أي يمعنون باختلاق المعارك بينهم, وهمُ في عراك دائب, ويجتهدون باختيار موضع القتال الذي يعتركون فيه إذا التقوا, وهمُ في معاركة دائمة وكأن رسالتهم وديدنهم الاعتراك!!
فالعرب معركتهم واحدة ومصيرهم واحد وكل ما فيهم واحد, لكنهم ألف واحد وواحد, فهم يتناطحون ويتصارعون ويتذابحون وبأسلحة أعدائهم يتفاخرون, وبسفك دمائهم يتمجّدون وبجهالتهم يتبارزون وبغفلتهم يعمهون.
والطامع بالعرب يقول: دعهم يتمعركون ولأسلحتنا يشترون, فنارهم تأكل حطبهم وهم فرحون!!
ما أرعب العرب, يستلطفون استيلاد الخَطب خَطبا بعد خَطب, ويستعينون بالنار على الحطب, وأنهم الأحطاب ولكن لا يشعرون. لهب لهب, وكل كرسي صار عونا لحمّالة الحطب.
فأين العروبة والعرب؟!!
يا أمة تتقدد, ونجيعها يتبدد, وليلها يتمدد, وأنينها يتجدد, ومَن فيها على بعضه يتوعّد, والسابغات من حولها تترصد, وعندما تستغيث يأتيها من أعدائها المدد, فتستكين وللهوان تتوسد, فأين العرب من أمةٍ لكي تنمحي تتعدد.
الزمن أعوج والمكان أعرج والحياة هرج ومرج, والدنيا على العرب تتأسد, فهم الفرائس والقرابين والأنعام الساعية إلى مجازر الأبد.
ماذا يدور في أمة العرب؟
مات الدين وانتعشت الأصنام, وانتهت الأخوة وتباركت العدوانية, وما يبغضه الله يمارسه عباده, وتحول الناس إلى فصائل ومجاميع تتذابح في مدنها وأوطانها وبيوتها, فالفرقة دين, والمذهب دين, والطائفة دين, والكرسي كتاب مبين, فتحولت المدن إلى خراب والحياة إلى يباب, فالكل قابيل والكل هابيل, والمفترسون من حولهم يتضاحكون ويتمتعون بوجبات دسمة ذات مذاق لذيذ.
أمة أزهقت روح أخلاقها وقيمها ومبادئها وأضاعت جوهر دينها وفحوى رسالة نبيها, وتجاهلت كتابها ومضت في أمية قرآنية مروعة.
أمة محكومة بالفتاوى المغرضة وبالدجل والأضاليل والعمائم المدنسة واللحى المغطسة بحناء السوء والبغضاء, والرؤوس المستعبدة بأمّارات السوء والعدوان على الإنسان.
وفي هذا الخضم المتلاطم يتمعرك العرب ويبخسون أنفسهم ويتسابقون إلى ميادين سوء مصيرهم, فهل وجدتم أمة أعز من أمة العرب؟!!
واقرأ أيضاً:
الكراسي العربية الغبية!! / التاه - ريخ؟!! / الحريق والطريق!! / العقل والدين!! / الأزموية!! / الخرائط المرسومة والشعوب المقسومة!! / العرب يُنفذون المشاريع ولا يُفشلونها!! / إذا اتحد الأقوياء يشقى الصعفاء!!