واردات الدول النفطية العربية تقدر بأكثر من نصف ترليون دولار سنويا، ومعظمها يُستخدم لقتل العرب، والاستثمار في صراعات دامية فيما بينهم. فالعرب يقاتلون بعضهم بأموال النفط، التي يشترون بها الأسلحة الفتاكة التي ما استخدموها إلا للعدوان على أنفسهم.
وما يحصل في المنطقة ومنذ ثلاثة عقود، إنما حرب غير معلنة ما بين الدول العربية، وتتخذ مسميات متنوعة، ومتوالدة، ذلك أن أموال النفط عندها القابلية الفائقة على تفريخ المجاميع والفئات والأحزاب والتنظيمات، التي تشترك جميعها بأنها تغنم أموالا طائلة، وأسلحة حديثة ومعدات تتوارد إليها من كل حدب وصوب، وما عليها إلا أن تتقاتل، وتدمر البلاد، وتعلن دولها وإماراتها، وجيوشها وتنظيماتها، وكل ما يمت بصلة للخراب الشامل المروع الأحداث. فكسب الشباب وتجنيد الناس يستند على دعم مادي كبير، فلا يمكن جذب البشر من غير محفزات ومكاسب مادية، وهذا يعني أن أموال النفظ تبذل ببذخ وإسراف عليهم، لتأهيلهم للقيام بالأدوار اللازمة لقتل العرب.
وتبدو الصورة وكأنها كما حصل في نزاعات الأندلس بين إماراتها، حتى انتهت الحالة إلى القضاء عليها جميعا وتدمير وجودها. وهذا يعني أن القتال (العربي - العربي) سيستمر لعدة عقود وربما لبضعة قرون، حتى يجد العرب أنفسهم وقد صاروا سبايا، وأخذت بلدانهم، وتشردوا وما بقي ما يشير إليهم إلا بعض الآثار والأسماء، كما هي الحال في الأندلس، التي تجد فيها ما يشير إلى أهلها، ولكنهم في غياهب النسيان الأبيد.
والحقيقة المرة أن الحرب مستعرة بين الدول العربية، لكن الجميع يأبى التصريح بها مباشرة، ولو أن بعضها لها إعلامها الذي ما عاد يخجل من القول والفعل، وتقديم التاييد لهذا الطرف أو ذاك للتقاتل والدمار. فواقع الأمر يشير إلى أن الذي يجري في المنطقة من أحداث وتداعيات وصراعات تموله واردات النفط، وهذا يؤكد أن النفط ضد العرب، والديمقراطية ولدت ميتة في أرض فيها نفط، لأنه يقاتلها، ويستدعي ما يحولها إلى مأساة، كما يجري في كل دولة ثارت من أجل الحرية.
ولأن القائمين على دول النفط لا يستثمرون في الخيرات، وإنما في الشرور والويلات، ويبررون ذلك وفقا لما يعتقدونه أو بما يُؤمرون به وحسب، ولا يهمهم مستقبل الأجيال، والعمل على تنمية القدرات الإنسانية، ورفع المستويات المعاشية، وتوفير فرص العمل وإقامة المشاريع النافعة للناس، والفاعلة في تحقيق الأمن والسلام.
فلولا النفط لما تمكنت القِوى أن تتسلح وتثرى وتفرى، وتقوم بما تقوم به من العمليات والمواجهات، فذلك يحتاج إلى أموال طائلة وتفاعلات معقدة ومتعددة، وكله يتحقق ببذل أموال النفط.
فلماذا النسبة العظمى من واردات النفط مسخرة لقتل العرب؟!!
ولماذا العرب أكثر من نصفهم تحت خط الفقر، وأكثرهم لا يجدون ما يؤمّنهم من جوع ومن خوف؟!!
واقرأ أيضاً:
الهزيمة الديمقراطية!! / لا يصح إلا الصحيح!! / لنحاور أنفسنا قبل أن نتحاور؟!! / أوعية الشعوب المثقوبة! / تُجّار اليأس!!