القتل بالكلمات من أبشع وسائل القتل، وما أمهرنا في استعمال الكلمات لقتل بعضنا وتدمير وجودنا.
فالكلمات قذائف ذات قدرات متنوعة للتدمير والإمحاق، وفقا لمعرفة خطورتها وتأثيراتها وآليات قذفها في العقول، لنحت أفكار ومواقف وسلوكيات فاعلة في الوسط المكاني والزماني.
الكلمة من أدوات أسلحة التدمير الشامل، لأنها تحث في البشر طاقات سلبية تسعى لتدميره، وإخراجه من كينونته وتغيب ذاته وموضوعه، حتى يكون من ألد المعادين لهما.
فالكلمة السيئة المدججة بما يؤهلها للانفجار تتحول إلى فاعل نشيط لتدمير الهدف المطلوب، فلا يبذل الأعداء سوى صياغة الكلمات وبثها بين الناس لكي تمارس دورها التدميري الفعال.
وأمتنا تفعل بها الكلمات ما تشاء من الخرابات والإتلافات المتنوعة، وسُخرت لهذا الغرض أقلام كبيرة سقطت في مستنقعات الغفلة، وتوهمت بأنها تقوم بواجب نبيل، وهي المُسخرة لأغراض خفية، ومسوقة بآليات تعميها عن النظر الواضح، فتتحرك كالدمى وتؤدي وظائف لو وعتها لأجهزت على نفسها.
وتجد المواقع الإعلامية تعج بالأقلام القاذفة للكلمات القاتلة، والقاضية بإشعال الحرائق وتحويل الوجود العربي إلى دخان لتزداد الأبصار عماءً، وتفقد الخطوات مواضعها، ويفنى البشر بالبشر، وهو في غثيان من شدة سكره بالكلمات المحقونة في رأسه المثمول بالضلال والبهتان.
فلننتبه للكلمات واستعمالاتها، ونتعلم كيف نصوغ العبارات الإيجابية، الحاثة على البناء والتفاؤل والقدرة على صناعة الحياة الحرة الكريمة.
وعلينا أن نعزز ما نذهب إليه بمختارات مشرقة من مسيرة الأمة الحضارية، بدلا من التركيز على بطولات الدم وإشاعة ثقافة التوحش والافتراس، وفرض قوانين الغاب الشرس الفتاك.
إن الأمة بخير عندما تكون الكلمة الطيبة نبراس وجودها وبوصلة مسيرها، وعندما تتوفر لديها مناعة كافية ضد الكلام الخبيث الساعي إلى إنثلامها.
فهل سترعوي الأقلام وتتبصر الأفهام؟!!
واقرأ أيضاً:
ولكن.. في كل الأماكن!! / التجارة والشطارة!!