هي قراءة نفسية نرجو أن تكون موضوعية ومحايدة وعلمية للمرشحين لرئاسة الجمهورية تستند إلى المنهجية التالية:
– تحليل اللغة اللفظية من خلال متابعة الحوارات واللقاءات المختلفة
– تحليل لغة الجسد (الصوت ومصاحباته, نظرات العينين, خلجات الوجه, حركة اليدين والذراعين, طريقة الجلسة ..الخ)
– استقراء التاريخ الطولي للشخص من حيث قراراته وإنجازاته وخطواته في مختلف مراحل حياته
– ما قيل عنه من متخصصين في العلوم النفسية والإجتماعية
وبصرف النظر عن انتماءاتنا أو مشاعرنا أو قبولنا أو رفضنا لأحد المرشحين أو كليهما فإن أحدهما سيصبح بعد أيام رئيسا للجمهورية, وهذا يستلزم معرفة دقيقة بتركيبته النفسية تساعدنا على توقع قراراته وسلوكياته وردود أفعاله.
المشير عبدالفتاح السيسي
المحور الأساسي في الشخصية: يغلب عليه قانون الصراع, ويتفرع من هذا القانون السيطرة والتحكم, والإيمان بالقوة, والرغبة في الإنجاز وتحقيق الأهداف, والحرص والحذر والتوجس والإستعلاء والدهاء والمراوغة والمناورة وعمل الحسابات وتجهيز الخطط والانقضاض في الوقت المناسب والمنافسة والندية والحسم والحزم والشدة والقسوة والحدة والجدية والصرامة والقطع والتنفيذ.
ونظرا للخلفية العسكرية والمخابراتية للمشير السيسي فإنه يخفي أكثر مايظهر, وقد يصعب في وقت من الأوقات معرفة مايدور بداخله, ولهذا من المهم في قراءة شخصيته الاهتمام بالقناع والظل, فهو كرجل عسكري ورجل مخابراتي تدرب لسنوات طويلة على أن يخفي مشاعره, وألايسمح للآخر بالتوغل داخله ومعرفة مايدور لأن مابداخله إما سر عسكري أو معلومة مخابراتية, ولذلك يميل للسرية والكتمان والتحفظ.
فالقناع عند السيسي يظهر لغة عاطفية حنونة بنبرة صوت هادئة ومنخفضة ومتواضعة ومستعطفة ونظرات عينين هادئة وبها مسحة حزن, أما الظل (الرابض في الداخل ويظهر في القرارات والأفعال) فيعكس شخصية صارمة حادة ومتحدية وسلطوية وقيادية ومراوغة وكتومة وحذرة وقلقة وصراعية وغير صبورة وقاطعة وقاسية حين تستغضب ومنقضة على الهدف, والقناع أقرب للشخصية الحدسية التي تعلي من قيمة العواطف والماورائيات والأحلام والإلهام والعموميات والتنبؤات , أما الظل فيتسم بالواقعية الشديدة والموضوعية والمعلوماتية والدقة والتخطيط وانتهاز الفرص لتحقيق الأهداف.
والنظارة السيادية السوداء التي كثيرا ماكان يظهر بها تشكل جزءا من هذا القناع فهي تخفي عن الناظرين مايدور بعين صاحبها وتسمح له بالتجوال البصري منفردا فيمن حوله, كما أنها تشكل حاجزا بينه وبين الآخرين يتيح له فرصة المناورة والتحكم, كما أنها تعطيه سمة سيادية فوقية, ففيها الجزء الإخفائي التكتمي وفيها الجزء الاستعلائي.
والشخصية الصراعية تنحو إلى العمل في أجواء مشحونة بالصراعات, ووجود عدو مهدد, وقد كانت أخطاء الإخوان وتغطية الإعلام تهيئ للشخصية هذه الأرضية الصراعية المليئة بعوامل الخوف والتهديد (الحقيقي منها والمصطنع), فقام بدور المنقذ والمخلص والملاذ الآمن.
يستخدم كلمة "أنا" وضمير المتكلم بشكل ملفت للنظر بما يعكس حالة من الذاتية والأنوية العالية, ولكنه يحاول أن يلطف ذلك بمظهر التواضع الخارجي متمثلا في نبرة الصوت المنخفضة ونظرة العينين الممتزجة بمسحة حزن استعطافية, وهو حين يتحدث يبدو الآخر والآخرين في هوامش الصورة في حين يحتل هو بؤرة المشهد طول الوقت, ويتعامل مع الآخرين على أنهم دائما في حاجة إلى توجيهاته وتحفيزاته ورعايته وحنيته وحمايته, بمعنى علاقة الطفل القاصر بالوالد الحامي والمسيطر.
والسيسي كان يبدو أكثر انسجاما وتناغما وراحة وثقة وفخرا وتألقا وهو يرتدي البذلة العسكرية المزركشة والمشمرة الذراعين, أما حين ارتدى البذلة المدنية فقد بدا أقصر قامة وأقل حجما وأضعف بريقا, وبدت علامات الحزن والانكسار في عينيه, ولم يعد يظهر بذات القوام المشدود والحركة العسكرية.
وشخصية السيسي لا تحمل في ذاتها عوامل الكاريزما بالمعنى المعروف, ولكنه اكتسب ما يسمى "كاريزما الموقف" و"كاريزما الزي العسكري" , فموقفه في الأحداث وظهوره كمنقذ ومخلص في ظروف اتسمت بحالة عالية من الخوف والتهديد وعدم الإستقرار أحاطه بهالة الزعامة عند محبيه ومريديه, كما أن الزي العسكري بانضباطه واتساقه له بريق خاص.. خاصة في وقت الصراعات والأزمات وخاصة لدى الخائفين والمأزومين.
وصاحب الأنا العالية لا يحتمل المقاطعة من محدثه, ويصر على أن يوصل فكرته حتى نهايتها بالطريقة التي يراها, ولا يحتمل المعارضة بل يعتبرها نوع من الشغب وتضييع الوقت بلا فائدة, ويعتد برأيه بشكل قاطع وحاد لا يقبل التفاوض أو المساومة فهو في رأيه يعرف الصواب ويتوجه إليه وليس بحاجة لرأي آخر أو مشورة, ويجب على الآخرين اتباعه لأنه يعرف مايصلحهم.
وهذه الأنا العالية يتم تغذيتها وتضخيمها مع الوقت بالمبالغة في امتداحه وتقديسه ورفعه فوق مستويات البشر, وهذا ما يفعله مؤيدوه ومحبوه بشكل مبالغ فيه بما يهدد بتكوين نواة نرجسية تتضخم مع الوقت ويتم تغذيتها والنفخ فيها حتى تصبح خطرا على صاحبها وعلى الآخرين.
وفي حواراته الماراثونية المتعددة كان يبدو هادئا ودافئا وحنونا طالما أن السياق يصب في اتجاه رؤيته, أما حين يحدث خلافا أو اختلافا أو خروجا عن السياق الذي يريده فكان يظهر له وجه آخر بحيث ينتقل وبسرعة من النص الرومانسي الحنون إلى نص عدائي هجومي حاد.
يشير بيديه ناحية صدره كثيرا بما يعكس الإهتمام بالأنا, كما يستخدم اليدين المشدودتين لصنع حاجز أمامه ليرسم حدودا بينه وبين الآخر, وكثيرا مايستخدم السبابة السلطوية وحركة اليد السيف واليد الساطور, وكلها تعكس سمات السلطوية والسيطرة والتحكم.
يتوحد مع ذاته ومع الجيش, ويشعر بالفخر الشديد والتفرد والتميز والإستعلاء لهذا التوحد والانتماء.
هو بالتأكيد شخصية قيادية حازمة وقاطعة وسريعة, ولكنه يغطي ذلك بعبارات واستمالات عاطفية يدغدغ بها مشاعر الجماهير ولا تخلو من مبالغات في بعض الأحيان, وهو يشغل مستمعه بهذه الحالة العاطفية حتى لا ينتبه إلى ما يريده ويصبو إليه من خطط وقرارات قاطعة وحاسمة.
لا يرى في الغير إلا مساعدين وأدوات لتحقيق الهدف المطلوب وكأنهم جنود يتحركون وفق الخطة الموضوعة والأوامر
يحتفظ لنفسه بالمعلومات (سرية) ويخطط ويدبر وينتظر الفرصة لاتخاذ القرار في الوقت المناسب ويحقق مايريد بدقة بناءا على كل الخطوات السابقة.
يفكر في طريقة الحكم بالعقلية العسكرية بحيث تكون بالقرار السلطوي والأوامر التراتبية واجبة النفاذ في التو واللحظة, ولا تتضح لديه الصورة المؤسساتية للدولة, ولا تتضح الصورة التشاوراتية التعددية الديموقراطية لصنع القرار, وليست لديه مرجعية فكرية أو سياسية, ولذلك يعود دائما إلى المرجعية العسكرية المستقرة والراسخة في عقله ووجدانه وسلوكه على مدى 45 عاما متواصلة.
إجاباته قصيرة وقاطعة ومحددة ومتوجهة نحو الهدف, وطريقة التفكير أحادية وخطية, وتخلو من تعددية المستويات والجوانب, لديه استراتيجية واضحة ومحددة ولكنها مختزلة.
وحديثه خليط من الحجة والعاطفة, وأحيانا يستخدم المفردات والمعاني الدينية, ونبرات صوته واحدة ونمطية في أغلب الحديث ولكنها تعلو حين يستغضب أو تمس ذاته أو يمس الجيش الذي توحدت به ذاته.
ومن خلال حواراته يتضح أن التظاهر بالنسبة له من المحرمات .. أو على الأقل من المكروهات, وهو لا يفصل بين التظاهر الفئوي والتظاهر السياسي, وبين التظاهر العنيف والتظاهر السلمي, فكله بالنسبة له شغب وتضييع للوقت وتكدير للأمن العام ومخالفة للقانون تواجه بكل حزم وشدة , وهو يصل في رفض معارضيه إلى درجة الإقصاء التام والقاطع.
تاريخه الوظيفي يعكس ثباتا وتراكما وصعودا في المراتب العسكرية, ولكن تاريخه السياسي قصير جدا بما لايتجاوز سنه واحدة, وربما هذا يفسر سطحية وأحادية واختزالية الرؤية السياسية.
ومع كثرة الحوارات والأحاديث تساقطت الكثير من الدفاعات النفسية لديه فظهرت أشياء ومساحات في الشخصية ربما كان حريصا على إخفائها, ولهذا بدا عليه في أوقات كثيرة علامات عدم الإرتياح لهذا الإختراق الحواراتي لعالمه الذي لم يكن يحب أن يفصح عنه, فظهوره لساعات طويلة وتعرضه لأسئلة من محاورين محترفين أظهر بعض العيوب مثل حالة الأنا العالية والثقة الزائدة بالذات, والضيق بالمعارضة وعدم تحمل النقد أو المقاطعة, وسطحية الرؤية السياسية والاقتصادية, وذلك عكس ظهوره السابق بالبذلة العسكرية وترديد كلمات عاطفية صنعت هالة شخصية ومهنية حوله اكتسب بها زعامة جماهيرية كبيرة.
ولغة الجسد فيها ازدواجية فبينما نسمع صوتا هادئا منخفضا حنونا ونري عينين منخفضتين ضيقتين ممزوجتين بمسحة حزن, نرى في المقابل حركات اليدين تعكس سلطوية قاطعة وحاسمة وحازمة ومؤكدة وتضع حواجز بينه وبين الآخر, وتعكس رغبة في القيادة والسيطرة والتحكم.
وهو في أحواله العادية يبدو ناعما هادئا "حنيّنا" إلى درجة مبالغ فيها أحيانا, أما حين تسير الأمور عكس مايريد تراه عنيفا حادا قاطعا متنمرا مهاجما, ويظهر الجانب الصراعي بداخله وربما التصادمي, فهو لا يعرف الحلول الوسط, ولا يميل إلى النسبية بل يتجه نحو المطلق.
السيد حمدين صباحي
المحور الأساسي في الشخصية: قانون الحب, ويتفرع عنه الإهتمام بالعلاقات والقيم والجماليات, أكثر من الإهتمام بالإنجاز, ويتميز بالدفء الإنساني والإجتماعي, والبساطة والتواضع, والثقة بالخير وبالناس وبالحياة وبالمستقبل, حب الجمال في كل شئ, والطمأنينة والسماحة والتسامح واللين والرفق والتواضع والحلم والأمل, وحسن الظن بالناس وبالحياة, واعتبار أن الخير هو الأصل في الحياة.
مرجعيته الفكرية مشتقة من التجربة الناصرية التي مر عليها سنوات طويلة تغيرت فيها الأحوال, ولذلك فهي تمثل تثبيتا ونكوصا ورؤية رومانسية لمرحلة تاريخية تجاوزتها تجارب البشر في العصر الحديث.
لديه قدرة متميزة على الحديث المنمق والمسترسل, ولديه القدرة على الإقناع بالحجة والدليل, ولديه خبرة هائلة في مخاطبة الجماهير سواء بشكل مباشر أو عبر وسائل الإعلام, ويميل إلى الشرح والإستفاضة.
طموح جدا وحالم وخيالي ويسعى لتمجيد وتفخيم ذاته, ولديه ثقة عالية بالنفس يغطيها بتواضع أصيل في شخصيته.
تتنوع نبرات صوته وردود أفعاله مع الحوارات والمواقف بما يعكس شخصية بسيطة وتلقائية وصادقة ومرنة.
واسع الأفق ولديه درجة عالية من النضج الوجداني والسياسي, ولديه مرونة دبلوماسية في خطابه السياسي, ولديه دهاء في التعامل مع المطبات الحوارية.
لديه رؤية وفلسفة سياسية متكاملة ومتعددة المستويات ولكنها تميل لأن تكون حالمة أكثر منها موضوعية وواقعية, متسق مع ذاته ومتصالح معها ومع الآخر في سهولة ويسر وطمأنينة, ولم يعرف عنه في تاريخه ما يشينه, وليس في حياته تناقضات في المواقف والأفعال.
منتمِ للطبقات الفقيرة والمهمشة من العمال والفلاحين بحكم النشأة وبحكم التكوين الأيديولوجي, وفي ذات الوقت متصالح مع الطبقات العليا في المجتمع, وله كاريزما شعبية خاصة بين الشباب.
أما عن لغة الجسد فملامح وجهه تعكس ابتسامة دائمة وكأنها محفورة في الوجه بحيث أصبحت جزءا من جغرافيته, ونظرات العينين دافئة وودودة وصادقة, والفم متسع ومقوس وجوانبه مرتفعة بما يعطي انطباعا بالرضا والطمأنينة والإرتياح والسماح, حركات اليدين توافقية تصالحية احتضانية تعاونية متوازنة ومتعانقة أحيانا, يضم أصابع يده اليمنى حين يريد التحديد.
هو شخصية تجمع بين الحسية العاطفية وبين الموضوعية العقلانية في توازن.
وملامح الوجه المذكورة تنم عن شبع وجداني منذ الصغر وحالة رضا عن الذات وعن الآخر وعن الحياة, وعلى قبول للأضداد والمتناقضات دون تأزم مع ثقة في المستقبل وانتصار الخير.
يحترم المخالفين له في الرأي ويستطيع التعايش مع المعارضة ويعتبرها جزءا أصيلا في المنظومة السياسية, ويميل نحو التوافق والتصالح ولم الشمل, ويحسن الظن بالآخرين.
يفتقد في تاريخه الطولي للإنجاز الوظيفي التراكمي, فلم يعرف له وظيفة ثابتة ومتميزة, ولم يحقق بناءا مؤسسيا له وزن ولا بناءا صحفيا عالي القيمة رغم عمله بالسياسة والصحافة طوال عمره, بل ظل فقط ناشطا سياسيا ثائرا معارضا حالما ملهما لمريديه وأتباعه ولكن دون تراكم إنجازي مؤسسي على الأرض باستثناء شعبيته وثوريته ومبادئه وشعاراته ودوره في التغيير في الدولة وإن كان بسيطا.
كما أنه يفتقر للحزم والحسم ولا يعرف عنه العمل الشاق أو المثابرة فظهوره ونشاطه يكاد يكون موسميا انتخابيا.
له تاريخ نضالي وثوري مشرف وعاش طيلة حياته مدافعا عن قيم الحرية والعدالة الإجتماعية والكرامة الإنسانية, وله دور مؤثر في ثورة 25 يناير وفي أحداث 30 يونيو, ومدافع أصيل عن حقوق الإنسان في الحرية ولقمة العيش الكريمة.
واقرأ أيضاً:
المصريون في قفص السياسة/ كيف يختار المصريون رئيسهم/ السيسي حزينا/ فوبيا المعارضة !/ طبيعة السلطة القادمة