الحب أربعة أنواع رئيسة هي : الحب الرومانسي، والحب الجنسي وحب الصحبة وحب التملك، واليوم نتكلم عن حب التملك.
هذا نوع من الحب نراه بين زوج وزوجته (أو العكس)، ونراه بين أم وابنها (أو العكس)، أو في أي علاقة تحتوي على عناصر الأنانية واللزوجة والاعتمادية والإدمانية والإلحاح والانتهازية والرغبة الشديدة في الاستحواذ على المحبوب واستبقائه تحت السيطرة بأي شكل ومهما كان الثمن. وقد ترى صاحب حب التملك (أو صاحبته) ينتقد الطرف الآخر كثيرا ويرى فيه كل العيوب، وقد تكون بينهما مشكلات وصراعات عديدة ولكنه يصر على الاحتفاظ به كملكية خاصة ولا يسمح له بالانطلاق بعيدا ولا يسمح لغيره بالاقتراب منه. وفي حب التملك تزداد الغيرة ويزداد الشك لأن المحب هنا يفتقد الثقة في ذاته وفي جدارته بالحب، ويفتقد الشعور بالأمان في مراحل حياته المبكرة، كما يفتقد الثقة في المحبوب ويعتبره نزقا مراوغا منفلتا يريد أن يفلت منه في أي لحظة ولذلك يراقبه ويتجسس عليه ويحتفظ بأدلة إدانة له كلما استطاع ويهدده ويبتزه بها.
وقد يتساءل البعض، وهل هذا حب أصلا بهذه المواصفات البشعة ؟ .. نعم إنه حب، ولكنه حب الشخص لذاته، تلك الذات الهشة الضعيفة التي تحتاج لعلاقة اعتمادية إدمانية على المحبوب تعطي تلك الذات الشعور بالأمان والقبول، ولذلك نرى من يمارس (أو تمارس) حب التملك يدافع عن محبوبه (الذي يرى فيه كل العيوب) بشكل شرس، ويمارس كل ألوان الضغط لمنعه من الإفلات من قبضته أو الاقتراب من غيره، وربما يؤذيه أو حتى يقتله لأنه لا يحتمل أن يراه ملكا لغيره، فالأمر هنا ليس حبا بالمعنى المعروف ولكنه حب بقاء لذات لا تقوم بنفسها ولكنها تقوم بذات المحبوب وتستمد مقوماتها منها.
وفي حب التملك لا يهتم الشخص باحتياجات المحبوب أو ظروفه أو تطلعاته أو نجاحاته أو فشله، هو فقط يريده تحت عينه وتحت سيطرته، وهو يقترب منه أكثر في لحظات مرضه أو ضعفه، بل قد يحبه أكثر في تلك اللحظات لأن المرض أو الضعف يعطيه طمأنة على بقاء محبوبه حتى ولو كان مريضا أو ضعيفا.
وقد يقدم المحب رشاوى مادية أو جنسية للمحبوب في مرحلة ما أو يقدم له تسهيلات للاقتراب منه واستبقائه، فإذا عجز هذا السلاح من الرشاوى يظهر الوجه الآخر من التهديد والوعيد وقد يصل إلى الانتقام بأي صورة.
وعلى الجانب الآخر نرى المحبوب في هذه العلاقة يشعر بالقلق وعدم الارتياح على الرغم من تمتعه في البداية بالرشاوى والتسهيلات والإغراءات من المحب، ولكنه يتأكد بعد فترة من نوايا ذلك المحب في استبقائه العنيد له تحت سيطرته ويشعر أنه دخل قفصا حديديا لا يسهل عليه الإفلات منه، ومع ذلك تتعدد محاولاته للإفلات ولكن دون جدوى، فالطرف الآخر يجعل إفلاته من تلك العلاقة مستحيلا أو ذا كلفة عالية لا يتحملها المحبوب ولهذا قد يستسلم ويتراجع.
إنها إذن معركة استحواذ وحفاظ على ملكية وعلى بقاء ذات المحب مهما كان الثمن وقد تستخدم فيها كل وسائل وأسلحة الضغط مثل الأولاد أو المال أو الفضائح أو غيرها.
وما الحل إذن ؟ .. هل يستسلم من تعرض لهذا الحب إيثارا للسلامة والنجاة من إيذاء المحب العنيد الجحود، أم يواجهه ويدخل في معركة عنيفة لنيل حريته وتحقيق احتياجاته التي يتنكر لها الطرف الآخر؟ .. وهل يجدي العلاج النفسي لطرفي العلاقة بحيث يستبصران بأثرها عليهما وعلى المرتبطين بهما من أبناء وغيرهما ؟ .. وهل العيب فقط في المحب المتملك، أم أن الطرف الآخر كان له دور في ذلك بحيث أعطى الفرصة لذلك من البداية وربما استفاد من هذا الحب في بعض المراحل ولكن حين لاحت له فرص أخرى من الحب الأرقى حاول الإفلات ولكن بعد فوات الأوان، وبهذا تكون العلاقة أشبه بالاعتمادية المتبادلة أو المتواطئة التي يشكوا منها الطرفان وفي نفس الوقت يتمسكون بها. ولا ندّعي وجود حل سهل لهذه العلاقة المتناقضة والمستنزفة ولكن نلقي الضوء عليها بهدف تجنبها والوقاية منها منذ البداية.
واقرأ أيضًا:
لقاح كورونا والفياجرا.. صدفة خير من ألف علاج / إدمان مواقع التواصل الاجتماعي3