كتبتُ عن هذا الموضوع العديد من المقالات، التي جوبهت بالرفض والنقد القاسي من قبل الذين يكتبون لأنفسهم ولعدد قليل ممن يسمونهم بالنخبة، وعلى حد قول أحدهم "مَن يقرأ ما نكتب إنهم لا يتجاوزون عدد أصابع اليد..."
وهو اعتراف بأن الكاتب يكتب لنفسه ولبعض الذين يكتبون لأنفسهم مثله.
وتطالعني هذا الصباح كلمات لأحد الأساتذة المرموقين:
"الكتّاب والصحفيون الرواد كانوا يكتبون للناس ... اليوم هناك الكثير من الكتاب ورجالات الصحافة يكتبون لأنفسهم وليس للناس يرجى الانتباه".
وأعود إلى المقالات التي نشرتها سابقا بهذا الخصوص، وأجد أن ما يُكتب لا يُقرأ، لأنه لم يُكتب للناس، وإنما كتبه الكاتب لنفسه وحسب.
تعلمت من تفاعلي مع المجلات الرصينة العالمية، أنهم لكي ينشروا لي مقالة يحاسبونني على كل كلمة وعبارة، ويطلبون إعادة كتابة العبارة أو تغيير الكلمة، لكي تكون واضحة ومفهومة للقارئ.
وأذكر إحدى المقالات كان الأخذ والرد بيني وبين المحرر أكثر من عشر مرات، حتى اقتنع بأن ما جاء بها أصبح سهلا وواضحا ومفهوما.
تعلمت من هذه التجارب أن أكتب ما يفهمه القارئ ويتعلم منه، وفي أفضل حالات الوضوح والتبسيط والمباشرة، لكي أشد القارئ وأمنحه شيئا من متعة القراءة.
وكثيرا ما أتحوّل إلى ناقدٍ قاسٍ لما أكتبه، وأحاول أن أعيد ترتيب العبارات ونسق الأفكار، لكي تكون منسابة وقادرة على تشجيع القارئ على مواصلة القراءة، ولا أدري إن أفلحت ولا زلت أحاول!!
فالكتابة عناء ومهارة لا تُكتسب بسهولة، وإن كانت موهبة فتحتاج لصقل وتهذيب وترتيب وتدريب.
وبسبب فقدان أصول الكتابة وتقنياتها تجدنا نكتب لأنفسنا، وما نكتبه لا يتفاعل مع الناس، ولا تجد له صدى في الواقع، فما أكثر الأفكار القويمة المطروحة بأساليب غثيثة ومربكة!!
ترى إلى متى سنبقى نكتب لأنفسنا، ونتجاهل الكتابة للناس؟!!
واقرأ أيضاً:
مفردات جوف الحفر!! / هل سينقرض البشر؟!!