السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا امرأة متزوِّجة من عدة سنوات، لاحظتُ على زوجي منذ بداية الزواج أنه غيور جدا، وعصبيٌّ جدًّا، فقلتُ: هذا أمرٌ طبيعي، يخفُّ بمرور الوقت، كنتُ أعمل في بداية زواجي إلى أن وضعتُ، وكان يضايقني باتصالاته المستمرة، وإن لم أرد عليه يتغيَّر كثيرًا، فطلب منِّي ترْك عملي، فوافقتُ على ذلك بحثًا عن الراحة النفسيَّة.
زادتْ المشكلة حتى إنه بدأ يتهمني بالخيانة، ويضربني ضربًا شديدًا، اتهمني بالخيانة مع جاري، مع العلم أنه يُغلق عليَّ الباب بالمفتاح ويأخذ المفاتيح معه!!
اتهمني في الطِّفل الذي وضعتُه، بأنه ليس ابنه، لشكه فيَّ وفي جارنا! فأفاجأ أنه يأتي البيت في أوقاتٍ مختلفةٍ؛ شكًّا منه في الخيانة، وأنني لستُ في البيت، فيأتي ليتأكَّد إن كنتُ في البيت أو لا؟!
دائمًا يستجوبني، ويقوم بأفعال غريبة، فيغلق الباب والشباك، بل يضع عليهما أكياسًا من البلاستيك تمنع الرؤية ودخول الهواء، كما يقوم بتفتيش هاتفي، وحقيبتي الخاصة، ويقول لي: اعترفي أنكِ على علاقة مع هذا الجار، ولن أخبرَ أحدًا بذلك!
حاوَلَ الضغطَ عليَّ للاعتراف، وهدَّدني بالسكين ليجبرني على الاعتراف، أخبرته أن هذه أوهام يعيش فيها، تركتُ البيت أكثر من مرة، ثم يأتي ويعتذر، ولا يمر أسبوعان إلا ويُكرر ما يفعله!
سألتُ أهله: هل كان زوجي يعاني من مرض قبل زواجي؟
قالوا: لا، بل استغربوا جدًّا مِن هذه التصرفات، وطلبوا منه أن يغيِّر البيت،
وبالفعل قمنا بتغيير البيت، لكن تكرَّر نفس السيناريو في البيت الجديد، والجار الجديد، بل وصل الأمر إلى أنه ركب أجهزة مُراقَبة في المنزل!
إذا ذهبت عند أهلي يتصل عليَّ كثيرًا، وهو غاضب، ويقول: ماذا تفعلين عند أهلك؟ وعندما أعود يفتش ملابسي الداخلية!
حاولتُ أكثر من مرة أن أقنعه بالذهاب إلى طبيب نفساني، ولكنه رفض بشدة، ويقول لي: لستُ مريضًا، بل أنتِ المريضة! واتهمني بالكذب عليه أمام أهله.
أريد أن أساعده مِن أجل أولادي؛ فحالته صعبة جدًّا، ولا أريد الطلاق،
أرجو من الله ثم منكم مساعدتي
فقد أصبحت الحياة صعبة جدًّا معه.
24/7/2021
رد المستشار
أهلا وسهلا بك على موقع مجانين للصحة النفسية
فعلا الحياة صارت صعبة، وحالتك أنت أصعب من حالته إن تأملتِ!
ما تتعرضين له من تفتيش وتشكيك في عرضك كل مرة، ومن تصرفات مذلّة وإقفال باب البيت عليك وخنقك، كل هذا يجعلك أنت المعرّضة للانهيار وليس هو، من جهته هو يعيش شكّا مرضيّا لا يُنهيه شيء، حتى إن اعترفت فرَضا بشيء لم تفعليه، فسيختلق شيئا آخر ليشكك فيه إلى ما لا نهاية، حتى لو غيّرتم البيت والدولة وحتى لو ألبسك !chastity belt فليس عنده مشكل أو أزمة، إنما سيعيش عذابا نفسيا إذا ما مُنع من ممارسة تلك السلوكات التحققيّة ومُنع من ممارسة سلطته عليك، آنذاك سينهار ويُجنّ جنونه...
أشعر بمعاناتك وأنت تروين ما تروين، لكن لا أدري لماذا شعرتُ أنّك متقبّلة "نوعا ما" لهذا الوضع، خصوصا أنّه بدأ منه هذا من أوّل الزواج وقبل الأولاد، كأنّك تتقبلين فكرة أن يمارس الرجل غيرته المطلقة وسيطرته المريضة على المرأة فهذا شيء عادي ومقبول في حقّه، لدرجة أنّك لم تدركي مدى الخلل والخطورة في تلك التصرفات! لا ألومك هنا، لكن لا يجب أن تبخسي حقك كإنسانة وكأنثى لمجرد أنّك تعتقدين بتمركز الشرف فيك أنت، فتقبلين بصبّ كل مظاهر الغضب والاعتلال النفسي والتسلّط المرضيّ عليك. هذه نقطة مهمة لا بد أن أشير لها مهما بدتْ سلبية في نظرك أو نظر القرّاء. ليس الغرض منها إشعارك بالذنب أو تأليبك على زوجك فلا حاجة لك بذلك فعندك ما يكفيك ليدفعك للغضب والاستياء منه.
أهله لن يلاحظوا بالضرورة شيئا لأن العلاقة الزوجية التي ستُخرج شكّه وتملّكه المرضيّ غائبة، ثم ليس هناك علاقة جنسية ستدخله في دوامة الشك، أيْ أنّه لم يدخل علاقة جنسية، والتي فيها فقط ستظهر هذه الحالة بشكل جليّ وتتكشف أعراضه الزورانية delusion وهذا ما كان غائبا لما كان أعزبا. مع أنّي موقن أنّهم لم ينتبهوا لتصرفاته وطريقة تفكيره بشكل دقيق ليكتشفوا الخلل فيه، لأنه لا بد أن تظهر عليه في مواقف مختلفة، إلا إن كان الاضطراب ظهر بعد الزواج وليس قبله.
وأخيرا نأتي على نقطة العلاج، نعم هو يحتاج علاجا على المستوى النفسي، علاج بالأدوية بعد تشخيص الحالة بدقة من طرف مختص، وربما علاج كلامي، إن كانت نوبة ظهرت بعد الزواج فهذا قد يستبعد اضطراب الشخصية الزورانية الذي يصعب علاجه. كيف سيقبل بذلك؟ لن يقبل به كما قال لك، هو محق والكل مريض، أصحاب الشك المرضي والأفكار الضلالية لا يرون أنهم مخطئون أو مضطربون، العلاج يجب أن يكون بشكل جبريّ في مصحة ريثما يستعيد استبصاره (أي يعرف أنه فعلا كان مريضا، هذا في حالة كانت نوبة وليس اضطراب شخصية)
لكن لا ينبغي الإقدام على هذه الخطوة إلا بعد تشخيص دقيق ما أمكن، لن يذهب معك، والحل هو أن تستجمعي كل المعطيات في ذهنك أو في ورقة وتذهبي أنت للطبيب النفسي، إن منعك حاولي الذهاب مع أحد من أقاربك (محارمك حتى لا يقيم حربا عليك) وسلي الطبيب النفساني عن هذه الحالة وبأسئلته الموجّهة سيستطيع أن يشخص بدقة كافة أنوع الاضطراب، وسينصحك بطريقة علاجية مناسبة.
اعلمي أن علاج مثل هذه الحالات سيجعلك تعيشين صداما مع زوجك وضغطا نفسيا كبيرا، وقد يصير أكثر عنفا لكنها مرحلة ضرورية إن كنت تريدين أن تخرجي من هذا الجحيم، وإلا إن تراخيت وآثَرْتِ الهدنة فسيكون على حساب صحتك النفسية وعلى حساب أولادك أيضا الذين سيعيشون شيئا من ذلك الشك والسيطرة المرضية.
لا يمكنني أن أقدّم لك نصائحَ دقيقة بخصوص الإجراءات التي سُتمكّنكم من إجباره على التداوي، فكل بلد وخصوصياته وكل حالة وحيثياتها.
أما على المستوى الاجتماعي، هناك علاج يفرض نفسه، وهو أن تمادي هذا النوع من الأشخاص في سلوكياته مذلة للغير أو تسلطية على الزوجة أو الأولاد وفتح الباب على مصراعيه ليتتبّع كل شكوكه ويمارس كل ما يمكنه حتى يرتاح نفسيا، لا ينفصل حقيقة عن الطبيعة البشرية العامة وهي أنّ أي شخص إن وجد الأجواء المناسبة لفعل ما يفعل ولم يجد مقاومة أو تقريعا من أهله أو أهل زوجته أو المؤسسات القانونية، فسيتمادى بغض النظر عن كونه مريضا أو لا.
يعني حاولي أن تخبري أهلك من الرجال حتى يضعوا له حدا لهوسه ويسمّعوه كلاما قاسيا في السلوكيات المذلة والخانقة التي يكررها كل مرة. خوف الملامة أو الأذى شعور يتكون لدى الحيوانات فما بالك بالبشر حتى لو كنا مضطربين. هذا من جهة ومن جهة أخرى ينبغي أن تضعي أنت حدودا لهذا،
بعد سنوات من التفتيش والتشكيك والاتهام ولم يجد شيئا هذا يعني أنك بريئة ذكريه بهذا وانهريه وقولي له أنه تجاوز حده، وستتعجبين إن قلتُ لك أنّك جزء من المشكل لأنّك بكل بساطة قبلت بأن يقوم بتصرفات حقيرة مذلة بالنسبة لك (غلق الباب عليك، تفتيش ملابسك الداخلية، هاتفك، محفظتك...) ظنّا منك أنّك إن قبلتِ بهذه الأفعال ستتلاشى شكوكه لو أصرّيت على رفضها سيجعله هذا يشك فاستسلمت له وجعلت تلك السلوكيات تتكاثر وتتكرر، ولم يجد ردّا ورفضا منك.
لذا رفضك ووضع حدود لكرامتك وتصرفك على أساس أنّك أمّ أولاد وعاقلة ومسؤولة وفاضلة... كل هذا جزء من العلاج أيضا.
أرجو أن أكون ألممت بكل النقاط وإليك بعض الروابط المفيدة:
خطيب حضرتك زوراني الشخصية!
التفكير الزوراني والتفكير الوسواسي
أشك في زوجتي وسواس أم وهام؟
التعلق والغيرة وحب التملك والشك، هل لها من حل؟