الملكة إليزابيث الثانية ١٩٢٦-٢٠٢٢ م
في اليوم الثامن من أيلول ٢٠٢٢ وقفت الزعيمة السياسية الجديدة لبريطانيا في مجلس العموم لأول مرة تعلن عن خطتها الجديدة لمواجهة أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة التي تصدرت عناوين الأخبار منذ عدة أشهر بسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والوقود. وصلت رسالة من القصر الملكي إلى البرلمان تعلن أن جلالة الملكة إليزابيث الثانية تحت مراقبة طبية، وتم الإعلان عن رحيلها كما توقع الجميع مع أخبار السادسة مساءً. مع الإعلان عن رحيل جلالتها انتقل الوطن والشعب من نمط قلق وغضب إلى نمط حزن، وتم الإعلان عن ملك جديد هو ابن الراحلة الملك جارلس الثالث.
من يعيش في بريطانيا يدرك بأن العائلة المالكة هي رمز الأمة ولكن لا يحق لها التدخل بالسياسة ولا تنطق بكلمة تنقد فيها رجال السياسة في البلد نفسه أو غيره. لكن في نفس الوقت كانت الملكة الراحلة في كل مكان، ولم تنطق يوماً بكلمة خطأ. صورتها على النقود وصورتها في جميع الدوائر الرسمية وحتى المحامي المؤهل للمرافعة في المحاكم يدعى بمستشار الملكة( QC Queen Counsellor). كل ذلك سيتغير الآن مع استلام جارلس الثالث العرش يوم العاشر من أيلول. كان جلالة الملك ناشطاً في حماية البيئة والهندسة المعمارية ويبدي رأيه علانية، ولكن في حديث له على المذياع قبل عدة أعوام حول هذه النشاطات حين يستلم العرش أجاب: لست غبياً ويومها سأكون تحت إمرة الحكومة التي انتخبها الشعب.
جلست الملكة الراحلة على العرش لمدة ٧٠ عاماً، وربما من هم على قيد الحياة الآن لا يعرفون سوى جلالتها توجه خطابها لهم يوم عيد الميلاد وتؤدي واجباتها الدستورية من استقبال رئيس الوزراء أسبوعياً وتشد من عزم الشعب أيام الأزمات كما حدث أيام الجائحة. جلست على العرش أيام ماكنات البخار وانتقلت إلى جوار ربها في عصر تدفق المعلومات بسرعة البرق عبر الهواتف الجوالة، وكانت أول ملكة تستعمل البريد الإلكتروني. وصلت إلى العرش وسكان بريطانيا اليوم غير سكانها عام ١٩٥٢ فهي الآن متعددة العرقيات والثقافات، ورغم أنها زعيمة الكنيسة البروتستانتية الإنكليزية، ولكن حديثها كان دوما على أن الكنيسة اليوم هي المظلة التي تحمي حقوق جميع الأديان. ربما تشكيل الحكومة البريطانية الآن يعكس مقولة الملكة فقبل أكثر من أسبوع كان ريشي سوناك رئيس الخزانة السابق مرشحاً لزعامة البلد وهو من أصل هندي، واستلم أربعة من الأقليات العرقية أقوى حقائب وزراية.
تغيرت الحكومة البريطانية مراراً وتكراراً منذ ١٩٥٢ م إلى اليوم، ولكن جلالتها لم تتغير. ربما هناك من يقول بأن أطفالها ومشاكلهم العاطفية والإعلامية تعكس الاختلال الوظيفي للعائلة المالكة، ولكن الحق يقال بأن ما تعرفه الناس عن مشاكل العائلة المالكة لا يعكس إلا الأزمات التي تعصف بالكثير من العائلات شرقاً وغرباً. كان هناك طلاق الملك جارلس الثالث من الأميرة الراحلة ديانا وتعاطف الشعب عموما معها ضد الملك الحالي، ولكنها تجاوزت هذه الأزمة بحكمة وسمحت لجارلس الزواج مدنيا من حبه الأول والأخير الرفيقة الملكة كاميلا. رحل زوجها الأمير فيليب من الدنيا العام الماضي وفضيحة ابنها المفضل أندرو أثارت اهتمام الإعلام عالمياً وتجاوزت ذلك أيضاً.
الحداد يلعب دوره في نهاية دور الإنسان في الحياة وهي حقيقة لا يجهلها أحد ولم تملك الملكة مناعة ضدها. في حديث لها أيام الجائحة وهي تشد من عزيمة الشعب قالت سنلتقي مرة أخرى، ولكن الأزمات لم تتوقف وظهرت أزمة أوكرانيا وتكاليف المشيعة، وتوقف كل شيء يوم الثامن من أيلول استعدادا لوداع امرأة كانت رمز الحنان والاحترام.
إلى رحمة الله.
واقرأ أيضاً:
القواعد العامة لعلاج الاكتئاب بالعقاقير / الانتقام Revenge