أيها العرب لا عاصم لكم اليوم من الغرق والانقراض إلا العروبة، فهي طوق نجاتكم وبوصلة مصيركم، وبرهان وجودكم وعلامتكم الفارقة وهويتكم الصادقة، وبغيرها سيكون حالكم أسوأ مما أنتم عليه اليوم. فما أن غسل العرب أيديهم من عروبتهم حتى داهمتهم وحوش الغاب المعاصرة وافترستهم شرّ مفترس، فشرذمتهم وألبتهم على بعضهم، وحولتهم إلى فرائس منهمكة بإضعاف بعضها وإنهاكها ليسهل صيدها وإيقاعها في شراك المتربصين، فسقط العراق في شراك حروب مدمرة، ليكون وليمة للآخرين وبمؤازرة جميع العرب.
وبعد أن مُحقت قوته وسيادته وقدرته، صار افتراس العرب سهلا وممكنا وبواسطة العرب أنفسهم، بعد أن يتم تحويلهم إلى فرائس مستغيثة تستنجد بأعدائها لحمايتها من أخيها كما تتوهم أو كما تملي عليها مخاوفها وتوجساتها، فلكي تبقى بعض الدول عليها أن تلبي مصالح أعدائها وتكون أكثر غيرة منهم على مصالحهم، وهذا ما تقوم به تلك التي سخرت ثرواتها للفتك بالعرب وتدمير وجودهم وتحقيق مصالح أعدائهم. ذلك أن خيط العروبة قد انقطع، وانفرط عقد الوجود العربي، وراحت دوله تتقافز حائرة كخرزات المسبحة المنفرطة، لا تعرف لها شكلا ولا هدفا ولا غاية ولا موضعا، بل تتدحرج في متاهات الضياع والخسران والوقوع فريسة سهلة للآخرين.
وبسبب غياب التماسك العروبي، تم تطبيق سياسات تمزيق القطيع والانفراد بالفرائس مثلما يحصل في الغاب، عندما تسعى الضواري لإخراج الفريسة من القطيع لكي تنفرد بها وتأكلها، لأن وجودها في القطيع يحميها من الافتراس. وإذا تصورنا الدول العربية كالقطيع في غاب السياسات، فإن افتراسها لا يتحقق إلا بالإفراد، وهذا ما تمكنت منه القوى المفترسة للعرب، فبعد أن انفردت بمصر التي هي العمود الفقري للعرب، استطاعت أن تتفرد بالدول العربية الواحدة تلو الأخرى، بدءً بالعراق وانتهاءً بليبيا وسوريا واليمن وما سيأتي.
فالقطيع العربي قد تبعثر وما عاد قادرا على تطبيق آليات وسياسات القطيع، وإنما انفردت الوحوش وحسب قدراتها بهذه الدولة أو تلك أو ببعضها، وبعض الدول قد تآزرت مع المفترسين لافتراس أخواتها، وهي كالأسير أو الروبوت الذي عليه أن ينفذ إرادة سيده، أو أنها كالفأرة في قبضة القط الذي يراقصها حتى يجعلها تسكب جميع محتويات غددها الصماء ليتمتع بلذة طعمها.
ووسط هذه التراجيديا العربية، وكوميديا الافتراس المبرمج الفظيع، لا يوجد أمام العرب إلا طوق نجاة العروبة، فإن لم يتمكنوا من الإمساك به فإن الغرق مصيرهم!!
فهل سيدرك العرب أن العروبة ركيزة وجودهم الأقوى؟!!
واقرأ أيضاً:
الفتاوى وما أدراك ما هي؟!! / كأنّ الرؤوسَ حاوياتُ نفايات!! / خيارك يقرر مصيرك!!