لديَّ ابنة عمرها 14 سنة انعزالية، وتحب الوحدة والانطواء، ودائمًا تكون سريعة الغضب لأتفه الأسباب، ودائمًا تحب الجلوس وحدها في الغرفة الخاصة بها، مع العلم هي جيدة في الدراسة وهي ذكية، منذ أن كان عمرها 10 سنوات كانت دائمًا تتشاجر مع إخوتها وتسبّ والديها، وتشتم إلى أبعد الحدود ولا تخاف، وكنا نضربها ضربًا شديدًا جدًّا أنا وأمها، ولكنها دائمًا ما تكون عنيدة معنا جدًّا، وكنا فتحنا صفحة جديدة أنا وأمها وتعاهدنا على ذلك، ولكن لم تتحسن، بل زاد عنادها وإصرارها، وهي الآن لا تكلم والدها من أكثر من عام ولو بكلمة واحدة.
ماذا أفعل؟ وما هو الحل؟
أرجوكم ساعدونا، ولكم ألف شكر، وجزاكم الله خيرًا.
28/05/2022
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لنبدأ من النهاية حيث ذكرت فتح صفحات جديدة وعهود، هنا دلالة على ما كان في البدايات.... علاقة متوترة وحب مشروط وهذان العاملان كافيان لصنع طفل متوتر حانق غاضب يهرب إلى عالمه الخاص وعزلته.
المشكلة ليست الآن ليست في الحاضر، ما نراه الآن هو ثمار ونتائج ما كان سابقا... ليست لدي الكثير من التفاصيل عن طفولة هذه الفتاة سوى غضبها السريع وذكاءها الشديد، قد أكون مخطئة ولكن عادة علاقات الوالدين المتوترة والتربية المتزمتة الغير ثابتة تؤدي إلى الكثير من الغضب المخزون لدى الطفل خصوصا إذا كان في بيئة ليس بها أي مساحات للتعبير عن المشاعر ومن الأساس لا توجد مهارات حتى لدى الوالدين للتعبير عن المشاعر.
الآن لدينا فتاة في سن المراهقة مع حمل من المشاعر "المشوهه"،وأقول مشوهه لأنها بالنسبة لها كتلة من خليط من المشاعر فيها الإحباط مع خوف وقلق واكتئاب ونقص ثقة بالنفس وهذا شيء مزعج جدا.
أعود للنقاط الأولى التي ذكرتها
• فتح صفحة جديدة وعادة تفشل وتقطع هذه الصفحة لأنها مجرد هدنة بلا أساس، هناك تأرجح في التعامل وعدم ثبات وكأنه فعلا صفحات، تمتليء الصفحة وليس لديك أي فكرة ما محتواها ولكنه مزعج فنطوي الصفحة بما فيها ونفتح صفحة جديدة، و"نتجاهل" ما سبق، الحل لا نفتح صفحات جديدة إلا بعد أن نحل طلاسم ما قبلها
• الضرب الشديد، قد يلجأ إليه بعض الأهل كحل أخير ولكن هل حصدتم أي نتيجة؟ أم أنكم خسرتم حلكم الأخير وفقدتم زمام الأمر برمته؟ لست مع الضرب ولكن البعض يعتمده ولا أرفضه تماما عندما يكون السبب واضح للطرف الثاني وإذا كان فعلا حلا أتى بثمار
• فرض القوة الجسدية على طفل أصغر منك حجما وأقل قوة فليس من العدالة في شيء فالشيء الوحيد الذي علمته للطفل الذي سيصبح راشدا وأكثر قوة منك أن الغلبة والسلطة للأقوى جسديا وأن الخلافات تحلها بالضرب وهذا بالفعل ما تفعله مع إخوتها ولربما في محيط صداقاتها تنقل ما تعلمته منكم، الضرب يعلم الطفل مهارات خاطئة لحل المشكلات، ويقلل من ثقة الطفل والمراهق بنفسه ويعوضها خارجيا بالمزيد من التمرد والغضب والعنف.
أقترح عليكم أن تأخذوا هذه الفتاة لشخص مختص حتى يساعدها على التعرف على مشاعرها ومن ثم إطلاق سراحها والتخلص من الحمل، وتعليمها الطرق الصحيحة للتعبير عن مشاعرها.
كذلك هي بحاجة إلى تعلم مهارات حل المشكلات وأن تتعلم التقبل، كل هذا لابد أن يكون على يد مختص نفساني وليس محاولات فردية لأن قد تسوء الأمور أكثر هي في مرحلة تزداد قوتها الجسدية وتضعف قوتكم، يزداد غضبها ويزداد تأثير الأقران والبيئة عليها وقد يقودها ذلك لطرق أخرى قد تتوه فيها.
وكلمة أخيرة
كون الطفل ذكي يعني أنه أكثر وعيا بما يحدث حوله وأكثر فهما لما يقال حوله وأكثر استيعابا للمشاعر الغير محكية وبالتالي أكثر حساسية وأقل كلاما.