الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
السلام عليكم أعزائي المستشارين والأحبة الزوار الكرام.
أريد مساعدتكم في حالتي التي لم أفهمها إلى الآن أو على الأقل لا أعرف كيف أتصرف معها، حالتي تزداد سوءًا كلما كبرت كل فترة بعد الأخرى، مما سبب لي حالة اكتئاب ولكن ربما اكتئاب متوسط أو خفيف وسبب لي أيضا تقلب في المزاج.
كما ترى من الموضوع فإن حياتي متقلبة بين قلبي وعقلي لا أعرف كيف أوازن بينهما، فأنا أعيش حياتي كالبندول المهتز لا أعرف كيف أثبت على نمط واحد، معنى ذلك أن بعض الأوقات أصبح إنسانة عقلانية ولكن أستخدم عقلي بشكل سلبي، والشكل الآخر أصبح إنسانة عاطفية لا أعرف المنطق ولا الصحيح.
من ناحية قلبي فأنا ليس لدي شخصية واحدة ولا تعامل ثابت وحتى أنني أشعر بالضياع إذا ما تعرفت على شخصية أعتمد عليها في الفكر والمنطق واتخاذ القرار فأصبحت أقلد أفكار كل من أصادقهم وأعتبرهم مثاليين ولا أعرف كيف أتخذ القرار الصائب بنفسي، وعندما أتعامل مع شخص فترة من الزمن أصير أتمثل بأفكاره.
ولدي مشكلة أخرى من ناحية العاطفة والمجتمع وأريد من حضراتكم أن تلقوا الضوء عليها وهي أنني دائما متشتتة الانتباه والسبب الرئيسي لذلك هو أنني طوال وقتي من استيقاظي وحتى عودتي للنوم أشعر أن كل الناس الذين أعجب بشخصياتهم رجل كان أو امرأة أنهم ينظرون لي ويستمعون لي في مخيلتي (ذهني) وذلك في البداية كان يجعلني سعيدة فعندما كنت أعود من الجامعة وأنظر للمرآة أتكلم بشكل لا إرادي بل وأتجادل مع أُستاذتي في خيالي وأنها تحبّني، ذلك الشيء أرهقني كثير ولا أستطيع التوقف عن هذه التخيلات التي كانت سبب في ضياع وقتي؛
ولا أنسى أن أقول لكم في هذه النقطة أن الحال نفسه عندما أتكلم مع أي شخص مثل معلمتي في الكلاس أو حتى الطالبات فأشعر أنهن ينظرن لي ولشعري ويعجبن في شكلي أو في ملابسي أو تفكيري وأبدأ أشعر بالخجل والانطواء وشلل في التركيز وهن يلاحظن ذلك وكأنني مجنونة واثقة من نفسها.
أنا لا أعرف كيف أتكلم مع الناس ولا كيف أتعامل معهم هذه المشكلة باتت معي منذ الصغر حيث أنني شخصية خجولة ولكن في الحقيقة أحب التكلم وآخذ الكلام والعطاء ولكن هناك شيئا ما يعيقني غير الخجل وهو أنني أفكر بطريقة غريبة عن الشخص الذي أمامي ولو سمع أفكاري لقطع العلاقة معي، وأكبر الأمثلة مع صديقاتي لا أشعر أنني أستفاد من الجلوس معهم وكل ما في الأمر أشعر أنني مقيدة وأنني محط أنظارهم ويجب أن أكون لبقة وجميلة وثرية وأشياء ساذجة أخرى.
من ناحية عقلي فتلك الحالة تحدث عندما أفقد المكان الذي اعتدت التعامل فيه مع الأشخاص الذين أحبهم. فهنا حقًا أصبح إنسانة عقلانية مثل التسجيل في مدرسة جديدة، جامعة جديدة أو عند ذهابي للسوق أو عند أهلي وأقاربي فأصبح الإنسانة المفكرة، المنتقدة، المجتهدة ثم ينقلب الحال من شدة الانضباط والحزم أصبح المتشائمة الموسوسة، فأنا كنت ولا زلت أعاني من الوسواس القهري الإسلامي.
أخيراً أسأل الله أن يمنحكم السعادة في حياتكم الدينية والدنيوية، ساعدوني فنفسي بدت تضيق وازدادت سوءا وليس عندي إلا أن أتقرب إلى الرحمن أن يعينني على هذه الدنيا ويعينني على اتخاذ القرار.
03/04/2015
رد المستشار
أختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن ما تعانين منه تمر به معظم الفتيات في هذا السن والذي هو تضارب بين العقل والقلب أي الفكر والعاطفة. وهذا يتسبب في الخلط بين الأمور وبالأخص التعامل مع الآخرين وبناء العلاقات سواءا مع الإناث أو الذكور. فعندما نخطىء بسبب عاطفتنا يلوم العقل النفس حيث أن العقل فيه جدية أكبر وحذر ويمنعنا أحيانا من الانسياق خلف عاطفتنا.
كونك في مقتبل العمر فإنك تحتاجين إلى الخبرة في الحياة سواءًا في التعامل مع الآخرين أو الإيمان بأفكارهم. وهذا طبيعي في الشخصية الشغوفة في التعلم وأنصحك هنا أن تزيدي من قراءتك في المجالات التي تحبينها حتى لا تنساقي لمجرد أن صاحب الفكرة أعجبك أو عجبت به أو بها. وهنا يأتي بناء الشخصية أو الأفكار الخاصة بالإنسان ولانقلل من التعلم من الخبراء الصادقين في مجالاتهم. وأنصحك بوضع خطوط حمراء في الفكر والسلوك لاتتجاوزينها. فكثير في زماننا المنظرين الذين يجذبون شبابنا لأفكارهم ولديهم أسلوب مقنع حتى لاتكوني فريسة الأفكار الشاذة أو المنحرفة. إن الاطلاع والقراءة مفيد في هذه الحالات.
وكونك تتخيلين ما حصل مع الأشخاص الآخرين ربما يندرج تحت أحلام اليقظة والتي لابأس بها إن كانت تحت السيطرة ولاتضيع وقت الإنسان. أما بالنسبة لك فإنه من الواضح أنها تضيع عليك وقتك وجهدك وهنا من الضروري أن تنشغلي بالأمور العملية والابتعاد عن الوقوف أمام المرآة إلا للحاجة وعليك تذكير نفسك أن ما تريدين قوله للناس عليك قوله في الواقع وليس في مخيلتك وهذا يجرنا للاستفسار اللاحق بأنك تشعرين بأن المتحدث ينظر إليك بنظرة إعجاب ويجعلك تخجلين.
هذه الفكرة تريد إيضاحا أكبر فهل هي قلة الثقة بالنفس والخجل الاجتماعي أم هي الشعور بأن العالم من حولك يجب أن يرتبط بك دائما؟ وينبهر لما لديك من مميزات وكلا الحالتين مختلفتين. والأسئلة التي تحتاج للإجابة هل أنت تتعمدي لفت انتباه الآخرين؟ هل تلبسين ما يلفت الأنظار؟ وإن لم يلتفت إليك أحد هل تغضبين؟ هذه أسئلة أفضل معرفتها قبل تشخيص حالتك.
لقد ذكرت بسرعة أن لديك الوسواس الإسلامي. للعلم إن احتمالية الارتباط بين كل ما ذكرته واضطراب الوسواس القهري واردة. أي أن ما تعانين منه في الأساس هو الوسواس القهري الذي يجعلك تتخيلين لفترات طويلة وتتخيللين اهتمام الذين أمامك.
أنصحك بالتوجه إلى أخصائي نفسي أو أخصائية لإجراء بعض الاختبارات سواءا لتقييم نمط الشخصية لديك أو مدى اضطراب الوسواس حتى يتم تشخيصك بالشكل الصحيح والعلاج بإذن الله.
شفاك الله من كل سقم
ويضيف د. وائل أبو هندي الابنة الفاضلة أسيل أهلا وسهلا بك .... ليست لدي إضافة بعد ما تفضل به أخي المستشار د. عادل كراني جزاه الله عن مجانين خير الجزاء، إلا أني أود التنويه والتنبيه إلى أنه لا يوجد شيء اسمه وسواس قهري إسلامي حتى من وجهة النظر الإسلامية الفقهية القديمة وإنما الوسواس في الأمور الدينية والعبادات المختلفة مثلما في كل أمور الحياة أمر يحدث لكل بني آدم المسلم وغير المسلم، باختصار قولي وسواس قهري ديني .... فأيا كان دين الإنسان وحتى إن كان لادينيا يبقى الوسواس القهري مرضا يصيب بني آدم.
التعليق: شكرا لمساعدتكم
بالنسبة للأسئلة التي في الرسالة؟
لا أنا لا ألبس ما يلفت الانتباه ولا أهتم بذلك بل وقد تحسنتُ عن السابق حيث كنت أبداً لا أهتم في لبسي ولا في ردات فعل الناس عن ملابسي أو مظهري .
أصبحت أحب أن أثبت نفسي في الرأي أكثر من السابق، صار يهمني أن أصحح الآراء الخاطئة وأن يتطور حالي إلى الشخصية القيادية التي يقتدي بها الناس، لكن ربما خذلني خجلي أو ربما الوسواس القهري الذي ذكرته فيحسب الناس أنني أقول آرائي بخوف .
على أي حال، شكرا للأستاذ وائل أبو هندي على التنبيه، وأتأسف بما أني غلطتُ في مفهوم الوسواس القهري الديني.