استفسار بسيط
السلام عليكم، حبيت أستفسر عن مرض لكتابة تقرير عنه.
اللي هو فقدان الذاكرة التفارقي. هل هو فقدان جزء من الذاكرة سببه التعرض لضغط نفسي؟
هل من الممكن الشخص يستيقظ يوم وينسى حدث له مدة بسبب المرض؟ كم يستمر؟ وكيف ترجع له الذاكرة؟
أتمنى ذكر الإجابة مع مثال،
وشكراً
تم الإرسال من جهاز الـ iPhone الخاص بي
28/11/2014
رد المستشار
شكراً على رسالتك.
يجب توخي كل الحذر بالقبول بفقدان الذاكرة النفسي Psychogenic Amnesia أو ما نسميه هذه الأيام بفقدان الذاكرة الانفصالي Dissociative Amnesia في الممارسة السريرية دون فحص نفسي عصبي دقيق. يكثر مشاهدة مثل هذه الظاهرة في الأدب والفن وحالات تمر عبر المدرسة التحليلية النفسية ولكن جميعها تفتقد القناعة العلمية.
ما يستقبله الإنسان من حوافز ذكرية وبصرية وحسية يتم خزنها في المخ ويسترجعها الإنسان بصورة أو بأخرى مستقبلاً. الضغط النفسي والتوتر العصبي وتجنب الأزمات يدفع الإنسان لاستعمال قوته الإدارية العقلية لعزل (وليس فقدان) بعض الذكريات. هذه العملية بحد ذاتها يصعب على أي طبيب نفسي أن يحكم بأنها إرادية أو لا إرادية. المولع بالطب النفسي التحليلي والذي قلما يمارس الطب النفسي المعروف سيقول بأنها لا إرادية أما الطبيب النفسي الممارس فيصعب عليه القبول بذلك ويشك بان مريضه يملك القدرة على استرجاع ما يدعي أنه فقده من ذاكرة متى يشاء.
مثال:
رجل في العقد السادس من العمر تم تحويله إلى الطب النفسي بسبب تكرار ملاحقته لسيدة في الحي. كشف الفحص الطبي بأن البيانات الشخصية للفرد غير معروفة ويعيش على إعانات الدولة منذ 20 عاماً. ترك العائلة وبيت الزوجية صباح أحد الأيام مدعياً بأنه لا يعرف من هي زوجته وابنته. تم منحه تشخيص فقدان الذاكرة النفسي مع اكتئاب وقلق. بعد ستة أشهر من فقدان الذاكرة أعلن الطبيب النفسي بأن مريضه لا يملك القدرة على متابعة جلسة قضائية ضده بسبب إفلاس شركته.
قررت الشرطة هذه المرة أحالته إلى القضاء ولكن الطبيب النفسي أعلن بأنه يملك المقدرة العقلية للإجابة على التهم الموجهة إليه. لم يقبل المريض بتقرير طبيبه مشيراً إلى ما حدث له وكيف فقد الذاكرة فجأة بسبب الضغط النفسي وأعطى تاريخ شخصي دقيق لفترة قبل فقدان الذاكرة.
عملية عزل الذكريات بحد ذاتها عملية دفاعية تساعد الإنسان الحفاظ على كيانه وتجنب المخاطر. ليس هناك إنسان لا يمارس هذه العملية بصورة أو بأخرى ويعزل ذكريات يضعها جانباً في كيس نفايات من أجل أن ينتقل الى مرحلة أخزى في الحياة. اما الانسان الضعيف الذي لا يقوى على رمي كيس النفايات فليس هناك أفضل من ادعائه المرض وإنكار الحقيقة وتحويرها بحجة المرض من أجل أن يقوم الأهل أو الأصدقاء أو الطبيب النفسي بالتخلص من كيس النفايات نيابة عنه. لكن الحياة غير ذلك فليس هناك إنسان يستطيع التخلص من نفايات ذكريات إنسان آخر غير الإنسان الذي يحمل هذه الذكريات.
هناك أمثلة أخرى متعددة حول خطورة تشخيص فقدان الذاكرة النفسي ومثال واحد يمكن أن يوضح ذلك.
مثال:
رجل في نهاية العقد السادس من العمر تم تحويله إلى قسم الطوارئ بسبب فقدان الذاكرة الحاد. كان الرجل عاطفيا أثناء الفحص الطبي النفسي وتبين بأن زوجته تم تشخيصها بورم في الثدي قبل أسبوع. عمل الطبيب الفحص الطبي اللازم والأشعة المقطعية وتم تشخيصه بفقدان الذاكرة النفسي وإحالته إلى قسم الطب النفسي العصبي. أثبتت الفحوص بعدها بأن هناك ضعف في الوظائف الإدارية الجبهية لا يتناسب مع التاريخ الشخصي والمهني لإنسان ناجح وموهوب موسيقياً وفكريا.
النصيحة هي عدم القبول بسرعة بفقدان الذاكرة النفسي بدون فحوص طبية نفسية دقيقة لوظيفة الذاكرة المخية، وفقك الله.