الرجاء أخبرني! إلى أين أهرب من الماضي الأسود؟ إنه يلاحقني
حضرة المستشار المحترم، السلام عليكم؛
أرجو الرد، الموضوع مستعجل جدًا، ليس لدي وقت كافٍ!
عندما كنت صغيرًا وفي عمر عشر سنوات تقريبًا اغتصبني ولد من نفس منطقتي التي أسكن فيها، كان هذا الفعل ليس رغمًا عني بل بموافقتي لأنه لم تكن عندي المعرفة عن الذي فعله بي، واستمر يفعل نفس الشيء بين فترات متباعدة ولمدة تقريبًا سنة حيث أنني وجدت نفسي متعودًا على ما يفعله وجاهلا بما يترتب على ذلك من أضرار نفسية ومجتمعية، ولكنني بعد هذه السنة وعيت على نفسي وتبت تلقائيصا وتركت هذا الشيء للأبد بل وتفوقت في دراستي جدا وأصبحت مميزًا جدًا وأكملت الهندسة وتوظفت وتزوجت ولدي أطفال والآن في عمر ال 32 عام المشكلة ليست هذه لأنها انتهت منذ زمن بعيد،
المشكلة أن جميع أقاربي علموا بأمري وأنا أعرف جيدًا أنهم يعلمون بذلك من خلال تفسيري لنظراتهم وكلامهم في بعض الأحيان، لكنهم لم يتكلموا أمامي بهذا الشيء مجاملة لي ولكي لا يؤذوني نفسيًا، وأنا هذا الشيء الذي لا أطيقه ولا أتحمله أبدًا، فقد تعبت من المجاملات والتظاهر أمامهم بأنه لم يحدث شيء، كيف ذلك والشخص الذي اغتصبني يصول ويجول في المنطقة وله صداقة ببعض أقاربي؟! كيف سألتقي بأقاربي إن كان هو موجودًا في مناسبة ما؟!
العيون تتكلم! إذا لم تتكلم الأفواه!
أخذت الأزمة النفسية عندي تزداد شيئًا فشيئًا خلال سنوات وكانت آثارها واضحة علي، حيث أني بدأت أميل شيئًا فشيئًا إلى الانعزال، وأحاول قدر الإمكان اختلاق الأعذار لعدم حضور المناسبات، حتى أني أحيانًا أحس بالدونية تجاههم مع العلم أني أكثر علمًا وثقافة منهم بكثير جدًا لا توجد مقارنة أصلا.
ووصل بي الأمر أن أترك المنطقة وأعيش وحدي بعيدًا عنهم بحجة العمل، لكن هذا لا يكفي، حتى لو كنت بعيدًا فلا بد من الرجوع هناك يومًا ما أو لمناسبة ما،
ما هو الحل؟ اليوم عيونهم تتكلم، غدًا أفواههم تتكلم أمامي، وأنا متأكد أنهم يتكلمون عني في غيابي، أين أذهب؟
فكرت في الهجرة إلى إحدى الدول الأوربية وعدم العودة والتخلص نهائيًا من هذا الجحيم، لكنني أردت استشارتك قبل القدوم على هذا الخطوة،
متأسف على الإطالة في الكلام.
وأتمنى الجواب بأسرع وقت.
13/9/2015
رد المستشار
الأخ الفاضل المهندس "علي التميمي" المحترم.
تحية طيبة وبعد؛
أرى أن أبدأ استشارتي بالمثل الشعبي الموجود عندنا (اللي جوه إبطه عنز تمعمع)
أخي الفاضل يتبين من خلال رسالتك أنه حدث في طفولتك خطأ والآن أنت تعاني من تبعاته النفسية والاجتماعية مؤخرًا رغم أنك استطعت أن تتجاوز تلك المشكلة وتفوقت لتدخل الهندسة وتنجح في عملك وتتزوج. وتقول أن اقاربك علموا بالأمر من خلال نظراتهم وكلامهم.
أخي نحن أبناء أفكارنا وهذه الأفكار يمكن أن تشوه الحقيقة كما أننا عادة ما نفهم الأمور حسب ما نريد لا كما يريد القائل ولذلك تصطبغ الأحداث والكلام بما نرمي عليه من دواخلنا من أفكار وهذا ما عبرت عنه بأن النظرات تتكلم.
مراقبتك الشديدة لإيماءات الناس وتحليلك لحركاتهم وسماحك لنفسك بقراءة أفكار الآخرين واعتقاد أن هذا هو الواقع جعلك تعاني ما تعانيه وهذا أدى بدوره إلى ابتعادك وانعزالك واختلاقك الأعذار؛ لكي تهرب من الناس. كما أن هذا الاعتقاد وهذه الأفكار جعلتك تشعر بالنقص أو بالدونية كما قلت، وتشعر بأن الآخرين خير منك.
الحل يتمثل فيما يلي أن تعود لنفسك وتكون أنت، وتعود كما استطعت أيام الدراسة وكما تفوقت ولا تهتم بالآخرين ولا بنظراتهم أو كلامهم الذي يحمل عدة معاني والذي يشوهه فهمك الخاطئ للمعاني والذي يجعلك تؤول كل كلام يشير من قريب أو بعيد لما حدث معك في طفولتك أنك مقصود بهذا الكلام أي كما بدأنا لا تدع نفسك تسمع صوت العنز التي في أفكارك تمعمع. لست شغلهم الشاغل وأنت محور حديثهم الذي تقول إنك متأكد من أنهم يتكلمون في غيابك وأنا أقول هذا ظنك وليس الحقيقة لأن الناس مشغولون بأشياء وأشياء وإنما خوفك من مشاكل وقعت وانتهت هو الذي يحرك فيك هذه الاستنتاجات وهذه المشاعر.
عد لنفسك واستنهض مكامن قوتك وواجه نفسك وانتصر على أفكارك ولا تسلم نفسك لظنونك واستنتاجك ولا تدع نفسك نهبًا لها.
إذًا لا تسمح لنفسك بقراءة نظرات الآخرين.
لا تعتقد أن ما فهمته من النظر أو الكلام هو الحقيقة المطلقة.
لا تترك الشعور بالخوف مما فهمته يغلبك.
لا تدع نفسك ترضى بما تظن أن الناس يريدون أن يضعوا فيه.
واجه ظنك وخوفك ولا تهرب منه.
عش كما أنت لا كما تظن أن الناس يريدون أن تعيش.
متمنيًا لك حياةً طيبةً وسعيدةً.
واقرأ أيضًا:
التحرش في الصغر مشاركتان
....في الصغر و..... في الكبر متابعة مشاركة
اعتداء في الصغر وغشاء بكارة في الدبر!
تحرش في الصغر... وخوف في الكبر
ويتبع >>>>>>>: ذكريات التحرش في الصغر عذابات في الكبر م