خمس سنوات في سرقة المحلات
السلام عليكم، ابني البِكْر يبلغ من العمر اثنتي عشرة عامًا، وإلى جانب مشاكل وأزمات المراهقة الشائعة، أصبحت أنا وأبوه نعاني معاناة لا يعلم مداها إلا الله من استفحال صفتي الكذب والسرقة لدى ابننا.
اكتشفنا هاتين الصفتين لأول مرة -وللأسف ظنناهما حينذاك آخر مرة- عندما كان في السابعة، ولن أنسى ما حييت ذلك اليوم الكئيب بل والمرعب حينما أخبرني والده بحزن شديد أنه ضبط بحوزته أشياء سرقها من إحدى المحلات التجارية، بل وأصر على إنكار سرقتها حتى حوصر بالأدلة واضطر للاعتراف.
ورغم أن والده ضربه يومها ضربًا مبرحًا، ورغم أننا صرنا نحاول عدم حرمانه من بعض الأشياء التي دأب على الشكوى من عدم امتلاكها -وهي بالمناسبة في المستوى العادي جدًّا وغير المسرف لمن هم في مثل سنه وبيئته- إلا أننا فوجئنا قبل أيام بوجود أشياء عديدة ومتنوعة في حوزته أقر بسرقتها.
هذه الأشياء تراوحت من كاميرا وعطر إلى أقلام إلى قفازات جديدة، إلى مجموعة أظرف وأوراق مكتبية تخص مدرسته، ستتسألون: وهل انقطعت عادتا السرقة والكذب لديه منذ أن كان في الثامنة ثم ظهرت مجددًا؟ للأسف ويا لفجيعتنا، اكتشفنا أن هذا لم يحدث.. كل ما في الأمر أنه صار أكثر دهاء وحنكة في إخفاء سرقاته وخاصة بالكذب المتمرس.
أزيدكم أننا -ولله الحمد- أسرة تهتم كثيرًا بتربية أولادها الثلاثة تربية إسلامية ونحاول الإتقان ما استطعنا رغم صعوبة ذلك ونحن نعيش في مجتمع غربي غير مسلم.
وأخيرًا.. هل تقترحون أخذه إلى طبيب نفسي، وهل حقًّا سيفيده طبيب غير مسلم جاهل بديننا وثقافتنا؟ ذكرت الطبيب؛ لأننا حينما نتحاور معه يقول: إنه يعلم أن السرقة والكذب حرام، لكنه لا يدري لِمَ يمارسهما، وجزاكم الله خير الجزاء على ما تبذلونه للمسلمين، وخاصة المغتربين أمثالنا.
21/11/2017
رد المستشار
الأم العزيزة.. أهلاً وسهلاً بك على صفحتنا "استشارات مجانين"، ونشكرك على ثقتك، ما ذكرتِه لنا عما يحدث من ابنك نستطيع الاستناد فيه إلى حدث واحد - لأنه واضح نوعًا بالنسبة لنا- وهو حدث السرقة المتكررة من المحلات التجارية Shoplifting، يقوم به طفل بدءًا من سن السابعة وحتى سن الثانية عشرة من عمره؛ أي أنه بدأ من سنوات النصف الثاني من طفولته في مد يده لسرقة شيء من محل تجاري ما، واكتشفتم أنتم ذلك، وقمتم بإفهامه أن سلوكه هذا سلوك مشين ومحرم ومذموم، ولكنه على رغم ما فعلتموه معه -ومن بين ذلك الضرب المبرح- استمر يفعل ذلك من دون علمكم، والسرقة حين يقوم بها طفل في السابعة من عمره يجب أن نهتم بفهم الدوافع التي أدت به إلى إتيان ذلك السلوك جيدًا، فبينما يسرق الكبير عادة لأنه لص، أو لأنه يعاني من أحد أشكال اضطراب الاكتئاب الجسيم خاصة الشكل الذهاني الدوري، يسرق الطفل لأنه لا يدرك جيدًا معنى ملكية الآخر، أو لأنه قلق أو مكتئب أو لأنه -دون وعي منه- يريد معاقبة والديه أو أحدهما، أو لأنه مصاب بما نسميه في الطب النفسي اضطراب التصرف Conduct Disorder أو السلوك المنحرف في الأطفال.
واقرئي على مجانين:
السرقة في الأطفال
تلغراف : ابن أختي يسرق وأختي تفتقد الحب
سرقةٌ وكذب وعدوانية : اضطراب التصرف
ابني يكذب لماذا؟
ابني عنيد والعقاب لا يفيد ؟؟
ولكن السرقة من المحلات التجارية وحدها لا تكفي لتشخيص هذا الاضطراب، وأما الكذب فأنا لا أستطيع أن أعتبره صفة في ابنك؛ لأنك لم توضحي لنا هل هو سلوك يرتبط فقط بإخفاء سرقاته، أو هو دائمًا ناتج عن العقاب؟ فمن الواضح أنكم حازمون أكثر من اللازم وإلى حد القسوة، وإن كان لغربتكم وخوفكم عليه دور كبير في ذلك؛ خاصة وأنكم تخشون عليه من كل ما حوله.
لماذا لا تحاولين أنت ووالده تفهم أنه ربما يعاني من أزمة ما؟ قد تكون كما ذكرتِ اكتئابًا، وقد تكون قلقًا، وقد... وقد...، لماذا تبدين -كما يظهر من كلماتك- كالمحقق في المخفر؟ إذ تستخدمين نفس كلماته، ولا أدري أي أساليب تستخدمونها مع الولد لتحملوه على الاعتراف؟! فالولد يضبط متلبسًا بالأشياء في حوزته ويوجه إليه الاتهام بالسرقة فيُصِرُّ على الإنكار حتى يحاصر بالأدلة فيضطر للاعتراف!
وإذا كنت تشكين من صعوبة تربية أولادكم على الإسلام وأنتم تعيشون في بلد غير البلد، وثقافة غير الثقافة، وتشعرين بالمعاناة أنت وزوجك من جراء ذلك، أفلا تعتقدين أن أولادكما أيضًا يعانون؟ ابنك يعيش في أزمة حقيقية رغم وجوده وسط أسرته، ولا نستطيع أن نغفل دور التناقض الذي يراه الابن في سنوات تفتُّح وعيه بين ما يقال في البيت من أفراد الأسرة وما يشيع ويعم في المجتمع الذي يعيش فيه؛ كالمدرسة على سبيل المثال.
إن للضبط الاجتماعي دورًا في تمثل الإنسان للقيم والمثل العليا يضاف إلى دور الأسرة، وفي حالات أبنائنا التي في مثل حالة ابنكما يغيب دور الضبط الاجتماعي ويبقى العبء كله ملقى على عاتق الأسرة أفلا يعني ذلك أن عليكما أنت وزوجك الفاضل دورًا أكبر، وأن الاحتضان والتفاهم يجب أن يسبقا العقاب.
ونحن أيضًا لا يمكننا أن نغفل تأثير نظراتكم واتهاماتكم له، وهو بالتأكيد في حاجة إلى العرض على الطبيب النفسي؛ لأن الولد يعاني غالبًا من العجز عن ضبط اندفاعاته، والتي تستفزها ربما طريقة عرض الأشياء في المحلات التجارية؛ خاصة وأن ما يفهم من إفادتك هو اقتصار سلوك السرقة على سرقة المحلات، فهل هو كذلك؟
أتمنى أن يدفعك هذا الكلام أنت ووالده إلى إحسان التصرف، وليست لدي من إضافة بعد ذلك إلا إحالتك إلى ما ظهر على موقعنا قبل ذلك من نصوص تتعلق بنفس الموضوع فراجعي:
اضطراب التصرف في الأطفال: هل له علاج؟
اضطراب التصرف المقتصر على إطار العائلة
اضطراب السلوك (التصرف) Conduct Disorder
ومن الأفضل يا سيدتي أن تبحثا عن طبيب نفساني من أصل عربي وحبذا لو كان مسلمًا، ولا أظن هذا صعبًا حتى وإن لم يكن في نفس مكان إقامتكم، فإن تعذر ذلك فإن أي طبيب أو أخصائي نفسي سيكون قادرًا على مساعدته ومساعدتكم كأسرة تمر بمثل هذه الأزمة، أو على الأقل سيكون أقدر منا على تحليل دوافع الولد؛ لأن قوله لك: إنه لا يدري لماذا يسرق ويكذب رغم علمه بأن السرقة والكذب سلوكين محرمان لا يعني أكثر مما اعتدنا سماعه من الأطفال في ذلك الموقف.
إذن عليكما أن تتحركا طلبًا لفهم أكثر للموقف، والمساعدة على تجاوز الأزمة إن شاء الله. وأهلاً وسهلاً بك دائمًا، فتابعينا بالتطورات الطيبة إن شاء الله.
الأم العزيزة.. أهلاً وسهلاً بك على صفحتنا ( "استشارات مجانين")، ونشكرك على ثقتك، ما ذكرتِه لنا عما يحدث من ابنك نستطيع الاستناد فيه إلى حدث واحد - لأنه واضح نوعًا بالنسبة لنا- وهو حدث السرقة المتكررة من المحلات التجارية Shoplifting، يقوم به طفل بدءًا من سن السابعة وحتى سن الثانية عشرة من عمره؛ أي أنه بدأ من سنوات النصف الثاني من طفولته في مد يده لسرقة شيء من محل تجاري ما، واكتشفتم أنتم ذلك، وقمتم بإفهامه أن سلوكه هذا سلوك مشين ومحرم ومذموم، ولكنه على رغم ما فعلتموه معه -ومن بين ذلك الضرب المبرح- استمر يفعل ذلك من دون علمكم، والسرقة حين يقوم بها طفل في السابعة من عمره يجب أن نهتم بفهم الدوافع التي أدت به إلى إتيان ذلك السلوك جيدًا، فبينما يسرق الكبيرعادة لأنه لص، أو لأنه يعاني من أحد أشكال اضطراب الاكتئاب الجسيم خاصة الشكل الذهاني الدوري، يسرق الطفل لأنه لا يدرك جيدًا معنى ملكية الآخر، أو لأنه قلق أو مكتئب أو لأنه -دون وعي منه- يريد معاقبة والديه أو أحدهما، أو لأنه مصاب بما نسميه في الطب النفسي اضطراب التصرف Conduct Disorder أو السلوك المنحرف في الأطفال.
واقرئي على مجانين:
السرقة في الأطفال
تلغراف : ابن أختي يسرق وأختي تفتقد الحب
سرقةٌ وكذب وعدوانية : اضطراب التصرف
ابني يكذب لماذا؟
ابني عنيد والعقاب لا يفيد ؟؟
ولكن السرقة من المحلات التجارية وحدها لا تكفي لتشخيص هذا الاضطراب، وأما الكذب فأنا لا أستطيع أن أعتبره صفة في ابنك؛ لأنك لم توضحي لنا هل هو سلوك يرتبط فقط بإخفاء سرقاته، أو هو دائمًا ناتج عن العقاب؟ فمن الواضح أنكم حازمون أكثر من اللازم وإلى حد القسوة، وإن كان لغربتكم وخوفكم عليه دور كبير في ذلك؛ خاصة وأنكم تخشون عليه من كل ما حوله.
لماذا لا تحاولين أنت ووالده تفهم أنه ربما يعاني من أزمة ما؟ قد تكون كما ذكرتِ اكتئابًا، وقد تكون قلقًا، وقد... وقد...، لماذا تبدين -كما يظهر من كلماتك- كالمحقق في المخفر؟ إذ تستخدمين نفس كلماته، ولا أدري أي أساليب تستخدمونها مع الولد لتحملوه على الاعتراف؟! فالولد يضبط متلبسًا بالأشياء في حوزته ويوجه إليه الاتهام بالسرقة فيُصِرُّ على الإنكار حتى يحاصر بالأدلة فيضطر للاعتراف!
وإذا كنت تشكين من صعوبة تربية أولادكم على الإسلام وأنتم تعيشون في بلد غير البلد، وثقافة غير الثقافة، وتشعرين بالمعاناة أنت وزوجك من جراء ذلك، أفلا تعتقدين أن أولادكما أيضًا يعانون؟ ابنك يعيش في أزمة حقيقية رغم وجوده وسط أسرته، ولا نستطيع أن نغفل دور التناقض الذي يراه الابن في سنوات تفتُّح وعيه بين ما يقال في البيت من أفراد الأسرة وما يشيع ويعم في المجتمع الذي يعيش فيه؛ كالمدرسة على سبيل المثال.
إن للضبط الاجتماعي دورًا في تمثل الإنسان للقيم والمثل العليا يضاف إلى دور الأسرة، وفي حالات أبنائنا التي في مثل حالة ابنكما يغيب دور الضبط الاجتماعي ويبقى العبء كله ملقى على عاتق الأسرة أفلا يعني ذلك أن عليكما أنت وزوجك الفاضل دورًا أكبر، وأن الاحتضان والتفاهم يجب أن يسبقا العقاب.
ونحن أيضًا لا يمكننا أن نغفل تأثير نظراتكم واتهاماتكم له، وهو بالتأكيد في حاجة إلى العرض على الطبيب النفسي؛ لأن الولد يعاني غالبًا من العجز عن ضبط اندفاعاته، والتي تستفزها ربما طريقة عرض الأشياء في المحلات التجارية؛ خاصة وأن ما يفهم من إفادتك هو اقتصار سلوك السرقة على سرقة المحلات، فهل هو كذلك؟
أتمنى أن يدفعك هذا الكلام أنت ووالده إلى إحسان التصرف، وليست لدي من إضافة بعد ذلك إلا إحالتك إلى ما ظهر على موقعنا قبل ذلك من نصوص تتعلق بنفس الموضوع فراجعي:
اضطراب التصرف في الأطفال: هل له علاج؟
اضطراب التصرف المقتصر على إطار العائلة
اضطراب السلوك (التصرف) Conduct Disorder
ومن الأفضل يا سيدتي أن تبحثا عن طبيب نفساني من أصل عربي وحبذا لو كان مسلمًا، ولا أظن هذا صعبًا حتى وإن لم يكن في نفس مكان إقامتكم، فإن تعذر ذلك فإن أي طبيب أو أخصائي نفساني سيكون قادرًا على مساعدته ومساعدتكم كأسرة تمر بمثل هذه الأزمة، أو على الأقل سيكون أقدر منا على تحليل دوافع الولد؛ لأن قوله لك: إنه لا يدري لماذا يسرق ويكذب رغم علمه بأن السرقة والكذب سلوكين محرمان لا يعني أكثر مما اعتدنا سماعه من الأطفال في ذلك الموقف.
إذن عليكما أن تتحركا طلبًا لفهم أكثر للموقف، والمساعدة على تجاوز الأزمة إن شاء الله. وأهلاً وسهلاً بك دائمًا، فتابعينا بالتطورات الطيبة إن شاء الله.