الفاشلة
مشكلتي بدأت منذ صغري، حيث أمي إنسانة غير واعية، كانت تمنعني من اللعب مع أقراني، كانت إذا أرادت معاقبتي على شيء تافه تذهب إلى المدرسة وتطلب من الأساتذة ضربي أمام كل الزملاء، وإذا اعتدى علي أحد تحملني كامل المسؤولية، وكانت تريد أن تراني وحيدة، وكانت تقول لي أني لا أثق في أحد، أما أبي فكان لا يكلمنا منذ الصغر، وإذا كلمني كان يقول لي أنني فاشلة ويستخف بي ويشتمني،
ففي مرحلة الثانوية عانيت من التهميش، وأحياناً التحرش والضرب من بعض الزملاء، فكنت دائماً وحيدة، بلا أصدقاء، كنت أحاول أن أقيم علاقة صداقة، لكن كن زميلاتي يحسدنني على جمالي، وعلى الأناقة التي كنت أتمتع بها، ولأنني لا أجيد الحوار مثلهم مما أثر علي في المذاكرة، فتراجعت كثيراً, فلما كنت من الأوائل أصبح مستواي ضعيف وكدت أن أرسب في نيل شهادة الثانوية العامة، المهم عندما حصلت على الشهادة، لم يكترثوا بمستقبلي فلم أحضر إلى الجامعة ورسبت بسبب كثرة النوم وقضاء اليوم كله بالإنترنت، ومرت سنوات على هذا الحال ولم يكترث أحد في العائلة لحالي، كل اليوم في غرفتي لا عائلة لا أصدقاء حتى كتبلي الله أن أجدت عملاً بعد رحلة طويلة بالبحث عن عمل بالإنترنت،
أصبحت أعمل وهنا بدأت حالتي النفسية تتحسن وأتعرف على الناس، لكن والداي ضغطا علي بالزواج بأحد معارفهم فبدأوا بالضغط علي ورفضت فبدأوا يسيؤون معاملتي بعد أن كانوا نسو وجودي، المهم استمريت في ذلك العمل لخمس سنوات وتركته لأنني بدأت أعاني من مضايقات من الزملاء لطيبتي وعفويتي وعدم خبرتي في التعامل مع الناس، فاستقليت وتعرفت بعدها على شاب وتزوجت به لكن بعد مرور مدة قصيرة بدأ بضربي وإهانتي لعدم معرفتي بشؤون البيت والطبخ واستقبال الضيوف، فمرضت وأهملني وازداد مرضي فطلقته ودخلت في حالة اكتئاب،
لا أكمل عملاً إلا وأتركه لثقلي وقلة الذاكرة، وعدم معرفتي ما أجيده وما أحبه، حالياً بلا عمل بلا شهادات بلا تخصص، وبذاكرة ضعيفة وثقل الحركة لا أجيد فعل أي شيء، وأهلي ينعتونني بالفاشلة والكسولة وأنا منهارة وفقدت ثقتي بنفسي وكرهت الحياة.
14/2/2017
رد المستشار
حبيبتي "لمياء"... أشعر بكل حرف في رسالتك.. وعليك أن تعرفي أن اللحظة الحالية هي لحظة ولادة لك.. ولادة جديدة كإنسان جديد... ولتساعديني وتساعدي نفسك عليك أولاً نسيان كل ما سبق تماماً.. تماماً.. أنت الآن "كيان" جديد... كل ما به جديد، عقل وقلب وروح.. ومع الأسس التالية والإصرار الصادق بداخلك ستولد (لمياء) جديدة... (وأعتذر جداً على طول الرد ولكنني حاولت اختصاره بقدر ما استطعت- وتحت أمرك بأي وقت في أي سؤال)
اكتشفِي نفسك من جديد - والبداية هي أساس جديد تذكريه وكرريه دائماً لنفسك...
"أي خطأ أو فشل حدث معي لا يعني بالضرورة خطأ أو عيباً بداخلي.. ولا لأن هكذا طبيعتي أو طباعي.. ولا لأنه لا توجد فرص غير المتاحة لي.. ولكن لأنني اتبعت معلومات أو مفاهيم خاطئة.. مغلوطة أو غير واقعية".
بالتالي لا تلومي نفسك أو تنتقديها ولا تكتفي بالإحباط واليأس وإنك "كده وخلاص"... الجزء التالي هو حجر الأساس لشخصيتك وعالمك الجديد.. إعادة اكتشاف للمفاهيم والسلوكيات المخزنة بداخل عقلك والتي كان لها الأثر الحيوي الكبير على رؤيتك لنفسك، بالإضافة إلى تعاملك مع الآخرين بصورة عامة ومع "الرجل" بصفة خاصة.. والمطلوب منكِ الآن هو أن تكتشفي تلك السلوكيات والأفكار بدون إصدار أي أحكام عن نفسك.. فقط الاعتراف بها بصدق ومصالحة مع النفس والهدف هو أنتِ (ذاتك)... وبنفس الوقت تغرسين بداخلك أسساً جديدة تكون دائماً بعقلك وأمام عينيك
حتى وإن كان كل ما يعنيكِ هو ما يخص حياتك العاطفية قبل أي شيء آخر؛ فنفس المبادئ والأفكار والعادات التي تؤثر على حياتك العاطفية يمتد أثرها إلى كل منطقة أخرى من حياتك العامة والمهنية والصحية.. علاقاتك مع العائلة والأصدقاء والزملاء.. تؤثر حتى في أفعالك.. أفكارك.. هواياتك وجميع عناصر حياتك. "إيمانك بذاتك" هو المفتاح لكي تثبتي قدراتك كامرأة وكإنسان، هو المدخل الذي من خلاله تستطيعين فرض تأثيرك على عالمك الخاص والعام.. الإيمان بالذات هو القوة التي سوف تساعدك على اكتشاف آفاق وإمكانيات جديدة بعقلك وزيادة الوعي الشخصي الخاص بكِ، باختصار هو حجر الأساس لتتحولي إلى كيان متكامل يجمع بداخله أجمل ما في الأنوثة من رقة ورومانسية وروح.. وأقوى ما بالإنسان من عقل وفكر وذات.
الأساس الأول: أنتِ مميزة منذ لحظة ولادتك
أنت بالفعل مميزة.. الله سبحانه وتعالى خلق كل إنسان مميزاً بطريقة وأسلوب مختلف، ولكن بمجتمعاتنا الحكم على تميز ونجاح الأنثى يكون من خلال معايير مغلوطة.. تزوجت أم تأخرت في الزواج فتكون عانساً.. مقدار ما قدم لها من مهر وشبكة وإلا كانت قريباتها وصديقاتها أفضل منها.. وبعد الزواج هل أنجبت وإلا صُنفت أنها أرض بور.. استطاعت السيطرة على زوجها وجعله نسخة مطابقة لمواصفات الزوج المثالي بنظرها ونظر العائلة وإلا كانت فاشلة لم تستطع إلهاء رجلها وإلهاء شهوتيْ البطن والفرج!!.. أما لوحصل انفصال فهنا وبدون أي كلام وبغض النظر عن أسباب الطلاق تكون امرأة فاشلة بجدارة.. "لو فالحة كانت فلحت ببيتها"... تلك هي المعايير التي سمحتِ للناس أن تراكِ وتقيمك من خلالها.. المعايير ليست لتحديد هل أنتِ أنثى مميزة أو أنثى عادية.. ولكن للحكم إن كنتِ أنثى ست من الأساس.. والأسوأ أنكِ تقتنعين بتلك الرؤية لكِ.. تشاهدين نفسك بعيونهم.. ولكن أتعرفين!
رغم كل تلك الأحكام والمعايير فأنتِ أنثى مميزة.. بداخلك التَمَيُز الإنساني بصورة عامة والأنثوي بصورة خاصة.. ولا توجد أية معايير بشرية يمكن أن تخلع عنكِما منحك الله سبحانه وتعالى من تَمَيُزك الإنساني أو أن تطفئ رونق وبهاء كونك أنثى.. وأنت وحدك القادرة على إثبات ذلك بعد التخلي عن الشعور بالضعف والاحتياج.. تتعلمين كيف تصبحين أنثى مميزة بالعقل والروح قبل الجسد.. مميزة في ردود أفعالك ومشاعرك وعطائك.. فاستمتعي بتميزك.
الأساس الثاني: بكل حالاتك أنتِ "فرز أول"
نظرة الناس نصفها أو أكثر هي الكيفية التي تشاهدين بها نفسك.. فسواء كانت سلبية أو إيجابية.. راضية عن نفسك أو لا.. هي نفسها الطريقة التي سوف يراكِ الآخرون من خلالها.. الانطباعات والقناعات عنكِ، وذلك تحديداً بداية إحساسك بعدم الثقة بنفسك وعندها كل شيء وأي شيء يطلقه الآخرون عنكِ سوف يؤثر بكِ. وتقتنعين به.. تبدئين برؤية نفسك من خلال عيونهم هم؛ كيان ضعيف مشوش به الكثير من العيوب والسلبيات، وأول رجل يظهر بعض الإعجاب بكِ ولو مزيفاً تتعلقين به بصورة مرضية لأنه ليس بحب، ولكنه احتياج من كيان مهزوز يستمد إحساسه بذاته عن طريق وجود ذلك الرجل بجانبه.. تتصورين أنك أخيراً أثبتِ لنفسك وللآخرين أنكِ امرأة رائعة مثالية فازت برجل.. تشعرين بنفسك قوية ولكن الحقيقة أنك تزدادين ضعفاً على ضعف؛ يتجسد من خلال ارتباطك غير الطبيعي بإنسان.. ارتباط وتعلق هو إدمان ومرض أكثر منه حباً طبيعياً.
الصح.. قبل أن تسمحي لأحد بتقييمك عليكِ أن تقيمي نفسك أولاً تحديد سلبياتك ونقاط تقصيرك بحق نفسك ومن ثم البدء في تغييرها.. ولكنه تغيير لنفسك وذاتك وليس لإرضاء أحد آخر أياً كان.. وما لا تستطيعين تغييره فلترضي به وتحبينه وتظهرين للآخرين أنكِ تحبين نفسك على حالها.. لست ملزمة بحمل أفكار عقول غير سوية، ولا حتى مجادلتها.. عقول قد تجبرك على الدخول بأية علاقة حتى تشعري بأنك إنسانة كاملة جميلة.. قد تجبرك على قبول أي رجل وبعدها ولو لم تتحملي الحياة معه فقررتِ الانفصال تحصلين على لقب آخر "مطلقة" هو أيضاً يعتبره المجتمع عاراً ومدخلاً لمزيد من عبارات تسبب لك الأذى والجرح..
أنت ملزمة فقط بأن تحبي نفسك، تعيشي لحظاتك وتلوينها بألوانك الخاصة فهي حياتك أنتِ وحدك، تعيشي حياتك على أجمل حال والتجاهل التام لأي أحد لا يروق له أمرك.. لا تسمحي للآخرين بفرض معتقداتهم وشريعتهم عليكِ.. ولتكن شريعتك الحلال والحرام فقط.. فقط لا غير وليس عادات أو تقاليد وأعرافاً.. المسموح والممنوع هو ما يحدده دينك وليس العيب أو كلام الناس.. اصنعي لنفسك عالمك الخاص بكِ واستمتعي به.. لأنك تستحقين.. وحينها فقط سوف تشعرين بمعنى الثقة بالنفس والاستقلالية.. تلاحظين نظرات الاحترام والتقدير ممن حولك لأن بريق ثقتك بنفسك أشرق من عينيكِ برضا وسعادة وانطلاق.. سعادة لن يدرك سببها أحد.. وحدها هي صاحبة الحضور المميز من تحصل على حب حقيقي ناتج عن إعجاب صادق بكل ما بها.. لا تشغلي عقلك بالنهايات ولكن اصنعي من كل لحظة بعمرك لحظة ولادة وبداية جديدة..
الأساس الثالث: الصراحة مع النفس
الصراحة.. الصراحة التامة مع النفس هي الأساس هنا وأول خطوة بالتغيير وإعادة اكتشاف ذاتك.. ستشعرين بحديث.. أفكار.. ضجيج.. صور ومشاهد من الماضي. كمن يرفع طبقات عن شيء مهمل منذ زمن.. احتفظي بجانبك بدفتر وقلم، واكتبي كل ما تشعرين به بكل حرية.. بدون ترتيب أو إعادة تفكير.. فقط اكتبي بعفوية وبساطة.. وبكل صدق مع نفسك وعن نفسك اكتبي.. بدون نقد.. بدون اتهامات لنفسك أو للآخرين ولكن ترفقي بنفسك واعتادي من الآن أن تكوني عطوفة وحنونة مع نفسك.. لاحظي أفكارك ومشاعرك واكتبيها بكل سلاسة وصراحة، وبذلك تكونين نجحت في أهم وأول خطوات البداية الجديدة الصحيحة. فالحرية نصفها الصراحة مع النفس.
الأساس الرابع: أنتِ لستِ ضحية
الله سبحانه وتعالى خلق الأنثى ضعيفة ورقيقة بمشاعرها بالفعل، ولكن تلك الأنثى والتي نراها ضعيفة بقصة حب، تعبر عن ضعفها بكل احتياج هي نفسها التي نراها تتحمل مسؤولية بيت وأطفال عندما تضطرها الظروف، المرأة لا تكون ضعيفة أو قوية إلا بإرادتها هي، ولكن أكثر ما يدهشني هو ضعف المرأة على نفسها.. دور الضحية من أكثر الأدوار التي تتقنها المرأة العربية نتيجة تربيتها التي رسخت بداخلها أنها بالفعل ضعيفة ومجتمعها هو من يحدد لها جميع عناصر حياتها حتى أصبحت بالفعل ضعيفة حتى على نفسها.. لكن ولو بصدق قررت التغير فعليكِ التخلص من دور الضحية وتحمل مسؤولية أفعالك.. قراراتك.. مكانتك بالنسبة للآخرين وحتى إخفاقاتك وفشلك.. قرري أنتِ ما تريدينه.. فلو كنتِ تبحثين عن المحبة والإعجاب فللأسف الشفقة فقط هي كل ما يحصل عليه الضحايا!
الأساس الخامس : الحياة هي اللحظة.. نقطة ومن أول العمر
حقيقة.. اللحظة الحالية هي كل حياتك.. استثمريها بكل ما فيها.. بدلاً من انتظار الأفضل، تمتعي بالمتاح ووقتها سيكون عندك القدرة والعقل الصافي والثقة بالنفس التي تؤهلك للوصول للأفضل.. أو على الأقل الوصول لكيفية تعديل المتاح لأقرب شكل تتمنينه.. الحياة لها طريقتان فقط للعيش بها.. انتظار المعجزات.. أو اعتبار كل شيء بحياتك معجزة فتشعرين بالرضا والسعادة.. تشعرين بمتعة "الأمل".
هل فكرت يوما ما الفرق ما بين "الأمل" و"اليأس"؟ هو الفرق ما بين الولادة والموت.. بالأمل كل يوم ما هو إلا ميلاد جديد لكِ.. كل لحظة من عمرنا هي نهاية وبنفس الوقت بداية.. كل يوم ينقضي يسحب من عمرنا ولكنه يزيد في عمر الحياة.. ونحن أيضاً نستطيع جعل ذلك اليوم زيادة لنا.. زيادة ليست بالوقت.. فالأعمار مقسومة.. لكن ما يحياه إنسان بأسبوع ممكن لآخر أن يعيشه في يوم.. هو قدرة التمتع بالمتاح.. هو رضا يولد قوة الأمل.. هو إرادة وتصميم وعمل لتحقيق ولو خطوة بطريق الأمل.. أما اليأس فهو الموت.. هو ولادة لحظة جديدة ولكنها مشوهة باليأس والغضب والثبات فتموت.. عمر الحياة يطول وعمرك يقصُر مهما كان طويلاً.
"أبيض وأسود" أو "ملونة"... هما طريقتان تشاهدين من خلالهما حياتك.. ألوانك مصدرها أنتِ.. من داخلك.. استمعي لكلماتي وتعمليها قاعدة بحياتك لا تشغلي بالك وعقلك زيادة عن طاقته.. الكثير من الأشياء والأفكار نشغل بها عقولنا فتسبب لنا الضيق والحزن والإحباط.. تشوه لحظاتنا وهي بالأساس تافهة لا تستحق.. ولكننا صببنا تركيزنا عليها بنظارة مكبرة رغم أنها بالنسبة لحياتنا متناهية الصغر.. هي لحظات ومواقف تمر بابتسامة.. ببعض الصبر.. أو "الحمد لله والرضا"... بساطة يقابلها على الجانب الآخر حزم منك وجدية بدون تهاون وذلك في جانبين فقط.
- ما يخص دينك وشريعتك... أي أمر تشعرين أن به خطأ ما أو بُعداً عن حدود دينك عليك الوقوف عنده ومراجعة نفسك.
- مع الآخرين فيما يخص عناصر حياتك أنتِ.. لو حاولوا فرض شريعتهم الخاصة عليكِ وعلى خطوط حياتك.
غير ذلك هي حياتك أنتِ... يدك فرشاة ألوانها وما يراه الآخرون أبيض وأسود يسبب الضيق والغضب أنتِ ترينه ملوناً... بسيطاً وتافهاً ونهايته بابتسامة أو كوب عصير ليمون... الغضب والرؤية السوداوية للأمور جميعها مشاعر دفنت بداخلنا ومع أول فرصة تتحرر للخارج... لو نجحت في الوصول للسلام بداخلك تكوني وصلتِ للنور الذي يعكس ألوان طيفك... نور يظهر على ملامحك... عيونك... ضحكتك وحتى تفكيرك وقراراتك.
الأساس السادس: منابع التغير والسعادة بداخلك
قد يكون الوصول لمنابع السعادة بداخلك صعباً، ولكن المستحيل حقيقي أن أي أحد أو شيء آخر يكون منبع السعادة لكِ... السعادة ليست شيئاً يحدث بلحظة، ولكن السعادة تحتاج للبحث عنها وبنفس الوقت نعرف كيفية التمتع بما نملكه مهما كان قليلاً. السعادة الحقيقية لتكون من الثروة أو الجمال أو الزواج أو الحب أو الرجل أو أي شيء خارجي لأنها من الداخل... من داخلك... وحتى الحب لن يمنحك ما تتمنينه من سعادة إلا بعدما تحبين نفسك الأول... البحث عن الحب خارج نفسك لكي تشعري بالرضا ومحبوبة ومرغوبة، أو للشعور بالثقة بالنفس هو فهم خطأ للحب ولمعنى وجود الرجل بحياتك.
فهمنا لترتيب المشاعر مغلوط وحتى عبارة "حبي نفسك" ببساطة تجدين من يقولها لكِ، لكن "الأنانية" خطأ، رغم أن الفرق كبير بين الأمرين... أن تحبي نفسك يعني محبتك للروح والعقل بداخلك... تحبين طبيعتك وصفاتك الخاصة بكِ... تحبين كل شيء بكِ وترضين به وبنفس الوقت تحاولين أن تكوني أفضل... تحبين وقتك ولحظاتك وتلوينها أنتِ كما تحبين وتفرحين بها ما دامت بحدود الشرع والدين... الشرع والدين وليس حدود عادات أو تقاليد أو كلام الناس... تؤمنين بنفسك وقدراتك وتعرفين أن كل إنسان الله سبحانه وتعالى خلقه متميزاً بصورة مختلفة عن أي إنسان آخر.... تملكين القدر الكافي من الثقة بالنفس فلا يستطيع أحد هز ثقتك بنفسك أو ينال من كرامتك وكبريائك... وستجدين من يقول "الغرور والتكبر" خطأ... نكرر مرة أخرى هناك فرق كبير بين الإحساس بثقتك بنفسك واعتزازك بكرامتك وبين الغرور والعجرفة لأن مجرد اعتذارك بحالة إحساسك بالغلط هو تصرف لا يصدر إلا من إنسان كامل الثقة بالنفس لدرجة أن اعتذاره لا يفقده ثقته بنفسه. وأفعال كثيرة تظهر الفرق ما بين الغرور والأنانية ومحبتك لنفسك لأن حدود محبتك لنفسك تنتهي عند حدود الآخرين تماماً كالحرية.
لا تهتمي أبداً بتفكير أو تصور الناس عنك وتجاهليهم تماماً لأن الأفكار بداخلك عن نفسك هي المصدر "الحقيقي والوحيد" لإحساسك بالرضا والثقة بنفسك... لو كنتِ مهتمة أن تكوني أكثر ثقة بنفسك وإحساساً بالراحة الداخلية فاكتبي الآن قائمة بالأشياء التي تشعرين أنكِ راضية عن نفسك فيها... كل شيء تشعرين أنك مميزة فيه... مهما كان قليلاً أو بسيطاً ولو كتبت شيئاً واحداً فقط اكتبي كل شيء تشعرين أنه حلو بكِ حتى لو رأى الناس غير ذلك أو لم يلاحظوه بكِ أساساً... واكتبي قائمة أخرى بالأشياء التي بسببها تفقدين ثقتك بنفسك... اكتبيها واقرأيها جيداً جداً مرة واثنتين وثلاثاً.. كتبت قائمة فيها كل ما تتصورين أنها عيوب بكِ؟ تمام... الآن قومي بتقطيعها واقذفيها بالهواء وشاهديها تتطاير وتتساقط حولك... (جميعها أوهام ضحكوا عليكِ بها من أول يوم)..
وقولي سأبحث بداخلي عن أجمل ما فيّ وأعتز به.. وما كنت أراه عيباً سأبدأ مواجهة الجميع به حتى يتحول لميزة.. وأنا وحدي من سيحكم إن كان بالفعل عيباً أم أنا من عاش بوهم لسنوات.. وعقلي أنا سيكون هو وحده المعيار... قولي "لا يهمني كيف يراني الناس تكفيني ثقتي بنفسي"... تقدم لك عريس وفيه صفات تروق لكِ تقولين "لو حدث رفض لن أحزن لأنني بكل الأحوال سعيدة وراضية بنفسي.. ولو وافق علي سأكون سعيدة أكتر". هما احتمالان فقط بحياتي ليس لهما ثالث.. إنني سعيدة وراضية وواثقة بنفسي والاحتمال الثاني لو حدث شيء إضافي في حياتي العاطفية سأكون أكثر سعادة ورضا.. يعني أفضل والأفضل..
القائمة التي كتبتها بالصفات الحلوة بكِ من أول الصفات الجسمانية.. العقلية.. الروحية.. المهارات.. احتفظي بها وافرحي أنها بكِ ولو وجدت أنكِ بالسنوات السابقة أهملت إحداها عودي لاهتمامك بها ولكن اهتماما يكون لنفسك بالمقام الأول.. كجوهرة أهملتِها ففقدت بريقها.. عودي اهتمي بها عن طريق شعورك أنك بالفعل مميزة ولأن بجميع مراحل حياتك ستقابلين أناساً وتصرفات تؤثر فيكِ بعمق وقد تهز ثقتك بنفسك.. إيمانك بذاتك.. اشعري بداخلك أنك النصف الحلو.. الحلو بكل شيء بجوهرك قبل مظهرك.. شعور سيظهر بصورة بريق بعينيكِ يجسد الرضا عن النفس والإقبال على الحياة وعدم الخوف من التعريف عن نفسك بطبيعتك الخاصة.. تفكيرك الخاص.. سحرك الخاص.. إصرارك على النجاح والوصول لهدفك سواء بالعمل أو الدراسة أو بقصة حب أو زواجك وهي مقومات يملكها كل إنسان سواء رجلاً أو امرأة بصورة خاصة به وحده.. واعلمي أنه لا يمكن لأي إنسان آخر أن يجعلك تشعرين بالنقص إلا لو أنتِ سمحت له عن طريق أفعالك ورؤيتك لنفسك..
الأساس السابع: اطردي الأفكار السلبية
لا يوجد مفر من انشغال عقلنا بأفكار سلبية من وقت لآخر وغالباً تكون كل فكرة منها نتيجة فكرة سلبية أخرى "أنا فاشلة" بعدها "أنا لن أنجح في عمل"..... وأفضل طريقة لوقف الأفكار السلبية ببعض الأحيان هو تجاهلها تماماً وبأحيان أخرى يكون بشحن نفسك بطاقة إيجابية مضادة فتقولين "أنا نشيطة جداً اليوم.. سأذهب لعملي وأعمل جيداً وبعدها لدي أشياء كثيرة سأفعلها لنفسي"...
اكتبي قائمة بكل ما ستفعلينه اليوم (قراءة- تعلم شيء جديد- نزهة- رياضة- اهتمام بنفسك.....) وثبتيها بمكان ظاهر... وهيئي لنفسك الجو الجميل واهتمي بنفسك بحيث تكونين راضية عن شكلك ليس مفترضاً أن تكوني ملكة جمال، ولكن بصورة رقيقة وطبيعية.. وانهي أعمالك واحداً واحداً.. دللي نفسك وشجعيها وقولي لها كلما أنهيت عملاً سأكافئكِ بشيءٍ جميل.. وفعلاً فرحي نفسك بشيء حلو أياً كان.... تقدير مجهودك لا يجب أن يكون من زوجك أو خطيبك أو من الأهل أو الآخرين فقط. ومن قال أن الإنسان لا يدلل نفسه لنفسه؟... قولي لو أنهيت جميع المطلوب مني اليوم سأفعل شيئاً أحبه... قطعة شكولاتة وأنتِ تشاهدين فيلماً تحبينه... ليس لديك وقت؟... فليكن حماماً دافئاً واهتمي بنفسك وارتدي أجمل ملابسك "لنفسك"... عودي لممارسة هواية كنتِ تحبينها... لا يوجد إنسان خال من المشاكل ولكن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها... الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان بقوة تمكنه من مواجهة المشكلات أو مراوغتها... الرضا وتنظيم الوقت هو الأساس... وحينها ستجدين كل فكرة سلبية قتلت وتحولت لطاقة ولمزيد من إحساسك بالسعادة.
الأساس الثامن: انسي روايتك الخاصة
كل إنسان منا له قصته الخاصة به.. بقصة حياته تفاصيل هو فقط يعرفها تبدأ من أول يوم بدأت فيه ذاكرته تخزن الذكريات وحتى لحظتنا الحالية... منها تفاصيل تخص طفولتنا وبراءتنا... وتفاصيل تخص تجاربنا وأثر الحياة والآخرين علينا... ومنها البسيط عبارة عن نظرتنا لأنفسنا وقد تكون فيها فصول مؤلمة سواء كانت بالطفولة أو بعدها نتيجة إحباطات... فشل في تحقيق حلم... أو نتيجة قصة حب لم تكتمل... فشل في علاقة ارتباط أو زواج... جميعها موجود بداخلنا حتى لو كنا تخطيناها لكن الأثر موجود يوجع بأرواحنا من وقت لآخر، خصوصاً لو مرت علينا مواقف مشابهة فتؤثر في قراراتنا وعلى حكمنا على الناس وأفعالنا... وقد نرفض أو نقبل أشياء نتيجة تأثرنا بفصول معينة بقصة حياتنا نتيجة الخوف... الحرص... ونتيجة إحساسنا أننا استهلكنا كل مشاعرنا وطاقتنا فيما سبق وهناك ما مات بداخلنا... تلونين الحاضر والمستقبل بألوان الماضي مهما كانت قاتمة وباهتة... وهل هناك أي فرصة لبداية جديدة في مستقبل أصبح مشوها من قبل ولادته؟.... بالطبع لا...
الأساس التاسع: العمر لحظة
فعلا العمر لحظة... كل لحظة هي موت وميلاد بنفس الوقت... كل لحظة مرت بنا هي عمر مات واللحظة الحالية الآن هي عمر جديد... كل لحظة تستطيعين جعلها بداية جديدة لكِ... كل نهاية مؤلمة هي مجرد لحظة و"ماتت" وولادة بداية جديدة... عمرنا الحقيقي ليس بعدد ما عشنا من سنوات لأن بكل لحظة هناك فرصة عمر جديدة... وبأية لحظة تبدئين فيها حياة تشعرين بعدها أنك وليدة جديدة... تلك اللحظة قد تكون بداية قصة حب حقيقي وصادق.. لحظة غفران لإنسان تطهر قلبك من مرارة الإحساس بالظلم وطلب الانتقام... لحظة اعتذار للأم أو الأب... لحظة اعتراف بالخطأ بحق الله سبحانه وتعالى وبحق النفس... أو لحظة اكتشاف لذاتك من جديد... جميعها لحظات ولادة جديدة... حقيقية... تعيشين بعدها حياة مختلفة عن جميع ما مضى وبروح جديدة... أما العكس وأن تعيشي عمراً بأكمله بدون الشعور بلحظة ولادة حقيقية لكِ... الماضي الحاضر والمستقبل جميعهم متشابهون. زحام مشاعر وذكريات... أخطاء وأوجاع. من غير المنطقي أن أقول لكِ عليكِ نسيان الماضي كله، ولكن الصحيح هو مواجهة الماضي.
من أكبر أخطائنا هو تصورنا أن علاج الماضي يكون بنسيانه أو دفنه.. علاج الماضي الصحيح والشافي يكون بمواجهته، أما محاولة دفنه تماماً كمحاولة دفن جريح لا تزال الروح بداخله وكلما تألم تئن معه أرواحنا وقلوبنا... كل ذكرى تضغط على جرح لم يلتئم بداخلنا حاولنا التخلص منه فقمنا بدفنه ملوثاً بأفكار وتساؤلات وعدم استيعاب... العلاج الحقيقي للماضي يكون بمواجهته... استيعابه... وتحمل ألم تطهير الجرح... كلما زاد ألمنا ونحن نواجه أنفسنا ونستوعب جرحنا خفت قوة الجرح بعدها، وضعفت روح الجريح ولحظة الوصول لدرجة الاستيعاب الكامل لكل ما حدث معك هي نفسها لحظة خروج روح المريض تماماً... ويموت الجرح... نعم لن ننساه ولكن أيضاً لن نتألم كلما تذكرنا هو كل ما سنراه بذاكرتنا هو شاهد قبر... هنا كان يرقد "جرح" قديم.
الأساس العاشر: اشحني بطاريات روحك وعقلك
لكل إنسان منا هالته الخاصة، الهالة هي المساحة الذاتية بكل إنسان منا... وأنتِ إنسان قبل أن تكوني أنثى... هالة أو مساحة هي ملكك أنتِ بمفردك... فضاؤك الذاتي اشغليه بكل ما يمتعك ويرضيكِ... هوايات... أهل... أصدقاء... عمل... دراسة... وقت ترفيه... رياضة... محاضرات... وحتى بداخلك لكِ مساحتك الذاتية من آرائك وأفكارك وقناعاتك... وبدون طلب من الرجل سيمنحك هو ويغير من حياته كما فعلتِ أنتِ بدون إلحاح منك أو شكوى... جذبه فضاؤك الذاتي بألوانه وحيويته ونكهته فأصبحتِ حياة تضاف لحياته.
مظهرنا ومواصفاتنا وأسماؤنا وأفعالنا جميعها مجرد قشرة أسفلها الجوهر الحقيقي للإنسان والفرق ما بين شخص وآخر هو الموجود بداخله أسفل تلك القشرة... هناك بداخله فارغ وشخص آخر بداخله ثراء معنوي وروحي عالٍ... وتفاعلنا مع الحياة بجميع عناصرها هي وسائل شحن لطاقتنا الروحية الداخلية وقدراتنا العقلية واكتفائنا الذاتي والعاطفي... عندما تختزلين جميع حياتك في شخص واحد فقط ليكون مصدراً واحداً للمشاعر... سبب واحد لإحساسك بذاتك... فأنت تمنعين عن نفسك أي إمكانية أو طرق أو وسائل لإعادة شحن بطارياتك بشكل طبيعي عن طريق التفاعل مع الحياة من خلال الأصدقاء... الأنشطة... خلوتك مع نفسك... عقلك وثقافتك... أهلك ودنياكِ... وكل عناصر حياتك الخاصة... الناس والحياة يستنفدون طاقتنا الروحية بكل لحظة وتفاعلنا مع الكون والحياة وجميع عناصر وجودنا هو ما يعيد شحننا وإلا سيأتي عليكِ وقت تشعرين أنكِ خاوية جداً من داخلك... مهمشة والكون حولك ضيق جداً رغم اتساعه... تشعرين كأنك ريشة بالهواء...
قرري أن تهتمي بنفسك لنفسك... مجرد اهتمامك بتفاصيلك والاعتناء بها بحد ذاته أمر ممتع... يجسد مشاعر كثيرة بداخلك تنتظرين من يمنحها لكِ هي تعبير واضح عن رضاك عن نفسك بكل حالاتك وظروفك... اهتمامك بنفسك له عامل نفسي مهم جداً أكبر من تصورك... يمنحك القوة... يزود من ثقتك بنفسك... يمنحك السعادة ومن أهم عناصر فضائك الذاتي الخاص بكِ... دللي نفسك بالاهتمام بكل تفاصيلك واهتمام الأنثى بعناصر أنوثتها من أهم وأمتع الطرق لتدليل نفسها وللشعور بالقرب من الذات والرضا عنها وثقة بالنفس تولد رضا عن النفس تمدك بالشعور بالقوة... القوة تلغي الضعف والاحتياج... تشعرين بالسعادة أكثر وحبك لنفسك يزيد... تهتمين بنفسك بحب لجميع تفاصيلك وراضية عنها... فتزداد ثقتك بنفسك ويتولد المزيد من الرضا وهكذا... فاهتمي بجميع تفاصيل كيانك الأنثوي الجميل لأنك تستحقين ذلك... تستحقين تدليل نفسك لنفسك.
واقرئي أيضًا:
الفشل فقط حين تكف عن المحاولة !
من أين يأتي الفشل؟ م
كيف نحول الفشل الذريع لبصيص أمل؟ م. مستشار
أنجح أحيانا وأفشل أحيانا أخرى
فشل متواصل... كيف أبدأ من جديد؟