الوجود ومنذ الأزل تصارعت فيه الموجودات فانقرض ضعيفها وتواصل قويها، وبعد أن أجهز البشر على ما دونه من الأنواع، انهمك في صراعات بينية كما يحصل في عالمنا المعاصر، المدجج بالحروب الدامية التي يتماحق فيها أبناء النوع الواحد.
والتنازع قانون ضابط للموجودات المادية والغير مادية، وينطبق على الإبداع بأنواعه، ففيه ما ينقرض أو ينتهي حال ولادته، ومنها ما يدوم فاعلا في حياة البشر ويؤثر في وعيهم وتفكيرهم.
ولهذا تجدنا أمام مبدعين ترسخوا في الوعي الإنساني وكأنهم يعيشون معنا، رغم رحيلهم منذ عدة قرون.
فلماذا تخلدوا في الذاكرة الجمعية، وتفاعلوا مع الأجيال في مسيرة البقاء والرقاء؟
من الواضح أنهم تواصلوا معنا بما قدموه من إبداع أصيل كالشعر والقصة والرواية والمسرحية والمقالة والكتاب، وغيرها من صنوف الإبداع الفكري القويم المالك لأسباب وعناصر الخلود.
فالقاسم المشترك بين ما يبقى حيا بعد موت صاحبه، أنه يكنز أفكارا جوهرية ذات طاقات روحية وجدانية ومنطلقات رحيبة الآفاق لا حدود لها.
وتتناول موضوعات تهم البشر وتتفاعل مع نبضات الروح، وإيقاعات النفس وفحواها وما يعتمل في دياجيرها.
ولهذا تجدها تنطلق من بركان فكري ثائر يصيب الخلق الساعي فوق التراب، ومتواكبة مع إرادات العصور وتطلعاتها الدفاقة، المكتنزة لإمتدادات فياضة ذات مشاعل متأهبة لإيقاد أنوار الانطلاق المشعشع الفتان.
إن البقاء الخالد له عناصره المتجانسة المتداخلة الفاعلة، الدافعة إلى توالي الغايات للوصول إلى الغاية الكونية الكبرى.
ولابد من تفاعل المفردات والأفكار والطاقات النفسية والوجدانية والروحية، والفكرية والإدراكية في بودقة الصياغة والإنجاب، بعد أن يختمر الإبداع في رحم القدرة على التمثل والبناء، فلكل إبداع رحم يأويه، وعليه أن يولد بلا صراخ!!
واقرأ أيضاً:
العُقم العلمي!! / سلوك العجب!!