يقال ويشيع بين الكثيرين كلام أغلبه أساطير عن الطب والطبيب النفسي مما يزيد ارتباك الناس والأطباء المتخصصين في إدارة العلاقة العلاجية، وغيرها من تفاصيل وضع الطب النفسي في المجتمع صحيح أننا تقدمنا خطوات واسعة علي هذا الطريق، لكن ما تزال أمامنا خطوات واسعة أخرى ينبغي أن نقطعها لتعظيم الاستفادة من عطايا هذا العلم الذي تحتاجه مجتمعاتنا بشدة.
تكوين الطبيب النفسي علميا ومهنيا يبدأ -في الحالة المصرية علميا- بعد التخرج، وقضاء عام التدريب الذي قد يتلقى فيه الطبيب الخريج حديثا فترة ثمانية أسابيع من التعلم والممارسة تحت إشراف زملاء أكبر بحيث يتعرف على مداخل ومعالم هذا المجال الذي لم يتعرف عليه بشكل كاف أثناء دراسته في كلية الطب، وقبل تخرجه فيها، وما زالت الشكوى تتصاعد من ضعف إلمام طالب الطب بالأعراض النفسية لكن هذا التكوين العلمي والمهني يتيح للطبيب الذي يقرر اختيار هذا التخصص أنه يعالج الأعراض النفسية بأنواعها وتشخيصها مما أعتقد أنه توجد عنه معلومات معقولة على موقع "مجانين" ويدخل في العلاج استخدام العقاقير أساسا حيث يدرس تركيبها، وأثرها، والأعراض الجانبية الناتجة عنها......الخ.
كما تتطرق دراسته النظرية إلى أنواع العلاجات الأخرى، وقد يحصل على تدريب في أحد أنواع هذه العلاجات أو أكثر، وقد لا يحصل على مثل هذا التدريب فيقوم بتكميله عبر مشاركة في مؤتمر أو ورشة عمل متخصصة، أو ما إلى ذلك، ولذلك فإنني أؤكد هنا على ما سبق وذكره لي أستاذنا الدكتور أحمد عكاشة في حديث صحفي طويل، أعتقد أنه موجود على مجانين، من أن المؤتمرات الطبية المتخصصة هي طرف أصيل في التكوين العلمي والمهني للطبيب النفساني، وهو غالبا ما يحصل على شهادات مشاركة في هذه المؤتمرات، ولا أريد أن يفهم أحد من كلامي أن كل هذه المؤتمرات على نفس القدر من الإفادة والجدية والنفع بالنسبة للناحية العلمية.
بناءا على ما تقدم أحب أن يضبط المتردد على عيادة الطبيب النفساني توقعاته بحيث يفهم طبيعة ما يمكنه أن يحصل عليه من خدمة، فإذا كان يتوقع أن يكتب له طبيبه أدوية فهو مؤهل لهذا تماما، وغالبا ما سيقوم به، وإذا كان يريد أن يعرض عليه مشكلة اجتماعية أو أسرية فإنه سوف يجد لديه رأيا يستند إلى خبراته الشخصية أو المهنية بحسب ما تعرض لحالات سابقة مشابهة، أو بحكم ما يمكن أن يكون قد استكمله من تكوين متخصص يتيح له استخدام علاج آخر غير العقاقير.
أرجو أن يكون كلامي هذا مفهوما بشكل واضح لأن أغلبية كبيرة ممن يترددون على العيادات النفسية حاليا لا يعرفون بالتحديد ماذا يمكن أن يقدم لهم الطبيب الذي بالداخل..... وأحيانا يبالغون في توقعاتهم فيظنون أنه قادر تأهيلا وتكوينا أن يفتي في الدين، أو يختار لهم طريقة أو طريقا يسلكونه في الحياة، رغم أنه في أفضل الأحوال يمكن أن يساعدهم على اكتشاف جوانب خافيه عليهم في ذواتهم أو في الاختيارات التي هم بصددها، ويمكنه تكميل أجزاء الصورة التي ربما تكون مبعثرة أو ناقصة، سيكون لدى الأطباء الأصغر سنا وقتا وقدرة أكبر غالبا علي إصغاء أطول لشكوى المريض وفضفضته، بينما غالبا لدى الطبيب الأقدم خبرة أوسع وأعمق من كثرة ما رأى وعالج، وبالرغم أن الكثيرين يتساءلون عن العلاجات الأخرى غير العقاقير، إلا أن الاختيار غالبا ما يستقر عليها لأنها تنجز أسرع، ولا تحتاج إلى مثل ما تحتاج العلاجات الأخرى من تكاليف، وانتظام حضور، وخبرة معالجة، وما زلت أطالب بابتكار طرق مركبة تستطيع دمج أكثر من أسلوب علاجي، وبنفس الوقت اختصار زمن اللقاء بين الطبيب والمريض إلى ما يربو على ثلث الساعة، ويحتاج الأمر إلى جهد بحث وإبداع وتجريب وتدريب.
واقرأ أيضًا:
الطبيب النفسي لديه قدرات خارقة ××/ الدواء النفسي يجب أن يحل كل المشاكل دون تعب ××/ الطبيب النفسي سيدخلك في الدوامة! فاحذرْ منه!! ××