ثورة الشباب العربي (2) ثورة من أجل التحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.....2
أما تحقيق الديمقراطية فيقتضي:
1) إيجاد دستور ديمقراطي، تكون فيه السيادة للشعب، ويفصل بين السلطة التنفيذية، والسلطة التشريعية، والسلطة القضائية، في كل بلد من البلاد العربية، من منطلق أن الدستور هو قانون الدولة، التي يجب أن تبني مؤسساتها مستقلة عن بعضها البعض، من أجل تفعيل دولة الحق، والقانون، التي يجب أن تتعامل مع الشعب في كل بلد من البلاد العربية، على أساس المساواة فيما بين أفراده، الذين لا يمكن التفريق فيما بينهم، على أساس الدين، أو العرق، أو الانتماء القبلي، أو اللغة، أو غير ذلك، كما هو منصوص عليه في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
2) إيجاد قوانين انتخابية، تضمن حرية، ونزاهة الانتخابات، لاختيار المؤسسات التمثيلية، وردع كل أشكال الفساد الإداري، والسياسي، التي لا زالت تعرف بها الانتخابات على مستوى البلاد العربية، وردع تدخل المسؤولين في التحكم في نتائج صناديق الاقتراع، ومساءلتهم، ومحاكمتهم أمام القضاء.
3) إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، تحت إشراف هيأة مستقلة، حتى تصير النتائج معبرة عن الإرادة الشعبية، في كل بلد من البلاد العربية، ومن أجل أن تصير المؤسسات المنتخبة في خدمة مصالح الشعب: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.
4) تمكين المؤسسات المنتخبة وطنيا، وجهويا، وإقليميا، ومحليا، على مستوى كل قطر عربي، من الصلاحيات الواسعة، التي لها علاقة بخدمة مصالح المواطنين، على مستوى التقرير، وعلى مستوى التنفيذ.
5) إيجاد حكومة من الأغلبية البرلمانية، وبسلطات واسعة، حتى تتمكن من تطبيق القوانين المعمول بها، وفي جميع القطاعات، ومن أجل أن تضع حدا لكافة أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي أصبح متفشيا في صفوف أفراد الشعب، في كل بلد عربي، وفي نسيج المجتمعات العربية، حتى تكتسب الحكومة مصداقيتها أمام الشعب، في كل بلد عربي.
6) الحرص على أن تكون الديمقراطية بمضامين اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، ومدنية، وسياسية، على مدار الزمن، الذي لا يرتبط لا بالمحطات الانتخابية، ولا بالاستفتاء، ولا بأي شيء آخر.
7) ملاءمة جميع القوانين الانتخابية، وغيرها من القوانين، مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى تضمن أجرأة تمتيع جميع الناس، بجميع الحقوق، وعلى مدار الزمن.
8) الحرص على أن تعتبر الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، ذات ممارسة ديمقراطية، على مستوى القوانين التنظيمية، وعلى مستوى بناء التنظيم، وعلى مستوى التقرير، والتنفيذ، حتى يتأتى لها أن تؤطر المواطنين تأطيرا ديمقراطيا.
ذلك، أن الديمقراطية المفتقدة في البلاد العربية، تعتبر من العوامل التي تجعل الشعوب العربية فاقدة لسيادتها، وغير قادرة على تقرير مصيرها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، نظرا لوقوعها تحت طائلة الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال. وهي الشروط التي تشكل المناخ المناسب ضد الأنظمة القائمة، في البلاد العربية، من أجل التخلص من الاستعباد، بتحقيق الحرية، ومن الاستبداد، بتحقيق الديمقراطية، ومن الاستغلال، بتحقيق العدالة الاجتماعية، وما يجري، الآن، في البلاد العربية، من المحيط إلى الخليج، يأتي في هذا الإطار.
وبالنسبة لتحقيق العدالة الاجتماعية، فإن الأمر يقتضي:
1) الحرص على التوزيع العادل للثروة، عن طريق تمكين جميع أفراد الشعب من حقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والتحكم في الأسعار، حتى تبقى متناسبة مع مستوى الدخل الفردي، والأسري، ومع مستوى متوسط الأجور، حتى يستطيع أفراد كل شعب، من الشعوب العربية، الحصول على حاجياتهم الضرورية... إلخ.
2) تشغيل العاطلين، والمعطلين، والتعويض عن العطالة، في حالة عدم التشغيل، وتمكين جميع أفراد الشعب، في كل بلد عربي، من التغطية الاجتماعية، والصحية، حتى لا يصير هناك فرق بين أفراد الشعب الواحد، على مستوى التشغيل، والتعويض عن البطالة.
3) تقديم الخدمات الاجتماعية، كالصحة، والسكن، والتعليم، والشغل، والترفيه، باعتبارها حقوقا اجتماعية، تقتضيها كرامة جميع الأفراد، كما تقتضيها كرامة الشعوب؛ لأنه بدون تقديم تلك الخدمات، تتفشى الأمراض، والسكن غير اللائق، والأمية، والبطالة، والأمراض النفسية، في المجتمع الذي يبقى فيه كل شيء بيد الطبقات الممارسة لاستغلال العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في كل بلد من البلاد العربية.
4) توفير الشروط الموضوعية، لتثقيف جميع أفراد المجتمع، انطلاقا من العمل على إشاعة ثقافة القيم النبيلة، التي تترسخ على أساس محاربة القيم المنحطة، التي تقف وراء إشاعة الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي ينخر كيان المجتمعات في البلاد العربية، من المحيط، إلى الخليج.
ذلك أن توفير الشروط الموضوعية، لتثقيف جميع أفراد المجتمع، يقتضي إيجاد البنيات التحتية، كدور الثقافة، ودور الشباب، والمكتبات العامة، وأماكن الترفيه، وغيرها، مما يساعد على بناء الأدوات الثقافية، كالجمعيات الثقافية، والتربوية، والمسرحية، والسينمائية، والأدبية، والعلمية، وغيرها من الأدوات، التي تلعب دورا رائدا، في إشاعة ثقافة جادة، ومسؤولة.
5) تمكين جميع أفراد المجتمع، في كل بلد عربي، من امتلاك وعي متقدم بالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، حتى يصير على بينة من تلك الأوضاع، وحتى يمتلك، في نفس الوقت، وعيه بحقوقه، كما هي منصوص عليها في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان العامة، والخاصة، وحتى يصير ذلك الوعي أساسا، ومنطلقا للانخراط في الإطارات المناضلة، من أجل تمتيع جميع الناس، بجميع الحقوق، والعمل على حمايتها.
ولذلك، فتحقيق العدالة الاجتماعية، ليس أمرا هينا، بقدر ما هو عمل مستمر، لجعل أفراد المجتمع يتمتعون بشروط تحقيق الكرامة الإنسانية، وضمان استمرارها، وحمايتها.
وانطلاقا مما سبق، نجد أن العلاقة القائمة بين الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، هي علاقة جدلية. فالحرية، بدون ديمقراطية، وبدون عدالة اجتماعية، تفقد قيمتها. والديمقراطية، بدون حرية، وبدون عدالة اجتماعية، كأنها معدومة. والعدالة الاجتماعية، بدون حرية، وبدون ديمقراطية، لا يمكن أن تتحقق.
وهذه العلاقة الجدلية، هي التي تقتضي النضال من أجل الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، في نفس الوقت، حتى لا يصير هناك فصل بين هذه الأهداف الكبرى الثلاث، ولأن النضال من أجل تحقيقها مجتمعة، هو الذي يمكن من استقطاب الجماهير العريضة إلى الساحة النضالية، رغم همجية القمع الذي تعرفه.
وعلى هذا الأساس فالثورة التي يقودها الشبا،ب في كل بلد من البلاد العربية، هي ثورة من أجل تحقيق حرية الشعوب العربية، بانعتاقها من حالة الاستعباد، التي تعاني منها، وتحقيق الديمقراطية، بعد التخلص من مظاهر الاستبداد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، بعد القضاء على التفاوت الطبقي الصارخ، وعلى كافة الامتيازات، التي تأتي نتيجة لممارسة العمالة الطبقية، لأجهزة الدولة الطبقية، القائمة في كل بلد عربي على حدة، وعلى كافة أشكال اقتصاد الريع، التي صارت قاعدة في البلاد العربية.
فهل تتمكن ثورة الشباب من تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.؟؟؟
إن ما تحقق في تونس، ثم في مصر، وما يمكن أن يتحقق في ليبيا، وفي اليمن، وفي أي بلد عربي، يقود فيه الشباب حركة الشارع النضالية، رغم التضحية العظيمة، التي يقدمها هذا الشباب، يؤكد، بما لا يدع مجالا للشك، بأن عصر الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، قد حل بالبلاد العربية، بما في ذلك دول الخليج، القائمة على أساس تكريس الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.
إن ما تحقق في تونس، ثم في مصر، وما يمكن أن يتحقق في ليبيا، وفي اليمن، وفي أي بلد عربي، يقود فيه الشباب حركة الشارع النضالية، رغم التضحية العظيمة، التي يقدمها هذا الشباب، يؤكد، بما لا يدع مجالا للشك، بأن عصر الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، قد حل بالبلاد العربية، بما في ذلك دول الخليج، القائمة على أساس تكريس الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.
ويتبع>>>>>>>>> : ثورة الشباب العربي: ثورة من أجل قيام دولة الحق والقانون (1)