هل نحن قد رسبنا في إمتحان الديمقراطية؟
البعض يرى بأننا قد حققنا فشلا كبيرا، والبعض الآخر يرى بأننا قد نجحنا، وبعض يرى أنها ذات اللعبة، ولكن بأقنعة جديدة، وتؤدي إلى ذات الأهداف المرسومة.
وبين خليط الآراء والتفاعلات والتداعيات، يصعب النظر إلى الحالة بعيون الاعتدال والموضوعية والعقل.
فكل ما نطرحه بخصوص هذه التجربة، يتأثر بدرجة أو بأخرى بالانفعالات والعواطف المتأججة والجراح السابقة والدمامل الكامنة، وبالأيديولوجيات المتصارعة.
ومن النادر أن ترى ما هو موضوعي وعلمي ومتفاعل مع المتغيرات بطاقات إيجابية.
فالسلبية هي الخيمة التي تستظل بها معظم الكتابات والآراء والتصورات.
ذلك أن الانتقال من مسيرة طويلة محكومة بالفردية والتسلط العالي والحزبي، إلى مرحلة الحرية والتعبير عن الرأي والمشاركة في الحكم، وبهذه السرعة الدراماتيكية التي تحققت في مجتمعاتنا، إنما ستؤدي إلى تداعيات وصراعات حامية.
ذلك أن الذي تهاوى لا يمكنه استيعاب الذي تعالى وظهر.
فالقوى التي تمكنت من السلطة، كانت مرفوضة من الأنظمة المتهاوية، وهي نفسها لم تصدق بأنها قد وصلت إلى مواقعها بهذه السرعة.
فالأطراف جميعها تعيش حالة الصدمة، واضطراب الفهم والتقدير، وتأخذها عواطفها وانفعالاتها إلى حيث لا تريد ولا تتصور.
وفي هذا الخضم المتلاطم والمشوش، تتدخل قوى متنوعة ذات أهداف وأغراض كبيرة في الحالة القلقة أو السائبة بعض الشيء.
وبما أن تجربة الذين تسنموا القيادة قليلة الخبرة وليست ذات قدرات لمقارعة القوى الهادفة، فأنها ستكون مغلوبة، وسيتم إيقاعها في مطبات وحَبائل تقيّدها وتحرفها عن مسارها.
وذلك أمر طبيعي ما بين القوى الأرضية في كل مكان وزمان.
وما يجب أن تفعله القوى التي تسلمت الحكم، أن ترتكز على الشعب وتتفاعل معه بإيجابية، وتسعى بكل طاقاتها ومؤهلاتها لإرضاء الحاجات الأساسية اللازمة لحياة أفضل وأقوى وأكثر إنتاجا وتطورا، وأن تعبّد طرقات الأمل وتفتح أبواب المستقبل على مصراعيها للأجيال المتعاقبة.
وأن تتعلم مهارات التكاتف والتلاحم، وتنأى عن التفرق والتحزب والتناحر على المناصب، فتنسى الوطن وتهمل شؤون المواطن وتمحو أسس ومعاني المواطنة اللازمة للبقاء الأرقى.
فالأوطان بأبنائها وأنظمتها.
والديمقراطيات الجديدة مطالبة بوضع الدستور الذي يكفل جميع الحقوق، وأن تعلي من شأن ودور القانون في الحياة على جميع أصعدتها.
ووفقا لهذه المقاييس الأولية، فإن المجتمع سيضع خطاه على سكة الديمقراطية، والإنسان سيتعلم من تجربته ويستخلص منها ما يصلح للجميع.
وبرغم التكاليف الباهظة، فإن هناك أعمدة أساسية تنادي بالثبات على المبادئ الديمقراطية وتأسيس دولة القانون والدستور.
وهذا يعني أن المستقبل الديمقراطي سيكون أفضل، بتظافر الجهود وتفاعل العقول للنهوض بالحياة إلى عصرنا الجديد.
تحية للعاملين من أجل بناء صرح الديمقراطية، وتأكيد دور الحرية والدستور والقانون في الحياة الجديدة الظافرة.
فمَن سار على الدرب وصل، ومَن تمسّك بقيَمه ورايته ظفر!
واقرأ أيضاً:
هل الكتابة إدمان؟!! / الكلمات نار ونور!! / المواكبة والحياة!! / الانتحار الديمقراطي!! / الرعيب العربي!!