الاسم: قلب شجاع
للأسف بعد طول انتظار مع المرض على أنه يرحل ويترك حياتي إلا أني اكتشفت أن هذا المرض وجوده مثل وجود العين في الوجه لا يغادرها ولكن يعيش معانا زيه زي أي عضو من الجسد وأنا باتكلم عن جميع الأمراض النفسية من هلع اكتئاب وسواس أو حتى اضطراب وجداني، وهي رحلة طويلة تبدأ بالتشخيص يعني أنا مثلا إنسانا عاديا جدا ولما كنت باشتكي للدكتور والدكتورة في كل أنحاء البلد المحترمة كل دكتور يقول تشخيصه ومع دراستي المتعمقة وجدت للأسف أن لا جديد بعد ما أنت عليه من مرض مثلا (أنا بحس أني باتخنق يا دكتور ومش بعرف أتنفس = التشخيص هلع) (أنا حزين يا دكتور لكن مش دايما في أوقات أبقى كويس وسعيد فيها = اضطراب وجداني).
وفي النهاية تمر السنين وتعدي وتلاقي أن الدكتور مرضاه هما هم من عشرين سنة بس مع الفرق بقى من مات ومن يأس ومن غير الطب للشيوخ، لكن المرضى هما هم، والمستفيد الوحيد من هذا المرض هو الروشتة أقصد الدكتور مع احترامي للجميع؛ لأني فعلا بدأت أفقد الثقة في علاجاتنا لكن عمري ما أنكر أن الأدوية تعالج فعلا لكن علاجها + إرادتك أنت وعلاجك أنت لنفسك لكن الدكتور الذي يصالحك على نفسك أو يحاول يعمل كده مش موجود، الموجود دلوقت للأسف صنايعي عارف أن الساعة شغل بتدخل خمسين جنيه ونفس الحكاية لو طولت مع الدكتور أكثر من ربع ساعة يعرف يقفل معك السكة في الكشف واللي بعـــــــده يدخل.
وربك وربي مع الجميع هذه هي مشكلتي من خبرتي في التعامل مع الأطباء النفسيين وأتمنى أني ما كنتش جرحت حد منهم.
تعليق الأستاذ الدكتور مصطفى السعدني؛
الأخ العزيز صاحب القلب الشجاع.....
أعجبتني وجهة نظرك، وأتفق معك أن هناك عددا من الأطباء النفسيين يعالجون مرضاهم لعقود من الزمان، ويأخذون بالتأكيد مالا مقابل كتابة وصفات العلاج وتوجيه هؤلاء المرضى عندما يشتد عليهم المرض، وتظلم الدنيا في وجوهم، والمعروف أن الألم النفسي أشد على المريض من ألم السرطان؛ لأن ألم السرطان لا يدفع المريض إلى الانتحار ومن السهل علاجه بالمسكنات كالبيثيدين والمورفين، ولكن ألم المرض النفسي يحتاج إلى وقت وصبر وتعاون بين الطبيب والمريض وقد يصف الطبيب لمريضه العلاج بجلسات الكهرباء حتى تذهب عن ذهن المريض الأفكار الانتحارية المؤلمة، وهل مريض السكر أو ارتفاع ضغط الدم أو القلب أخي الفاضل يكف عن الذهاب لطبيبه المختص؟!، أم أنه يتابع معه بانتظام ويدفع أجر ذلك بانتظام أيضا، ولو مل المريض من علاجه أو من الذهاب لطبيبه فقد يصاب بغيبوبة سكر، أو ارتفاع عنيف في ضغط الدم قد يؤدي إلى نزيف في المخ وشلل نصفي أو غيرهم من المضاعفات المؤلمة؟!،
مثال آخر أخي العزيز وهم مرضى السرطان عافاهم الله قد يصل ثمن الحقنة الواحدة من العلاج الكيماوي ثمن الدواء النفسي لعدة أشهر، والمحصلة النهائية أن أغلبية هؤلاء المرضى يموتون، بعد أشهر عادة أو بعد سنوات في أحيان قليلة من العلاج، فلماذا يذهب هؤلاء المرضى لأطباء الأورام والعلاج الإشعاعي والكيمائي إذا كانت النتيجة النهائية هي انتظار الموت في الكثير من الحالات؟!.
كل هذه تساؤلات طرحتها عليك لأقول لك: أننا كأطباء نفسيين نجتهد في وصف العلاج، وفي محاولة استرجاع أغلى ما يمتلكه الإنسان، وهو سلامة العقل، ألا يحق لهذا الطبيب النفسي المجتهد أن يأخذ أجرا على مجهوده في تخفيف المعاناة عن كثير من مرضاه؟!، أما الشفاء التام فقد يحدث وقد لا يحدث كبعض الأمراض المستعصية الأخرى التي ذكرتها في مطلع كلامي، ولكن على الأقل قام الطبيب النفسي بالتخفيف من حدة الاكتئاب أو الفصام مثلا في أكثر من ثلث الحالات التي تراجعه، ويصبح هؤلاء المرضى (تحت العلاج) منتجين نافعين لأنفسهم وأهليهم ومجتمعهم، وقد يفلح الطبيب النفسي بأمر الله تعالى في علاج أكثر من ثلث المرضى الذين يراجعونه تماما، ويصبحون غير محتاجين للعلاج النفسي ولا للأدوية النفسية، تتبقى نسبة من المرضى الذهانيين يعانون من مرضهم المستعصي على العلاج،
رغم أن علاجهم يخفف كثيرا من تلك الأعراض المزعجة للمريض وأهله، فهل بعد كل ذلك الجهد نعمم ونقول أن المرضى النفسيين لا يشفون؟!، وأن الأطباء النفسيين يأخذون أموال مرضاهم ولا يقدمون لهم أي شيء في المقابل؟!، ولو أن الأدوية النفسية فقط وإرادة المريض هم عوامل الشفاء فقط للمريض النفسي كما تقول أنت، فمن سيكتب لك الدواء النفسي المناسب لحالتك النفسية؟!، يمكن الصيدلي مثلا؟!، كل شيء ممكن في مصر المحروسة، ولو تجرأ صيدلي وعملها -لا أقول في الغرب- ولكن في دولة من دول الخليج لعُلِق من رجليه (بواسطة المسئولين في وزارة الصحة)!!، يعني أنت تؤكد على أهمية الطبيب النفسي في العلاج ولو بوصفه الدواء المناسب فقط لمريضه، وبدون استخدامه لكلمة واحدة من كلمات العلاج النفسي!!
أتمنى أخي العزيز أن يكون العلاج النفسي في بلدنا على نفقة الدولة، لأنه مكلف للمريض وأهله، وذلك في مقابل دفع الدولة أو شركات التأمين أجورا طيبة للأطباء النفسيين في بلدنا، على أن يختار كل مريض نفسي طبيبه المعالج مقابل أن يدفع من راتبه مبلغا تأمينيا محترما لشركات التأمين أو للدولة، وللعلم أخي الفاضل حتى في الولايات المتحدة، وفي كثير من الهيئات والشركات والمنظمات الخاصة والعامة هناك يجعلون نفقات العلاج النفسي وعمليات التجميل وعلاج الأسنان خارج إطار تغطية التأمين وذلك لتكلفتها الكبيرة، ولأن معظم الأمراض النفسية من الأمراض المزمنة، ونتيجة لظروف الحياة الاجتماعية الصعبة بالولايات المتحدة فهذه الاضطرابات النفسية تصيب عددا كبيرا من الأشخاص هناك؛ لذا تتجنب معظم شركات التأمين تغطية نفقات علاج الاضطرابات النفسية في أغنى بلاد العالم.
أرجو أن تكون قد اقتنعت بأهمية متابعة العلاج النفسي ولو كنت من المرضى المزمنين الذين لم يشفوا شفاءً تاما رغم استمرارهم على العلاج بالعقاقير، ولكن على الأقل تخف حدة الأعراض لديك وتصبح شخصا منتجا فعالا في المجتمع، وتقبل دعواتي بالشفاء التام لك، وأكرر شكري على شجاعتك في طرح هذا الموضوع الحساس، الذي أظنه يؤرق بال كثير من المرضى النفسين وذويهم، والذي يمكن للدكتور وائل أن يضيفه إلى باب شبهات وردود في الطب النفسي.
واقرأ أيضًا:
الطب النفسي وعلم النفس من إفراز الحضارة الغربية ×× / الطبيب النفسي لديه قدرات خارقة ×× / الطبيب النفساني بين الواقع والمتوقع ×× / هل الأدوية النفسية الجديدة باهظة الثمن أفضل؟! ××