خائف من الحب..
أنا عمري 27 سنة، تربيت في عائلة متواضعة والداي كانا يخافا كثيراً علي ربما لأني الولد الذي طال انتظاره في المنزل بعد 4 فتيات، لهذا في صغري كنت تقريبا ممنوع من الأصدقاء، كان والدي عندما يراني ألعب في الشارع يأمرني بالعودة للبيت وفي المرحلة الثانوية عندما أتأخر على المنزل ساعة أو ساعتين يعملي تحقيق، أحيانا أنفذ بجلدي وأحيانا ينتهي بالضرب..
أمي كانت تثق في ولا تمنعني من الخروج مع أصدقائي في بعض المناسبات النادرة، لكن مع شقيقاتي كانت أيضا تتصرف بنفس طريقة والدي, هذا ما نتج عنه أني في بداية شبابي كنت شخص غير اجتماعي وخجول جداً وأرتبك عندما أكون مع أشخاص لا أعرفهم، وعلاقتي بالفتيات كانت شبه منعدمة.
في سن 24 تخرجت من كلية الاقتصاد وبدأت العمل مع شركة صغيرة واكتسبت بالوقت بعض الخبرة في التعامل مع الناس والثقة في النفس، ولكن علاقتي بالفتيات لم تتغير، مازلت خجول جدا ولا أقدر أتصرف بعفوية وبراحة مع فتاة تعجبني، لكن لم أكن أعير للقصة الكثير من الاهتمام لأني لم أقابل في حياتي فتاة جلبت انتباهي لدرجة الحب، لكن المتاعب الكبيرة انطلقت منذ شهرين تقريباً، حيث انتقلت للعمل في شركة جديدة وتعرفت هناك على ما يسمى الحب، في أول يوم عرفتها فيه جذبني فيها جمالها ولكن بعد فترة قصيرة أصبحنا أصدقاء واقتربنا من بعض أكثر أو بالأحرى هي اقتربت مني لأني بحكم خجلي لم أكن لأتجرأ وأكلمها، عندما تحدثت معها وعرفت شخصيتها زاد تعلقي بها إلى درجة أن اليوم الذي لا أقابلها أو أكلمها فيه يمر يوم طويل وعصيب أنتظر انتهاءه بفارغ الصبر.
هي فتاة عكس شخصيتي تماما تربت في عائلة متحررة ومرفهة، مليئة بالحياة وجريئة في الكلام، عرفت في فترة مراهقتها أكثر من شاب، تحب الحفلات والمطاعم والضوضاء والضجيج. يقول عني الجميع أني هادئ ومتواضع وطيب وطبعا خجول، لكن هي تنتقد طيبتي في التعامل مع زملائنا في العمل وأعتقد أنها تراني ضعيف الشخصية وأظن أنها على حق، لم أعد أعرف حقاً إن كان اعتبار الناس أني إنسان طيب هو مديح أم شتم.
إلى الآن لم أقل لها بوضوح أني أحبها لأني أرى أن هناك العديد من العوائق، أولها أني قد لا أكون قادر أن أعيشها في نفس المستوى المادي والاجتماعي اللي تربت فيه ورغم قولها لي حرفياً أن المال بالنسبة لها لا يصنع رجلا إلا أني قلق كثيرا من هذه النقطة.
ثانيا أنا إلى الآن لا أفهم كيف أحببتها لهذه الدرجة، فنحن لا نشبه بعض في عديد الأشياء والطبائع، أنا حتى لا يمكن أن أتصور علاقتها مع عائلتي المحافظة. هناك فرضية أتناساها وهي أن تكون تعتبرني صديق حميم تثق فيه كثيرا وتحكي له كل مشاغلها ومشاكلها لأنه متفهم وطيب ليس مثل بقية الشباب الذين عرفتهم..
أريد أن أعبر لها صراحة ودون تلميح عن عشقي لأني لا أريد أن نبقى فقط أصدقاء ولكن أخاف أن أخسرها كحبيبة وصديقة.
أنا متردد ولا أعرف ماذا أفعل معها..
16/12/2015
رد المستشار
السلام عليكم؛
أخي الطيب الخجول "أيمن" يسعدني أن تمنحني فرصة مشاركتك أفكارك ووجود عقل آخر يفكر ويحلل الأمور معك قد يكون مفيدا خصوصا أن من يكون خارج الصورة قد يرى تفاصيل لا يراها الشخص داخل المشهد واسمح لي أن أبدأ من آخر رسالتك "لا أفهم كيف أحببتها لهذه الدرجة".. "أريد أن أعبر لها صراحة ودون تلميح عن عشقي" ولكن كيف حكمت أنت على مشاعرك أنها حب يصل لدرجة العشق؟
هل السبب هو "لدرجة أن اليوم الذي لا أقابلها أو أكلمها فيه يمر يوم طويل وعصيب أنتظر انتهاءه بفارغ الصبر". أخي أيمن الحب الحقيقي له عناصر أخرى كثيرة غير الاحتياج لوجود الطرف الآخر كل يوم... عناصر أهمها التآلف سواء الروحي والعقلي والعاطفي.
ذكرت أنت أنها تتحدث معك بحرية وتحكي لك عن يومياتها ومشاكلها يعني تفاصيل حياتها، ولكنك لم تذكر أنك أنت الآخر تحكي لها تفاصيل يومك وحياتك، ألم يخطر ببالك أن ما تستشعر أنه حب هو مجرد انجذاب يصل حد الانبهار.
ليس انجذابا لزميلة العمل فقط بل الانبهار بنوع جديد من الحياة لم تجربه أنت من قبل "ولن تتقبل تجربته" لأن طبيعتك الهادئة الخجولة ليس بالضرورة أن تكون نتيجة تربية الأهل ولكن نسبة كبيرة منها هي طبيعتك الداخلية وحتى حروف رسالتك تظهر ذلك. فالشخصية الهادئة الطيبة هي طبيعة ذاتك.
نضيف إلى ذلك أثر البيئة والتربية والتي تظهر بكلامك "المرحلة الثانوية عندما أتأخر على المنزل ساعة أو ساعتين يعمل لي تحقيق، أحيانا أنفذ بجلدي وأحيانا ينتهي بالضرب" وتعرض شاب بعمر المراهقة للضرب ليس بالأمر الهين وله الأثر الكبير على تكوينه وكامل رؤيته للحياة، ومن المحتمل "وهنا أقول من المحتمل" أن مشاعرك هي انبهار بحياة جديدة وغريبة، أنت بنفسك تعترف أنك لا تعلم إن كنت تستطيع معايشتها أم لا. انبهار ليس بطبيعتها وأسلوب حياتها فقط بل بدأ لحظة أن بدأت هي التقرب إليك، اقتحام طبيعة شاب يخجل هو من التقرب لأي فتاة.
أعلم أنك قد ترفض كلامي كله جملة وتفصيلا والحل يكون بالمواجهة. مواجهة تقوم على خطوتين: الأولى نكتشف بها طبيعة انجذابك ومشاعرك وذلك يكون بمحاولة الاندماج معها بتلك الحياة الصاخبة. امنح نفسك فرصة أن تعيش تلك الحياة وليس بالضرورة أن يكون معها أو من خلالها ولكن أن تغير من روتين حياتك وتحاول التعايش مع حياة مختلفة تماما وامنح نفسك الفرصة الكافية لذلك ولاحظ رد فعلك هل تشعر بالارتياح أم العكس وأن بداخلك ما يرفض ذلك وأن طبيعتك الهادئة هي المتأصلة بداخلك.
وفكر جيدا في معنى التآلف والذي هو من أهم أساسيات الحب. هل تستطيع أنت التآلف معها حياتيا وفكريا وروحيا؟ الاحتمال الآخر وهو العكس لو حاولت أنت أن تجعل فتاتك تتآلف مع طبيعتك وحياتك فهل ستستجيب هي أم تكون مثلك وبداخلها ما يرفض ذلك التغير؟
وهنا تأتي الخطوة الثانية وهي خطوة قد لا تحتاج لها لو وصلت لقناعة أن مشاعرك هي انجذاب لمن اخترقت حياتك وسكونك بكل جرأة وقوة وثقه في نفسها تفتقدها أنت بنفسك، انبهار بحياة بها كل محرم عليك أنت منذ طفولتك، وأنت لك الحياة لا تتناسب معك، وإن فتاة اعتادت العلاقات يكون معنى الحب لديها مخالفا تماما لما بداخلك من معاني ورؤية.
أما لو تأكدت من مشاعرك فعليك بدون أي تردد القيام بالخطوة الثانية وهي المواجهة، مواجهة نفسك وفتاتك بمشاعرك، وهنا كما ذكرت أنت قد ترفض هي حبك وتريدك فقط صديقا لتبدأ مرحلة من المعاناة وألم الفقد ولكن صدقني ببعض الأحيان يكون البتر أفضل من ألم الشك والحيرة والأهم التورط في مشاعر تكبر ومع الوقت وعاجلا أو آجلا تصل لنفس النهاية، وطالت فترة عذابك أو قصرت لكنك سوف تتجاوزها تماما، والأهم أنها ستكون لك تجربة استفدت منها الكثير ما يساعد على صقل شخصيتك وخبرتك بالحياة.
والاحتمال الآخر أن تجد فتاتك تكن لك نفس المشاعر وأنها هي الأخرى انجذبت لطبيعتك المختلفة عن جميع ما سبق بحياتها وتتمنى لو تغير طبيعتها معك ومن خلالك وتحاولان معا الوصول لنقطة تلاقي تندمج فيها الطباع المختلفة لتكون حياة تجمع أجمل ما بكما معا، وهذا هو المعنى لحقيقي للتآلف أساس الحب الحقيقي.
أتمنى أن تتقبل كلماتي بهدوء وتعقل ويسعدني أن تتابع معي خطواتك القادمة. أتمنى لك كل التوفيق والسعادة أيها الشاب الطيب النقي الخجول.