الشر يصول ويجور والخير يتداعى ويخور، والناس في ضلالة وثبور، كأنها تلبس الأكفان وتسعى إلى القبور، في عالمٍ أصبحت فيه الأكاذيب شعارات للشرور, فترتدي أجمل الثياب لتفجر الحياة وتعقد الأسباب، وترمي بالشعوب إلى وديان التلاحي والخراب.
الشر سلطان والخير مقعد حيران، يشكو من أسره واحتدام الصراع ما بين الإنسان والإنسان، حتى صار الدين ضد الإيمان، وتحولت القيم إلى رصاص وبارود، وصمامات أمان يتم سحبها لكي تحقق الدمار والبهتان.
فالعالم ليس بخير وكأنه يسعى لتحقيق حرب موجعة وفناء مروع لبني الإنسان، بعد أن امتلك ما يساهم في تدمير الأرض وما يجاورها من الأجرام.
فهل أن البشرية تسعى إلى حتفها؟
وهل أن الشرور ستتسيد وتقتل كل رغبة للمحبة والأخوة والسلام؟
البشرية أصبح لديها خبرة كبيرة وخطيرة من الأفعال المشينة، وامتلكت المناهج والوسائل والصياغات الكفيلة بتدمير أي شعب على وجه الأرض، استنادا إلى نتائج النشاطات العديدة التي حققت أعظم النجاحات، إذ حولت الأخ إلى عدوٍ شرس لأخيه، بل جعلت الفرد عدوا لنفسه بعد أن شطرته إلى نصفين متصارعين، كما أن المسلم صار هدفه أن يقتل المسلم الذي يشهد لله ورسوله ويرتل القرآن، وذلك وفقا لرؤى الأباليس التي تحشو الرؤوس بالبارود والنار.
لقد امتلكت البشرية الكثير من القوانين التطبيقية ذات التأثير الفعال في تحطيم الوجود البشري في أي مكان، لأن الدين أصبح مصيبة أهله وتم تسخيره للفتك بهم وتدمير وجودهم وحضارتهم وتطلعاتهم، فالدين ضد نفسه وضد أصله، بل أن النبي ضد النبي والكتاب ضد الكتاب والمذاهب والمدارس ضد بعضها البعض، وعليها أن تجتهد في فنون ونظريات الإفناء الشامل لجميع أركان الدين، وتحويله إلى سلعة بغيضة يأنف من النظر إليها البشر على مدى القرون القادمة.
أنفلونزا الشرور التي أصابت الناس على مدى السنوات الماضية، لهي أخطر من فيروس كورونا وأكثر فتكا من الطاعون والجدري والحصبة والكوليرا ومرض نقص المناعة والتدرن الرئوي.
فيروسات هذه الأنفلونزا الفتاكة أخذت تنتشر لتصيب الشعوب، وتذيقها أفظع تقنيات الفعل المشين، وتحقق أعلى درجات الويلات باسم الدين.
وفيروسات الشرور التي أصابت البشرية قد كشفت عن وسائل متطورة، لبثها ونشرها في أية بقعة أرضية ذات عناصر مشتركة وكالتي ساهمت في منحها قوة إصابة عالية وعابرة لكل الموانع ومتاريس الوقاية، وحواجز المناعة وأنواع اللقاحات الممكنة لأنها تغير تأثيراتها وقوة عدواها بسرعة مذهلة وفي غضون دقائق.
فالمختبر البشري للشرور قد تمخض عن الكثير من الفيروسات التي ستنتشر في أصقاع الأرض، وستحول البشر المستهدف إلى حمالة للويلات والمخاطر، وسيفقد القدرة على أن يعيش مع أخيه البشر بل وسيرى أن من الضروري أن يكون القتل والفتك، وسيلة التفاعل الجديدة في قرننا المهذب الحضاري السعيد.
وفي العقود القادمة قد تصاب بهذه الفيروسات العديد من المجتمعات وربما ستشغل الأجيال على مدى قرن أو يزيد بها، وبما سينجم عن تفاعلاتها الفيروسية الشديدة الإصابة والعدوى.
لقد أفلحت التجربة وأعطت نتائجها وحققت أهدافها ومراميها واستفادت البشرية منها، لأنها علمتها كيف تستطيع أن تدمر الشعوب وتهجرها وتذيقها مرارة الحياة وتأخذها إلى حيث تريد، وتمتص ما عندها وهي لاهية ساعية إلى قتل بعضها البعض تحت أنواع من المسميات، التي توفر الأجواء الانفعالية اللازمة لتحقيق فعل الدمار الوخيم.
واقرأ أيضاً:
مَن ينقذنا؟!! / الأفكار والبرامج!!