لأجل أميري، هي اكتئاب تابعي العلاج كفى عذاب م4
في الـ38
كفتاة عادية في مُجتَمع مُغلَق يُؤمِنُ بالزِّيجات المُدَبَّرة، حَلَّت الكارثة وتزَوَّجْتُ زَوَاجًا يَلِيقُ بتَطَلُّعات الأهل. وأَنْجَبْتُ طفلي الوحيد، وغادرت القفص الذَّهَبِي لِغَيْرِ رَجْعَة. انطلقت للحياة، ولا أُنْكِرُ أنِّي حَمَلْتُ الكثير من العُقَدِ النفسية والصُّعُوبات العَتِيَّة، وبعضها تناولت من أجله الدواء؛ لأُخْمِدَ الاكتئاب، وللبعض الآخر ابتلعت ما استطعت إليه سبيلًا من مُهَدِّئات. نجحت في كثير من الأمور، وفَشِلْتُ أيضًا. وتَدَحْرَجَت حالتي النفسية كَكُرَةِ ثلج. مَرَّت أيام هادئة. قُوَّتِي وتَمَرُّدِي جَعَلانِي أنجح في الكثير من عَوَاصِفِ الحياة المَرِيرَة.
الآن بَلَغْتُ 38 عامًا، هذا العمر وهذا الرَّقم حَمَل الكثير، مَرَّ بالكثير. جَعَلَتْنِي الظروف أُمًّا وأَبًا ومَعِيلًا ورَبَّ أسرة. فتاة صغيرة نَسَت معنى عمر العشرين، لديها طفل أَرَادَت إرادة الله أن يكون مَريضًا مُثقَلًا بالأَلَم، وأرادت هي أن تقهر الظروف، وفَعَلَت. الطفل الصغير، قُرَّةُ العين أَضْحَى رَجُلًا صَغِيرًا. وفتاة العشرين أَضْحَت تُغازِلُ عُمْرَ الأربعين.
مَرَّت العُقُود. والآن سَيِّدَةُ الأربعين بدأت تُرَاقِبُ المِرْآة وتَلْمَحُ سيدةً لم تعرفها منذ سنين. لست مُتصَابِيَة، لَكِنِّي بَدَا لي بأنِّي جميلة. بدأت الفساتين تتَسَلَّل لدُولَابي بَعْدَ أنْ غَزَتْهُ لِسِنين اللِّباسات العسكرية والبَدْلات الرياضية. ظهرت مستحضرات التجميل واللَّمَسَات الأُنْثَوِيَّة تَفُوح في كل مكان.
ولِأَكُفَّ حديث الآخرين عني بدأت بالبحث عن حالتي، ولرُبَّما هي أزمة الأربعين. يُؤلِمُنِي حالي هذا، أُحِسُّ بأنِّي أكبر من هذا، أَعْمَقُ من هذا الهُراء. ولِتَكْتَمِلَ الأزمة تقَدَّم رجلٌ لخِطْبَتِي. وما بين أَزْمَتِي الجديدة، والضغط الهائل من الأهل لِأَعُود زوجة من جديد في كَنَفِ رَجُلٍ يُمارِسُ القَوَامَة على مُتَمَرِّدَة مِثْلِي، أَتَخَبَّطُ بشِدَّة، أَوَدُّ نَزْعَ هذه الأزمة.
أخاف الدخول بعلاقة جديدة ثم أعود لِتَمَرُّدِي وشَخْصِي المُستَقِل ويحدُث الطلاق من جديد.
أنا حائِرَة؟ ماذا أفعل؟
20/7/2021
رد المستشار
موضوع الاستشارة: قرار الزواج
التعليق: محتوى الاستشارة يُشِير إلى رحلة الآنِسَة الفاضلة وكِفاحِهَا من أجل تربية طِفْلِها الوحيد بعد طلاقها من زوجها. هذه الرِّحْلَة تتمَيَّز بصُعُوبَتِها وتعَدُّد التَّحَدِّيَات التي تُواجِهُ الأُمَّ في تربية الطفل، بالإضافة إلى تحَدِّيات عائلية واجتماعية. هذه الرحلة أَصْعَب بكثير في المجتمع الشرقي، ونادراً ما يَسْمَحُ المجتمع للمرأة بِسَدِّ احتياجاتها الناقصة كأي إنسان آخر.
لا يُمكِن للموقع التعليق على إصابة الآنسة بأيِّ اضطراب نفسي، ودرجة بَصِيرَتِها عالية.
الجانب الآخر للاستشارة يتعَلَّق باتِّخاذ القرار حول الارتباط بِرَجُلٍ آخر. ما تُشِيرُ إليه الاستشارة هو أنَّ طِفْلَها الوحيد دخل مرحلة البلوغ، وما هو مُتَوَقَّع مِنْهُ كأيِّ شابٍّ آخر أن يسعى إلى الانفصال تدريجياً من الأهل، والحرص على عدم الشعور بالعُزلَة، ولكن في نهاية الأمر ستكون رحلته في الحياة خاصة به.
التَّعَلُّق السَّلِيم بين آلام وطفلها يُؤَدِّي الى انفصال سِلْمِي، والتَّعَلُّق الغير صِحِّي يُؤَدِّي دَوْمًا إلى أزمات تتكَرَّر بين الحين والآخر في هذه المرحلة. ما هو واضح في الاستشارة عدم وجود عُقَد نفسية بين آلام وطِفْلِها، وتَعَلُّقِه بها كان سليمًا، وكذلك تَعَلُّقُها به.
تُشِيرُ كاتبة الاستشارة إلى اهتمامها بمَظْهَرِها ومَلْبَسِها، وهذا حَقّ مَشْرُوع للرجل والمرأة على حَدٍّ سَوَاء، بل والحقيقة أنَّه يَصِلُ ذُرْوَتَه في منتصف العِقْد الرابع من العمر.
ما تُشِير إليه عن كلام الناس أَمْرٌ كثير الملاحظة في المجتمع الشرقي المُتَمَيِّز بالتَّسَلُّط الأَبَوِي.
والآن تقَدَّم رَجُلٌ للزواج منها، وعليها اتخاذ القرار. قرار الزواج مَصِيرِي، وهو مُهِمَّةُ الفرد وحده، ولكن في نفس الوقت اتِّخاذ مثل هذا القرار يجب أن يكون نِتَاج نَمَط واحد من أنماط اتخاذ قرار، وهو النَّمَط العقلاني. أمَّا الأنماط الأخرى، فلا مكان لها في اتخاذ قرار الزواج أو غيره.
قد يكون قَرَارُك عَقْلَانِيًّا إن وافقت؛ فذلك يُوَفِّر الأمان، وإن رَفَضْت فإنَّكِ تُفَضِّلِين الحرية على قُيُود الزواج.
تجَنُّب اتِّخَاذ القرار لا مكان له في قرارات الزواج. كذلك الاعتماد على الآخرين في اتخاذ القرار لا يُؤَدِّي إلَّا إلى تنَافُر معرفي.
لديكِ حَدْس عالِي، ورُبَّما عليكِ أن تنتبهي إلى مشاعرك وتَسْتَعْمِلِيها في اتِّخاذ القرار بعد مُقابَلَةِ الرجل. أمَّا القرار التلقائي فلا مكان له لأنكِ بعيدة عن التَّهَوُّر والانْدِفاع.
القرار هو قرارك أنتِ.
ويتبع>>>>>: لأجل أميري أزمة منتصف العمر ربما؟! م6