إذا افترضنا أن البشر مخلوق من الطين، أو مولود من رحمه بتفاعل عناصره، وقدحها بآلية بعثت فيها الحياة، فأنه يحمل صفات الطين، وما يحويه الطين مخزون فيه.
لا يوجد بشر يختلف عن بشر، فالأبدان واحدة، كما أن الطين واحد، وتعبيرات الأبدان متباينة، وفقا للطاقة الفاعلة فيها، والتي مركزها الرأس، والبعض يرى النفس، ولا يستطيع الإشارة لمركزها، لكن العلم يؤكد أنها دماغية الموطن.
الطين فاعل بالبشر، ويأكله ويعيده إلى عناصره التي انطلق منها، ولا يوجد بدن لم يفز بأكله التراب، بما يحتويه من آفات الاتلاف والتفسخ.
ما يجري فوق التراب تعبيرات عن إرادته الفاعلة بالبشر، المعمم بالباء ليوهمنا بغير حقيقته.
الطين حي وكل حي فيه نزعة بقائية عارمة، يؤكدها مهما تكالبت عليه الظروف، وتعسرت أيامه وأحيل بينه وبين ما يريده.
البشر كينونة طينية تعبر عن طبيعتها الترابية، وتتحرك وفقا لما فيها من الطاقات المتصارعة في داخلها.
ولا يمكن تهذيب المخلوق الطيني والتحكم بتصرفاته إلا بالقوة الفتاكة، القادرة على سحقه إذا حاد عن سكة المسير المرسومة.
والقول بأن البشر فيه رغبة للتفاعل الديمقراطي هذيان جاهلين غارقين في أحلام اليقظة.
البشرية مضت مئات القرون في أنظمة حكم إستبدادية فردية عائلية عقائدية ، تستعين بالقوى الغيبية للقبض على أعناق البشر، وفي معظم فتراتها يكون للرموز المؤدينة دورها في تأمين المظالم والمآثم والقهر الفظيع للناس.
ومَن يتوهم أن الديمقراطية فيها الدواء، فأنها الداء الوخيم، وتتفتح في ربوعها مساوئ الطين.
فهل وجدتم نظام حكم بلا دستور وقانون وقوة لا تلين؟
هل وجدتم دولة ديمقراطية غير مسلحة بقدرات خارقة وجيش مكين؟
وهل أدركتم أن البشر من طين!!
واقرأ أيضاً:
الأمم عندما تكتب لا تموت!! / الغضب المكنون!!