🏔 وهنالك ممارسات أخرى كما في العصور الوسطى، كانت تمارسها الهيئات الدينية، لتُبقي على سلطتها الواقعة بين نخبة الحكم وعامة الشعب، فيجب ترضية النخبة، مع تجهيل الشعب لتستمر دعائم السلطة الكنسية في ذلك الوقت من العصور.
🏳 أما عن حال الشعب، فقد كان في غالبيته جائعاً، مريضاً انتشر بين أفراده التفوئيد والملاريا والكوليرا والسُل، بحسب موقع هذا الشعب على خارطة الاستبداد أو الديكتاتوريات.
〽 وعندما ظهرت افكار الثورة الشعبية، أو ثورة البرليتاريا، أو ثورة الفقراء... ويكون مسماها بحسب خارطة الفقر على رقعة الأرض. فقد أطلت هذة الثورة من معدة خاوية، ومن تقاسيم وجه متسخ بشقاء العمل، وأيدي مشققة لم تكن لتفرّق حينها بين يد رجلٍ أو يد امرأة، ولو كنت في أوروبا على سبيل المثال لأحاط بك السعال من كل جانب، ولصارت نجاتك ونجاة أولادك من السُل هاجس يومك كما هاجسك توفير كسرات من الخبز.
🏹 دعم المثقفون الثورييون مسيرة ثورات الجوع والظلم، وأصبحت لدى الثوري لوازم يومه قبل خبزه، أن يفهم التاريخ والفكر والاقتصاد والسياسة، لذلك برزت حركات التثقيف بنشر الصحف والكراسات، وتم صناعة متراس الثورة من فكر النهضة.
🌍 بقراءة مستفيضة لكل ذلك، وقفت حائراً أمام حقائق أوطاننا المجدولة ظفائرها بحدود اتفاقية سايكس بيكو، وكان لا بد من مهارات عقلية تتجاوز تلك الموصوفة بالمهارات العليا لفهم ما يحصل حولنا وخلالنا وبنا.
🌘 قالوا لنا إن الانتداب غادر أوطاننا، لكن الحقيقة أن قيم الانتداب والاحتلال مترسخة في معظم ممارسات البلاد العربية، فصورته باقية في صدر حريتنا كأن له قداسة الأب الذي سافر عن أولاده فترة من الزمن وحتماً سيعود، فقد عاد أحفاد ذلك الاحتلال لعدة بلدان كالعراق، أو حتى أنهم لم يخرجوا منها بالأصل كما في فلسطين.
🕸 لا يهم لغة الاحتلال أو دينه، ففكر الاحتلال واحد، وعندما استسغنا الاحتلال، فإننا استسغنا الذل والهوان، تخيل أننا رجال نعود لبيوتنا بعد يومٍ من العمل ثم نتعشى، ونلاعب أطفالنا، وننام على فراشنا هانئين، كأن كل قضايانا قد حللناها، أو كأننا رفعنا رايات النصر فوق باحات الأقصى للتو فقط.
🍂 ما زالت بعض البلاد تحت الاحتلال، وبعضها الآخر تحت خط الفقر، وبعضها فوق خط التخمة وتحت خط الجهل. ولا أقصد أن أعيب على الناس أمورهم، لكننا متفرقون بعمق، ومشتتون بعمق، ورغم اتساع ما قد يجمعنا، لكننا ضاقت بنا الدنيا في كل ما يزرع الفُرقة والفتنة بيننا.
🌾 لا أجد طريقاً للثورة على واقعنا الحالي إلا من مسارٍ يجب أن يمر من عمق عواطفنا، ففقرنا للكرامة لا للمال، وجوعنا للعزة لا للخبز، وعدونا الأول والحقيقي هو عواطفنا، هي حماستنا الصبيانية، والتي تصعد في حالات الفزعة المقيتة، وتموت على أبوب القدس.
🗞 لمن يريد أن يقرأ واقعنا، فسيجد أن عميق تخلفنا، ومشاريع التنمية المستدامة للجهل في عقولنا، تُزرع في اخصب بقعة في جغرافيا نفوسنا، تزرع في عواطفنا الهشة، وعندما زرعوا الجهل في أرض العاطفة، كان المنتج ما معظمنا عليه الآن، متعصبون، غاضبون، ناقمون، متسرعون، وفكرنا كريشةٍ في مهب الريح، وبوصلتنا لا تعرف الاتجاهات، بل ضيعت الجهة الأكيدة.
⚖ إن حريتنا الحقيقة تمر قبل كل شيء من ضبط عواطفنا وانفعالاتنا، فلا نخاف من رسائل الواتساب المكذوبة، ولا نتناقل المعلومات بجهل، ولا نساهم في خراب أوطاننا لأننا...شعرنا بكذا... احسسنا بكذا... انفعلنا بلحظة كذا.... فما دمنا نعاني من ضعف التنظيم العاطفي الانفعالي، فسنعاني من جهل التقدير والتقييم المعرفي، بحيث يتسلل الجهل لعقولنا، ويلون حتى أرض أوطاننا، فالأمية لم تعد عدم القدرة على القراءة والكتابة، بل أصبحت عدم القدرة على تقدير حقيقة ما تكتب أو تقرأ كما هو حالنا الآن.
13/8/2017
العبث بالعقل: الحلقة12 / صناعة الهدر / شهر رمضان والعادات السلوكية3 / أيها المبتلى بالوهم : الموهومون / نحمل في داخلنا: (١) الحاجة إلى الانتماء/ نحمل في داخلنا (٢) الحاجة للأمان: