أمة ذات رموز معرفية ساطعة، لها دورها الثقافي وقدرتها الإبداعية المتميزة، وتصفها بالانحطاط وهي فيها.
لا أعرف لماذا تتجرأ على ذلك القول، وهي رموز منوّرة تتباهى بها وتتفاخر وتتألق.
فكيف يُفسر هذا السلوك أو الشعور السلبي تجاه الأمة، وكأنها حالة خيالية متصورة، وليست مجموع أفرادها ومجتمعاتها المتفاعلة.
الحالة تقدم صورة جلية عن مدى تأثير الحرب النفسية الغاشمة القاسية الضارية على وجود الأمة، فلكثرة القول بالسلب عن أحوالها، صار من العسير على نخبها رؤية الصورة بوضوح، وتسيّد الوهم بأنها خامدة مقعدة، لا قيمة ولا دور لها، ولو اختفت لن تتأثر الدنيا، وكأنها دعوات للإعداد لمحقها بضربة نووية هائلة.
فالثقافة المعادية لوجود الأمة تنتشر في أرجاء الدنيا، ويساهم فيها أبناؤها من جميع دولها.
الأمة فيها جامعات ومراكز علمية وبحثية وقدرات معرفية وحضارية هائلة، ولا نعرف سوى الكتابة بمداد السوء عنها، ونعزز ذلك بفعاليات مأساوية متوّجة بالدين.
فالأمم يتحقق قتلها بالإجهاز على نخبها وتحويلهم إلى أدوات للتعبير عن إرادات الطامعين فيها.
إذا قلنا أن الأمة بخير لا يعني إغفال ما تعانيه، بل تسليط الأضواء على الإيجابي فيها لكي يتنامى ويتطور ويمحق ما هو مضاد لخطوها إلى الأمام.
إنها ليست نظرة خيالية، أو تصورات طوباوية، إنها جد واجتهاد للانتقال إلى مدارات الصيرورة المتوافقة مع جوهرها الحضاري الإبداعي الأصيل.
فالقول بذلك ليس من باب النظر بعين واحدة، وتجاهل الواقع والقفز فوقه، وإنما ناجم من رؤية شاملة وعميقة وإطلاع واسع على مسيرتها وتراثها، وما فيها من طاقات وقدرات كغيرها من الأمم الأخرى.
وبما أن عددها السكاني في تزايد، فاحتمالات إنجابها للأفذاذ النوابغ سيتزايد، وهذا يعني أن أجيالها واعدة وليست قاعدة.
وعلة الأمة أنها ما تولاها صفوتها وأكفاؤها، وأذعنت للمجلوبين المسخرين لتنفيذ أجندات الآخرين.
ولهذا فأن القول بأن الأمة "منحطة" اعتداء سافر على وجودها وقيمها، ومعاني كينونتها الكبرى ورسالتها الحضارية الإنسانية الساطعة.
فهل لنا أن نكتب بمداد جوهر أمتنا؟!!
واقرأ أيضاً:
التقدد الديني!! / العُقم العلمي!!