الخرافة: الحديث المستملح المكذوب، الكلام الذي لا صحة له.
ما أكثر الخزعبلات (أحاديث باطلة)، التي تواجهك وأنت تتصفح ما حوته بطون الكتب بأنواعها، وتتعجب من ترسخها والعمل بموجبها، بسبب التكرار المتواتر، والعمل المثابر.
وجهات نظر تحولت بمرور الزمن إلى مسلمات وثوابت أحيطت بهالات التقديس والتنزيه من السوء، وهي منبع السوء ومنطلق للبغضاء والعدوان على ما هو طيب وجميل.
ويبدو أن النفس البشرية ميالة نحو الوهم، وتتأبط سرابات الرؤى وتتفاعل مع اللامرئي لأنه يمنحها حرية التصور ومطلق الخيال، فتتشبث بالغيبيات، وتتيقن بما تمليه عليها رغباتها، وما فيها من مطمور النزعات.
فالخرافة ما ترعرعت وتطورت وتسيدت لولا توفر البيئة الحاضنة لها، ولهذا تجد أصحاب الخرافات يتمكنون من الناس ويهيمنون على مصيرهم، ويقضون على وجودهم، لأنهم يترعونهم بمعطيات غيبية لا يمكن الوصول إليها، وإنما تخيلها واعتبارها يقينيات فاعلة في الحياة.
فالسلوك البشري ربما يذعن للخرافة أكثر من الواقع والحقيقة، فالمتصور عنده أكثر وقعا وتأثيرا من القائم أمامه والمؤثر في أيامه.
وهي على منوال "أعلل النفس بالآمال أرقبها... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل"، فالخرافة فيها دفق آمال تنعش النفوس وتشدها للتواصل مع تحديات الحياة.
ولا يخلو دين من الخرافات المؤسطرة المهيمنة على وعي المنتمين إليه، وتتحكم برؤاهم وتصوراتهم، وتأخذهم إلى حيث تريد، ولا يمكنهم أن يسائلوها أو يتحاورون حولها، لأن ذلك كفر وإثم وخروج عن الملة، فالمطلوب أن تتبع وتخنع، وترفع راية السمع والطاعة، وتتعبد في محراب الخرافة التي تدغدغ مشاعر وأحاسيس المعتقدين بها، والذين تؤججهم وتعزز تواصلهم معها، منابر مرتزقة مرائية تتاجر بالدين، وتحسب نفسها ممثلة لرب العالمين.
وبسبب العامل الزمني والثقل التراكمي للخرافات في معظم الأديان، يكون من العسير التقرب منها وزعزعة أركانها، لأن ذلك السلوك سيتسبب بإثارة زوبعة انفعالية عدوانية شديدة التأثير على الطرفين، وتكون خسائرها فادحة.
وقد لعبت الخرافات دورها التدميري الواضح في بعض المجتمعات، وتسببت بانهيارات متنوعة وعلى كافة المستويات، وأصابت الدين وأهله بمقاتل وخيمة.
والمشكلة الكبرى أن الخرافة تعطل العقل، وتوهمه بأنها فوق قدراته، وعليه أن لا يقترب منها، بل ليجتهد في تبريرها وتعزيزها، وتثبيت أركانها.
وهكذا النفوس سجرّت والعقول لجمت، والخرافة هيمنت!!
واقرأ أيضاً:
الكتابة الخائبة!! / النووي دق بابنا!!