الكاتب يسطر ما يرى والقارئ يرى ما يقرأ، ولكل رأس منظاره الذي يبصر بواسطته ما تحثه الكلمات في وعيه ومداركه.
المسافة بين الكاتب والقارئ المعاصر تزداد اتساعا، فما عاد الكتاب خير صديق، ولا القراءة ذات متعة وقدرة على وعي المكتوب، فالنظر في الورق صار غيرمستحب، والميل للتحديق في الشاشة يسيطر على نشاطات البشر، خصوصا بعد تطور تكنولوجيا التواصلات والتخاطب بالصورة والأفلام القصيرة.
وأصبحت الأذن تقرأ أكثر من العين، فالمسموع يسود والمكتوب يخبو ويخور.
وعندما تجالس الجيل الجديد تجده مصابا باضطراب التركيز، ويندفع نحو السرعة وإلتقاط الفكرة الجوهرية لأي موضوع بمهارات خاطفة وغير مسبوقة، فقوة ضخ المعلومات في العقول، ذات اندفاقية مطلقة، وتأثيرات متراكمة.
ولهذا فما يتوقعه الكاتب من القارئ لا يتوافق مع ما يتوقعه القارئ من الكاتب، لأنهما ينتميان إلى عالمين متباعدين.
ويبدو أن ما تبقى من أجيال القرن العشرين يتخبطون في معمعة التفاعل مع قرّاء القرن الحادي والعشرين، فما كتبوه سيتوارى، وما يظهر على الشاشة سيتفاعل معهم ويؤثر فيهم، فالكتاب سيكون مرفوفا أو ديكورا لا أكثر!!
الجيل الجديد يميل إلى ما هو قصير وكثيف، ولا يمتلك القدرة النفسية والرغبة على التواصل مع أكثر من صفحة واحدة، تلوح أمامه على الشاشة التي يحدق فيها ليل نهار.
فالذين ينهمكون بكتابات طويلة عليهم أن يحببوها للقارئ بتقنيات وعبارات جذابة، تثير التفكير وتؤجج التطلع للجديد والأصيل.
فهل سنكسر الأقلام، ونتعلم كيف نعيش في القرن الحادي والعشرين؟!!
و"كتبتُ ولو قدِرتُ هوىً وشوقاً...إليكِ لكنتُ سطراً في الكتاب"!!
فما نفع الأقلام والشاشة ينبوع غرام؟!!
واقرأ أيضاً:
تجارة اليأس والفقر!! / العلة في العقل!!