل الغالبية الكاسحة من مرتادي الموقع إلى فريقين الأول مؤيد بحماس محموم للفكرة ويدعو ويحرض للنزول للشارع بكل قوته بلهجة يغلب عليها الاستعلاء الواضح والوصاية والتوجيه باعتبار أن من يقرر النزول والاحتجاج في هذا اليوم أفضل وأكثر ايجابية ووعياً وحباً للبلد من غيره، فالآخر الذي لا يجد جدوى من النزول سلبي في نظره، والملفت للانتباه أن تطرف بعض هؤلاء داعين مؤسس مجموعة خالد سعيد الذي راح ضحية اعتداء رجال الشرطة في الإسكندرية من شهور إلى حذف التعليقات الرافضة للتظاهر! وهو ما يعني أن المنادين بالحرية أنفسهم لا يعترفون بحرية الآخرين في اتخاذ مواقفهم وقراراتهم وفق قناعاتهم، وهو الأمر المدهش في الموضوع!
والسؤال الآن ما معنى أن تخرج فئة هي الفئة النخبوية المثقفة لتدافع عن حقوق فئة أخرى؟ أعتقد أن هذا لن يجد المصداقية الكافية لدى النظام، ولا حتى المتابعين للموقف. الأمر أشبه بمن يصرخ في أحدهم يدك مكسورة، في حين ينظر له صاحب اليد المكسورة قائلاً بتعجب: ولكنها سليمة! عدم خروج الفئة المظلومة حقاً من المصريين سيعطي النظام الحجة المعتادة كي يلقي عباراته المحفوظة من قبيل: إنها القلة المندسة! ولن يتعامل مع المطالب بالجدية المطلوبة الأمر يحتاج لخروج هذه الفئة المظلومة الفقيرة المعدمة، وهو ما يحتاج وعيا وثقافة مفقودة لديها، وهذا المطلوب منا جميعاً وممن امتلك حظاً من الوعي والتعليم والثقافة الأمر بحاجة لسنوات طوال من العمل على إخراج هذه الفئة مما هي فيه، نحن بحاجة لتنمية هؤلاء البشر أولاً تنمية حقيقية.
والأمر بحاجة إلى أن نكون نحن ككل المجتمع خالياً من الأمراض المستعصية التي ظلت تنخر في عظام المجتمع لسنوات طويلة بداية من التدين الشكلي القاصر ومروراً بانتشار الرشاوى "على عينك يا تاجر" وحتى العلاقات الاجتماعية المفككة وارتفاع نسبة العنف والعنوسة ومعدلات الطلاق الذي وصل لحالة طلاق كل 3 دقائق كما نشرت المصري اليوم مؤخراً، نجن بحاجة لثورة داخل أنفسنا أولاً، وثورة على أنفسنا أولاً على كل مناحي حياتنا الاجتماعية التي طالها فساد عظيم لا أحد يتحدث عنه، الكل يتحدث عن ثورة سياسية واقتصادية ولا أحد يتحدث عن ثورة اجتماعية أبداً!
واقرأ أيضاً:
التجربة التونسية غير قابلة للتصدير لمصر / الإسلاميون في تونس.. لماذا غابوا عن المشهد؟ / و... لتكن تونس والسودان عظة لمصر