في العام السادس للهجرة عزم المهاجرون والأنصار أداء العمرة، وكان عددهم (1400)، فاعترضتهم قريش القوية، وبعد مداولات ومفاوضات انتهى الموقف بتوقيع اتفاق سمي (صلح الحديبية).
ويُقال أن النبي (ص)، قال لعلي بن أبي طالب: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقال ممثل قريش: لا نعرف الرحمن، فليكتب باسمك اللهم.
فقال: اكتب باسمك اللهم
ثم قال: اكتب محمد رسول الله.
فقال ممثل قريش: لا نعترف بأنك رسول الله
فقال: اكتب محمد بن عبد الله.
وبعد توقيع صلح الحديبية ومدته (10) سنوات، غضب الكثير من المهاجرين والأنصار، ولكنهم أدركوا قيمة الإجراء النبوي بعد وقت.
الحكمة في السلوك أن عدوك عندما يكون قويا، عليك أن تكون حليما ذكيا متعقلا، لحين تمكنك فتقدر عليه.
وفي السنة الثامنة للهجرة فتحت مكة.
ومنذ ذلك الصلح وحتى اليوم لم يستوعب العرب والمسلمون روح الحديبية، وهيمنت عليهم التفاعلات البالونية والتصريحات الهذيانية، وما تعلموا مهارات اكتساب القوة وتنمية الاقتدار بأنواعه، مما تسبب بانهيارات كبيرة في مسيرتهم.
فالقوة بحاجة لعقول فاعلة متفاعلة، وقيادات باصرة متعقلة، ذات إرادات إنسانية حضارية، تجيد تعدين النفوس واستخلاص معادنها النفيسة!
ومن الواضح أن المسلمين استهلكوا أوقاتهم في التأويلات الفارغة، اللازمة للاستنزاف الذاتي والموضوعي، وتعزيز الفرقة والتناحرات البينية القاهرة للخطو نحو الأمام.
وواقعنا المعاصر يؤكد انغماس دول الأمة في منحدرات التبعية والخنوع، والهوان المؤذي لجوهر الروح والنفس، وما استطاعت التحرر من أصفاد الانهراس في طواحين الغاب الفتاك.
فهل ستفعِّل عقول أبنائها؟!!
واقرأ أيضاً:
الافتراس المُشرعَن!! / يطفئون النار بالنار!!