أمتنا وعلى مدى العقود وربما القرون، تتفاعل مع الدنيا من حولها وهي مرهونة بغيرها، ولا تعرف غير "هوّ"!
و"هوّ"، أية قوة تفكر بمصالحها وتسخر الأمة من محيطها إلى خليجها للعمل على تحقيقها، وتأمينها وحمايتها.
ويبدو أن أمتنا لا تفكر بمصالحها، وكأنها مجتمعات تتقاطع مع مصالحها في سلوكها، وتعيش حالة من التنافر الحضاري المروّع، الذي يتسبب بتداعيات مريرة وقاسية، في متواليات حسابية وهندسية لا تنتهي.
وكما هو معروف، فأن السياسة عبارة عن معادلات متفاعلة، وفيها عناصر داخلة وخارجة ومساعدة، وظروف فيزيائية لازمة للوصول إلى نتائج ما يحصل في الطرف الآخر من المعادلة.
والعناصر الداخلة في معادلات التفاعلات السياسية تتبدل وكذلك العوامل الأخرى، لتأمين ما هو مطلوب.
وبعد أن تبدلت معادلة المنطقة وتغيرت ظروف تفاعلاتها، أخذنا نقرأ مقالات وتحليلات مضحكة مبكية، تتناول الأحداث وفقا لرؤية أن هذه الأمة رهينة المصالح الدولية والإقليمية، وكأنها بلا مصالح، ولا يشغلها إلا فض مشاكل وخلافات الذين ماتوا قبل عشرات القرون!
ومن العجب أن هذه الأمة لا تستحي من كونها رهينة، وتستنزف طاقاتها وثرواتها من أجل سعادة الآخرين، وتبرير تدمير بلادها وشعبها وقيمها وعمرانها وعقلها، وتأجيج انفعالات القرون السالفة وتهويلها والتلهي بالصراعات الداخلية والحروب العشوائية الخالية من معايير الحكمة والرشاد.
فهل أن هذه الأمة مجنونة؟
أم أنها تدّعي الجنون؟
إن ما يدور في واقعها ويُكتب في صحفها، ما هو إلا اضطرابات رؤى وتصورات وانفعالات وأوهام، وأضاليل وخدع وتبريرات إنكارية وإسقاطية، وأكاذيب لا يقبلها ذو عقل في الدنيا المعاصرة، حتى ما عاد الآخرون يدركون مصيبة أمة تملك كل شيء ولا تملك أي شيء!!
ترى لماذا لا تفكر الأمة بمصالحها، ولا تثق بنفسها وشعبها، وتؤمن بوجودها الإنساني والحضاري، وتنطلق في مشاريع البناء الذاتي والموضوعي؟
لما تنشغل بمصالح غيرها؟
وتجد نفسها خائفة مرعوبة، كلما حقق الآخرون من حولها مصالحهم، وأثبتوا قيمتهم ودورهم؟
لماذا يا أصحاب الرأي والقلم؟
فالأمم المصالح ما وعيت، ولا تنفع الأخلاق إن لم تكن متصلة بالمصالح، فالدنيا أخذ وعطاء وليست عطاءً وحسب!
وأمتنا لا تفهم إلا بالتحول إلى قربان حضاري من أجل عيون الآخرين!
فهل من "بَسْ" أي خاتمة أو نهاية؟!
وهل ندري أنّ "لكل لعبة بَسْ"!!
واقرأ أيضاً:
مفاهيمنا العتيقة!! / الديمقراطية في العمل!! / العملية الديمقراطية!! / الهزيمة الديمقراطية!!