من سبت الغفران إلى سبت الطوفان8
خريطة مسرح العمليات
بعد شهر ويومين من بدء الطوفان تبدو خريطة الصراع مشتعلة في أربعة دوائر:
- دائرة الاشتباك المسلح:
وبلاء المقاومة فيها مدهش، وما تحققه من صمود وتوقعه في صفوف العدو من خسائر صار أسطورة ونموذجا لقتال بين قوتين غير متماثلتين، وهذا باب في الحروب، ربما نعود له لاحقا.
والتحديات في هذه الدائرة معروفة، والتحالفات واضحة ومعلنة بأنواع الدعم، ومنها استمرار حبس غزة وحصارها، وخنق كل أشكال الحياة فيها.
- دائرة الحاضنة المباشرة:
وهي في رأيي الحلقة الأخطر، فالصمود البطولي، والثبات الأسطوري لشعب غزة هو الضمان والسند لاستمرار المقاومة بالسلاح العاجزة لطبيعتها عن وقف القصف المجنون، ولكنها توجع العدو على مستوى الخسائر البشرية والاقتصادية والسياسية.
شعب غزة الذي يواجه وحده نيران تحالف دولي من أنظمة ونخب بعضها عربي، مقصود ومطلوب كسره وتركيعه واستسلامه، ولا تبدوالشعوب العربية بأحسن كثيرا في دعمها المباشر له من أنظمتها.
الرهان هو على تحويل غزة إلى جحيم يفوق كل خيال ووصف، وهذا ما تتسارع وتيرته وتتعدد طرقه!!
- دائرة الطوق العربي والإسلامي:
من المفترض أن تكون هي الحاضنة الأوسع للمقاومة (مقاتلين، وصامدين)، وحلقة الوصل بين القضية المحلية وأبعادها وتفاعلاتها الدولية. وتبدو لي الحلقة الأضعف حتى الآن، فهي ساخنة الانفعالات تتألم وتتحازن، وتتعارك داخليا بين مؤيدين ومتخاذلين، ضائعة في حروبها الصغيرة، وغياب ثقافة العمل الجماعي السلمي الجهادي المدني.
وهي متلاعب بأغلبها تحت وطأة حرب مفاهيم وشبهات وإعلام وغسيل مخ، وضغوط نفسية طاحنة، علاوة على قهر أنظمة مستبدة.
وأنا هنا لا أقلل من مبادرات شجاعة، هنا وهناك، لا تبدي استجابات بحجم الأحداث، ولا الجموع استعدت وتأهلت للتعامل مع انتصار عسكري وزخم سياسي وتحديات بهذا الحجم، وتطوير الأداء بسرعة وتنسيق واستدامة.
- دائرة الدعم والتأييد العالمي:
وهي دائرة الدعم والتأييد العالمي المبهرة، وفيها تظاهرات وفعاليات ومواقف فردية وجماعية هادرة، لكن تفتقر إلى تطوير وتكثيف وتواصل وتشبيك.
يقظة وعي وردود أفعال ومبادرات متصاعدة تتحدى صلف الأنظمة الحاكمة والمصالح الاستعمارية للمستفيدين والمتحالفين مع الصهيونية من أفراد وجماعات وشركات ونخب حاكمة.
معركة مجيدة بين إرادات الناس العاديين والموظفين الرسميين المتسلطين في مواقع ودوائر اتخاذ القرار.
لكن كل هذا الفعل البطولي والوعي المتصاعد ما يزال دون فرض قرار بوقف إراقة دماء الأبرياء تحت فرية الدفاع عن النفس!!
وسط كل هذا يقف الإنسان العربي مشدوها مرتبكا يتساءل: ماذا يمكن أن أعمل لأدعم؟!
هذا السؤال الساذج المسكين لا يستطيع الإجابة عليه غير صاحبه. صاحب السؤال فقط يعرف في أية دائرة يقف، وأية تحديات تواجهه شخصيا، وأية مهارات يمتلك أو يقرر أن يتعلم!! وأي الطرق والوسائل يريد أن يتخذ؟؟
الإنسان العربي محترف بطالة وانفعالات حارقة محترقة وحجج معطلة وتضييع وقت بالتالي، والنتيجة تسارع وتيرة القتل بينما أنتظر من يدلني على الطريق ويخبرني ماذا أفعل!!
اعتمادية ندمنها ونعاني من إدمانها: هنا والآن
ويتبع>>>>>: من سبت الغفران إلى سبت الطوفان10
د. أحمد عبد الله Facebook
اقرأ على مجانين:
التقرير العربي النفسي الأول عن غزة / رد مجانين على بيان الـ APA الحزين