بعد عشرة أسابيع من استمرار القتل والتنكيل وارتكاب أبشع الجرائم الإنسانية بحق المواطنين السوريين العزل، والتي تمارسها الآلة القمعية أمام أعين العالم أجمع، لتردي بالمئات قتلا وتزج بالآلاف في السجون وتخفي العشرات ممن مثّل بجثثهم والعشرات ممن قتلوا تحت تعذيب الأجهزة الأمنية، لتكون بذلك حادثة فريدة من نوعه على وجه المعمورة.
في ظل عالمية حقوق الإنسان وعولمته لا يزال الصمت الدولي والعربي مستمراً، حيث إن استمرار النظام السوري بانتهاك مبادئ حقوق الإنسان وارتكابه للجرائم الإنسانية التي ٌاستخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، والتي ترافقت مع عزل المدن السورية عن العالم الخارجي من خلال قطع الاتصالات وخدمات الإنترنيت أو مراقبتها، بالإضافة إلى منع الوسائل الإعلامية من تغطية الحدث ونقل الحقائق ناهيك عن رفضها لاستقبال وفد هيئة الأمم المتحدة، لـتشكل انتهاكا لكل معايير حقوق الإنسان ويعتبر بذلك جريمة إبادة جماعية ممنهجة أو جريمة حرب.
لذا فإن مسؤولية ما يجري على الساحة السورية بدءاً من الانتهاكات لأبسط معايير حقوق الإنسان وانتهاءً بالمجازر والمقابر الجماعية، لا يتحملها النظام السوري وحده، بل يتحملها المجتمع الدولي والمنظومة الدولية وعلى رأسها هيئة الأمم المتحدة، التي تقف موقف المتفرج والملتزم بالصمت إزاء هذه الانتهاكات والممارسات التي تنتهجها أجهزة المخابرات السورية. فقد جاء في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمعتَمد بقرار الجمعية العامة سنة "1948": ((لما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني. وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة.
ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم. ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أكدت في الميثاق من جديد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد وقدره، وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية، وحزمت أمرها على أن تدفع بالرقي الاجتماعي قدمًا وأن ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح. ولما كان للإدراك العام لهذه الحقوق والحريات الأهمية الكبرى للوفاء التام بهذا التعهد. فإن الجمعية العامة تنادي بهذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان))؛
وعليه فقد حان الوقت بأن تفي هذه المنظومة الدولية بهيئاتها وممثلاتها للوفاء بعهدها وتفي بالتزاماتها وما تعهدت به من خلال النصوص التي أقرتها هيئة الأمم المتحدة والتي صادقت عليها معظم دول العالم، لتستيقظ بذلك من ثباتها وغفوتها من أجل:
1- كسر حاجز الصمت الذي تلتزمه في سبيل ردع وإيقاف الآلة القمعية. والبدء بخطوات عملية تكون أكثر حزما.
2- تقديم كل من تسبب في قتل هؤلاء الأبرياء، إلى المحكمة الجنائية الدولية، والقصاص منهم.
3- تهيئة الأجواء من أجل حكومة انتقالية تتضمن ممثلين عن كافة الأطياف القومية والطائفية للانتقال بالشعب السوري إلى بر الأمان والتخلص مما خلّفه النظام على مر أربعة عقود، ذاق فيها الشعب أشد وأقسى أنواع الظلم والاضطهاد.
إنها اللحظة الحاسمة لتحديد جدية الأمم المتحدة تجاه الشعب السوري في تكريسها لمبادئ ومعايير حقوق الإنسان، فصمتها المستمر سيكون الدليل القاطع على فشل المنظومة الدولية من ردع الأنظمة الديكتاتورية، وبالتالي ستعطي المبرر لهذه الأنظمة لمواصلة المزيد من عمليات القتل والإبادة كما أنها ستكون رسالة عدم وفاء بالالتزامات التي وجدت لأجلها، فاحترام كرامة الإنسان وتكريس مبدأ العدالة هي من أهم المبادئ التي تضمنها كل المواثيق للبشرية.
وهنا من الجدير ذكره للمجتمع الدولي أجمع بأنه وبعد بزوغ فجر الحرية فأن حاجز الخوف قد تلاشى وأن الثورات من أجل الحرية مستمرة، ولابد للأنظمة الدولية والديكتاتورية الرضوخ لإرادة الشعوب التي بدأت السير في طريق الحرية.