العمل وعلاقاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أبدأ بتقديم شخصي وبعدها أطرح مشكلتي. أنا مهندسة كهرباء أعمل في مكتب دراسات حكومي مند 3 سنوات تقريباً، مشكلتي أنني الوحيدة في تخصصي وضغط العمل لايوصف. المسؤولون حاولو تكراراً البحث عمّن يساعدني لكن دون جدوى فلا يوجد من يجيد هذا العمل، وإن وجد فلن يقبل بالراتب المعروض عليه، الراتب الذي أتقاضاه متوسط ومقبول _الحمد لله_ وكل المهندسين الذين معي يتقاضون نفس راتبي، لكن إن وجد أحد في تخصصي ويجيد العمل في مكتب الدراسات فلن يقبل بأقل من 3 أضعاف راتبي، هذا المشكل لأن هدا التخصص لا يُدرَّس في جامعاتنا وأنا تعلمته واجتهدت فيه لوحدي بالبحث والسهر لأن دبلومي في الهندسة الآلية، فظروف العمل لا تقبل المبتدئين، وأصحاب الخبرة لا يقبلون الأجرة، والشركة لا تستطيع أن تعطي راتب أعلى ما دام أنا وباقي المهندسين لدينا راتب معين، ضف إلى ذلك ما دمت أنا قد قبلت على نفسي هذا الراتب فلن يفهم المسؤولون أنه يجب رفع الراتب لأن العمل نادر وصعب.
الآن أعود إلى مشكلتي، عندما بدأت العمل معهم لم أكن بهذه الخبرة، كان لديّ الخبرة في الورق (السنوات فقط) وعندما بدأت معهم اجتهدت كثيراً ليلاً نهاراً حتى أنني تخليت عن أطروحة الدكتوراة خاصتي، بعدها أصبحت أحب العمل لدرجة أنني أعمله بشوق وتفاني وكأنه جزء مني، لكن بدأت تطرأ لي مشكلات في محيطي، يعني كيف لكي أن تقومي بكل هذا لوحدك ونحن (زملاء العمل) لا نرضي. أصبحت أظهر كالمذلولة أو الراضية عن الحالة، لكن أنا لست راضية بالتعب لكن أشعر بالمسؤولية خصوصا أن طابع شركتنا اقتصادي، يعني إذا تعطلت على إنهائه في وقته أو أخطأت في التسعيرة أو الدراسة فهذا سيكلف شركتنا خسارة طائلة وممكن خسارة زبون أيضاً.
مؤخرا طلبت زيادة في الراتب وتم قبول ذلك من طرف الإدارة على أساس العمل الإضافي، لكن مع أزمة كورونا توقفت هذه الزيادة. أنا لا أخفيكم تضايقت كثيراً وحلفت يميناً ألّا أشتغل إلا ساعاتي، لكن تراجعت عن قراري وواصلت عملي الدؤوب، لكن نظرة زملائي لي بدأت أتحسس منها، فمثلاً هم كثيرون في نفس التخصص من مهندس معماري ومدني ولكنهم يتكاسلون عن العمل ويتكبُّرون عليه ويريدون أن يباطؤوا به لكي يظهروا أنه شيء صعب ويستحق تركيز، أما أنا فأسهر وأجتهد لكي لا يحدث هناك تأخير بسببي، وكل هذا لكي أتقن عملي ولا أكون سبباً في تحطيم اقتصاد بلدي أو غلق وتسريح عمّال بطريقة أو بأخرى.
والآن أريد أن أفهم هل أنا على حق أم هم؟ وهل أُعتبَر إنسانة خاضعة وراضية بالذل كما يقولون؟ علماً أن هده الشركة تربح أضعاف مضاعفة من الدراسة ويوجد الكثيرين ممن يتقاضون رواتب عالية ومزايا كثيرة لكنني لست منهم. كثيراً ما يتعمد زملائي أن يُعطّلوني ويأخرونني على أن أنهي عملي باكراً فقط لكي لا أظهر أحسن منهم في المردودية وهذا مايدفعني كثيراً للاجتهاد.
هل نحن نعمل فقط لأجل الراتب؟ وهل سأؤجر عند رب العالمين إن أخلصت العمل لوجهه؟ أم أنني تخليت عن حقي وعن جهدي في الدراسة والسهر؟
وفي مرات كثيرة أقول في نفسي يجب عليّ أن أتخلى عنهم (الشركة) وأتركهم يخسرون ما داموا لا ينصفوني في الأجر، ومرات أخرى أقول أنه يجب أن أرد الجميل لأنني تعلمت عندهم بحكم الفرصة وتعدد المشاريع. أفيدوني يرحمكم الله.
آسفة على الإطالة وشكراً لكم.
السلام عليكم.
23/5/2020
رد المستشار
صديقتي
تقولين أنك أصبحت تحبين عملك وهذا يجعلك من المحظوظين في هذا العالم المليء بأناس يكرهون وظائفهم. أنت أيضاً على حق في أن تتقني عملك لوجه الله بالرغم من تعطيلات زملائك، ولقد وعدنا الله بأنه "لا يضيع أجر من أحسن عملاً"
إخلاصك للشركة والعرفان بالجميل شيء عظيم ومرغوب ولكن لا ينبغي أن تضحي بالقدر الذي يضغط عليك أو يفوق طاقتك ويجعلك في النهاية تكرهين عملك. لا تتفاني أكثر من اللازم. نحن لا نعمل من أجل الراتب فقط ولكن الحياة أيضاً فيها أشياء أخرى غير العمل نحن مسئولون عنها وتتلخص في فكرة التطوير الذاتي المستمر. اعملي جيداً وبتفانِ، وأيضاً مارسي الهوايات والرياضة وتعلُّم أشياء جديدة وتكوين ثقافة عريضة وعميقة بقدر المستطاع.
من الناحية العملية يجب عليك الآتي:
1. ابدئي في رصد تقدمك في العمل على أي مشروع عن طريق مذكرات دورية تبعثينها بالبريد الإلكتروني لمديرك وكل من يحتاج إلى هذه المعلومات. بهذه الطريقة يكون هناك دليل مادي علني على حجم إنجازك ولا يستطيع أحد أن يُقلّل منه أو ينكره.
2. استغلي وقت الفراغ بسبب كورونا (إن وجد) في أن تبدئي في التقدم لرسالة الدكتوراة إن أمكنك هذا وإن كنت تريدينه حقاً لنفسك والذي سوف يساعدك في التطور الوظيفي.
3. من المعتاد أن الشركات تريد أكبر قدر ممكن من العمل والإنجاز من الموظفين وبأقل راتب أو تكلفة ممكنة. العمل ليس فيه مكان للمشاعر وإنما لتبادل المنافع. إذا أمكنك، ابحثي عن وظيفة أخرى وعندما تتلقين عرضاً جيداً لوظيفة جيدة وراتب جيد يمكنك عندها أن تقرري ما إذا أردت التفاوض مع شركتك لزيادة الأجر في المستقبل (بعد انتهاء أزمة الكورونا وبعد إعادة إقرار زيادة راتبك مرة أخرى بمدة كافية تستدعي أو تليق بزيادة أخرى بعد ذلك) أو الانتقال إلى وظيفة أفضل من حيث الراتب والظروف. لا يجب أن تفكري بطريقة فيها غضب أو انتقام وإنما بطريقة تبادل المنافع والوصول إلى المستوى أو الهدف الذي تريدينه.
بالنسبة لزملاء العمل فلا تعيري أسلوبهم هتماماً، يقول الله في كتابه العزيز: "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعك جميعاً فينبئكم بما كنتم تعملون".
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.