قبل وضع الاستشارة، أتمنى أن تكون خاصة (سرية) وشكرا.
أود أن أعتذر مسبقا على الرسالة الطويلة، ولكني لم أجد حلا لحالتي وأصبحت شخصا ميئوسا منه، حياتي متمحورة حاليا حول الرهاب الاجتماعي، ولا أقصد بذلك الخجل أمام الناس أو الاحمرار والارتعاش، بل عدم القدرة على الخروج من المنزل إطلاقا.
مشكلتي هذه بدأت في السنتين الأخيرتين من الجامعة، حيث بدأت أشعر بشعور غريب داخلي يمنعني من الذهاب للجامعة، كنت أظن أن السبب هو مجرد كسل ولكن المشكلة أصبحة أكثر من ذلك، أتممت الجامعة وتحصلت على الشهادة ومن ثم بدأ شبح الرهاب يطاردني، بدأ خروجي يقل وكنت دائما أرجع السبب لعدم تواجد أماكن للتنزه بها، ولكن السبب الحقيقي هو خوفي غير المنطقي من التحرشات الجنسية التي تحدث في الشارع، فأنا أشمئز منها بالرغم من أنه لم يحدث لي مشاكل كبيرة من جراء ذلك، ولكن حكايات البنات عنها جعلتني أعاني من وساوس قهرية، فربما قد يحدث لي مشاكل مماثلة، ماذا لو تبعني أحد للمنزل؟ ماذا لو تم التعدي علي؟؟
أصبحت أعاني من وساوس لا آخر لها فقررت عدم الخروج إلا للضرورة القصوى، قطعت علاقاتي مع جميع أصدقائي حتى لا يطلب مني أحدهم الخروج أو الذهاب إلى مكان ما، فخسرت جميع الأصدقاء، بعدها تلقيت فرصة عمل وكنت متأكدة 100% أنني لن أتحصل عليها ولكني نجحت، وهنا حدثت الكارثة، أصبت بانهيار عصبي وأخفت عائلتي بشكل كبير خصوصا وأنني لم أعاني من أية مشاكل (لم أخبرهم أبدا بوساوسي) حتى في مرحلة المراهقة، فطلبوا مني استشارة طبيب نفسي، وقمت بذلك وبعد بضع جلسات قالت الطبيبة النفسية أنه لا يوجد أي تفسير منطقي لوساوسي وأنها لا تملك شيئا ملموسا للعمل عليه وطلبت مني أن أخرج وأن المجتمع لن يتغير من أجلي، وللأسف قالتها بطريقة جعلتني أكره اللحظة التي فكرت أن أذهب فيها لطبيب نفسي! قلت لها "لن أعود مجددا هنا".
رفضت فرصة العمل تلك وحبست نفسي في المنزل ولم أخرج منه إطلاقا إلى يومنا هذا منذ عامين، الجميع في العائلة يتجنب الحديث في الموضوع أمامي ولكني دائما ما أسمع همسات تتحدث عني وعن حالتي وكيف أنني أرمي بحياتي للهاوية، للأسف لا أعلم ماذا أفعل، فكرة الخروج محوتها من رأسي تماما حتى لو كانت لزيارة طبيب!!!
حالتي تزداد سوءًا ولا أعلم ما علي فعله، ولكن صادفت دواءًا اسمه Escitol لم يصفه الطبيب لي شخصيا بل وصفته طبيبة أعصاب للوالدة للتقليل من القلق (5 قطرات ليلا) وصادف أنه يعالج الرهاب الاجتماعي! فأنا الآن مترددة في أخذه، وإذا ما كان للدواء تأثيرات قد تجعلني مدمنة عليه.
أرجوكم ساعدوني فأنا الآن في دوامة لا مخرج لها، ضيعت 4 سنوات من حياتي على لا شيء ووساوسي تزداد سوءًا يوما بعد يوم وأنا خائفة أن تتطور حالتي إلى ما لا يحمد عقباه وشكرا جزيلا لكم.
بعض المعلومات الإضافية:
أعاني من وساوس بأنني سأتعرض للأذى في حالة ما إذا خرجت من المنزل أو أتعرض لمشاكل كبيرة، لا أعاني من أي تهيؤات أو هلاوس، لا أعاني من أي تصرفات غريبة، علاقتي جيدة مع جميع أفراد العائلة، ولم أعاني من حوادث صادمة والحمد لله.
تعالجت مع طبيبة نفسية واحدة لـ5 جلسات فقط ثم توقفت، وصفت لي sulpiride تحسنت قليلا فقط (اختفت الأفكار) ولكن توقفت بعد حدوث خفقان شديد في القلب في الأسبوع الثالث، الحمد لله لا أعاني من أي مرض عضوي. كانت لدي بعض الأفكار عن الانتحار لكن لم أفكر أبدا في تطبيقها، لا أتعاطى أي مخدرات، لا أعاني من أي نوبات هوس.
أي مساعدة ممكنة، أفضل أن تكون بوصف أدوية لأنني لن أستطيع تطبيق أي علاج سلوكي.
وشكرا جزيلا مجددا.
30/04/2015
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أختي الكريمة "سماح"، إن طول سؤالك لدليل على ما تعانينه من حالة نفسية أبعدتك عن العالم وأصبح محيطك هو بيتك. وأود أن أطمئنك بأن الحل موجود ومعلوم والشفاء بإذن الله تعالى. وإن ما تعانين منه ليس بالرهاب الاجتماعي حسب ما تفضلتم به في رسالتكم وإنما هو اضطراب الوسواس القهري. الأساس في نوعية الوسواس عندك هي الأفكار. والتي تراودك الخوف من "التحرش" عند خروجك من المنزل وحيث أن هذه الأفكار تنمي نفسها فليس بالضرورة أن تكوني قد تعرضت للتحرش حتى تكون لديك هذه الأفكار وهنا من الضروري الابتعاد عن إيجاد السبب والتركيز على الحل.
الكثير من المصابين بالوسواس القهري يهربون من مسببات القلق الناتج عن أفكارهم إلى المنطقة الآمنة وفي حالتك طبعا منزلك هي المنطقة الآمنة. حيث أن الخوف من الخروج ينمي فكرة المكوث في المنزل والانعزال كما تفضلتم به إلا أن الانعزال يفاقم المشكلة ويدخل المصاب في دوامة لا نهاية لها. وللأسف فإن الأطباء الذين راجعتهم لم يعطوا الفرصة الكافية لعلاجك ففي حالات الوسواس القهري العلاج الشافي بإذن الله الدواء والعلاج النفسي وأنا أتفق معك إلى أن الخطوة الأولى هي أخذ الدواء المناسب.
الدواء "سولبرايد" والذي ذكرته لا يعتبر من الأدوية المناسبة في اضطراب الوسواس. وهنا أنصحك بالتواصل مع طبيب نفساني لوصف دواء "الكلوميبرامين" أو "الأنافرانيل" وتبدئين بجرعة مخفضة يزيدها الطبيب بشكل تدريجي أو "البروزاك" (فلوكستين) أو "السيبراليكس" (اسيتالوبرام) أو "الزولزفت" (سيرترالين). ربما الأسماء تختلف في الجزائر. فمن الضروري أن تستمري على الدواء حتي يكون الشفاء.
وختاما أريد أن أنوه لك بأن علاج الوسواس القهري يحتاج إلى وقت، فاستمري على الأدوية حيث أن تأثيرها يتبين بعد عدة أسابيع أو ربما شهرين حتى يتسنى الوصول إلى الجرعة المناسبة لحالتك وبنية جسمك. وربما تحتاجين لجرعات عالية فلا تتضايقي فهكذا حال علاج الوسواس القهري.
ومع الجرعة المناسبة ستشعرين بتخفيف حدة القلق وقدرتك على الخروج التدريجي من المنزل ومخالطة الناس. وختاما من المهم الصبر على العلاج لترجعي كما كنت وتمارسي حياتك بشكل طبيعي. وأول ما تستطيعين الخروج استعيني بأخصائي نفسي يساعدك بالعلاج السلوكي بالإضافة للعلاج الدوائي وإن لزم الأمر هناك بعض العيادات التي تعالج من خلال الإنترنت ربما ساعدك حتى خروجك من المنزل.
التعليق: شكرا جزيلا دكتور كراني على التشخيص ولو أنه كان صادما بعض الشيء،
أود فقط أن أسال عن عناوين لعيادات موثوقة تعالج من خلال الانترنت، فلا أريد فتح موضوع الأطباء مع الوالد مرة أخرى ولا أظن أنه يمكنني الخروج على أية حال وشكرا جزيلا مجددا.