السلام عليكم موقع مجانين
ترددت كثيرا قبل أن أكتب مشكلتي؛ فأنا خائفة من أي رد سوف تكتبونه لي، لأنه سيكون القرار الحاسم في حياتي لأنني كل ثقة بكم وبرأيكم.. آسفة جدا جدا على الإطالة.. تبدأ قصتي من حوالي 5 سنوات حين تعرفت على شاب خلوق جدا ومتدين وفيه من الأخلاق الكثير الكثير، وهذا أكثر ما جذبني له.. أنا الآن عمري 21 سنة.. لقد سمعت كثيرا عن خيانة الرجل للمرأة وقرأت كثيرا.. ورأيت قريباتي، وهو الذي زاد من خوفي من الحياة، حتى أحببت هذا الشاب، وجدت عنده الأمان مما أخاف، وهي الخيانة والخوف من غدر الرجال.
أحببته بكل جوارحي ووثقت به ثقة عمياء لا يمكن أن تتزحزح لما عرفت عنه من الخلق، وأعترف بأن هذا خطئي.. أحبني أيضا هذا الشاب كثيرا وضحى من أجلى بالكثير، وكان هو السبب بعد الله في تقربي الشديد من الله، حيث سهر الكثير من الليالي يعلمني عن ديني الحنيف ما كنت أجهل منه.. علاقتي به لم تتعدَّ الكلام على الهاتف أو النت، ورأيته مرات قليلة وكنا نخاف الله كثيرا ولم نتحدث في كلام حميم، وكانت عمتي على علم بهذا الأمر وكان كل شيء تحت نظرها.
أخذ الحب مني مأخذا كبيرا.. لا أنام الليل ولا النهار.. العذاب الدائم.. لأنني حقا أريد أن أبقى بجانبه وأتزوجه، ولكن أهلي لا يقبلون لصغر سني؛ فاتفقنا على أن نصبر وهذا ما كان؛ حيث فقدت الكثير من وزني وربطت حياتي به، فقد كان دائرة الأمان لي من كل خوف والهروب من الأحزان.. العذاب كان أن أهلي لا يريدون أن أتزوج إلا بعد إنهاء جامعتي، وطبعا أنا لا ألومهم فهذا ما كنت سوف أفعله لابنتي في المستقبل، ولكن عشت من الألم والفراق الكثير الكثير، وما لا أستطيع بقلبي الصغير أن أتحمله.
ومرت أيامي عصيبة من الحب، إلى أن جاء اليوم الذي قرر فيه من أحب أن يسافر حتى يحصل على درجة الماجستير لأنه يريد عندما يتقدم إلى أهلي أن لا يرفضوه، لأن أهلي من النوع الذي يركز كثيرا على المستوى العلمي، وقد سافر إلى ماليزيا وطبعا كان البعد هو نصيبي وعانيت فوق معاناتي.. كنا نتحدث ولكن في فترات متباعدة؛ فهو كان مشغولا جدا بدراسته وأراد الله أن نحاصر في غزة ولا يستطيع العودة إلى أرضه، حيث كان الماجستير مكثفًا ومدته سنة واحدة، ولكن مع إغلاق المعبر قارب مكوثه السنتين وفى هذه الأثناء كنا نتحدث مع بعضنا، وكان ينتظر اللحظة التي يفتح بها المعبر حتى يأتي ويخطبني من أهلي.
وفي فترة سفره أخبرت أمي عنه وأنه يريد خطبتي وتحدثت أمي معه، وأعجبت به وأخبرته بأنها لن تتحدث الآن بموضوع الخطبة حتى يأتي بنفسه ويراه أبى، وكنت أتحدث معه بعلم أمي التي لا تعرف أني أحبه من حوالي خمس سنوات.
لكن ما صدمني وكسرني وذبحني وجعلني الآن جسدا بلا روح وقلبا بلا نبضات أنه اعترف لي مؤخرا أنه في ظل ظروفه الصعبة التي عانى منها في الغربة كانت هناك فتاة تقف بجانبه وتساعده وتسانده في أحلك ظروفه، والتي تخلى عنه فيها الكثير من الأصدقاء، واعترف لي بأنه أحبها (طبعا حب بدون أي علاقات محرمة) ولكنه ندم أشد الندم لأنه خان عهدي ووعده لي بأن لا يحب سواي وطلب مني مسامحته، وأنه قد ترك تلك الفتاة لأنه حقا يحبني ولا يريد سواي وأنه عندما كان يتحدث مع تلك الفتاة كان أغلب حديثه عني وعن قصتنا، وأنه لم يخدع تلك الفتاة، وقد قال لها: إنه يحب فتاة ويريد الزواج منها وهي في غزة (يقصدني أنا) وقد ترك تلك الفتاة بعد فترة امتدت بينهم حوالي 4 أشهر.
عاد نادما على ما فعل ويطلب مني أن أسامحه لأن ظروف الغربة كانت صعبة عليه جدا، ولكني لم أسامحه وطلبت منه أن ننهي علاقتنا ولا داعي لأخبركم كم من الآلام عانيت وكم من الدموع ذرفت.. لقد كسر أجمل شيء أعول عليه في حياتي.. نعم لقد كسر قلبي بحبه لفتاة غيري.. أعجبني فيه صدقه معي حين قال لي أنه أحب غيري، واعترف بذلك ولكني لا أستطيع مسامحته أبدا أبدا.
وفي آخر مرة تحدثت معه بكى هذا الرجل الشامخ الذي لم أعهد منه إلا القوة والصلابة، بكى طيلة حديثي معه ساعتين وقال إن ذلك لم يكن بيده وإن الحياة كانت أقسى مما تصور، وأنه لن يعود لوطنه الغالي ما دمت لن أكون له لأنه ذلك العقاب الذي يستحقه، ولقد كان حزينا ومكتئبا لدرجة كبيرة جدا، لدرجة أنني سامحته لفظا فقط، وقلت له أن نبدأ صفحة جديدة لأنني أنا أيضا أحبه ولا أتصور هذه الحياة القاسية بدونه.
والمشكلة الآن أنني مترددة.. هل أبقى معه؟ أم أتركه؟ وأنا أميل لأن أتركه وأنا في الدقيقة الواحدة أغير رأيي مرتين؛ فلا أنا أعرف هل أتركه؟ أم هل أسامحه بحق وحقيق وأتزوجه؟ ولكن قلبي الآن أشعر بأنه لم يعد يحبه مثل قبل، وأنني مرات أصل لدرجة أنني أكرهه ولا أصدقه حقا عندما يقول لي إنه يحبني... أنا في أشد الحيرة ومتذبذبة وغارقة في دوامة من الحب والكره في نفس الوقت. أفيدوني وإلا فقد أجن.
هو يريد أن يبعث أهله لخطبتي في القريب لأنني شارفت على إنهاء جامعتي، ولكن أنا الآن التي لم أعد أريد أن أتزوجه بعد أن انتظرت هذا اليوم بفارغ الصبر.
ماذا أفعل؟ أحبه وأسامحه في دقيقة، وأكرهه وأريد أن أبعد عنه في الدقيقة التالية.. هل اقتربت من الجنون؟ أم أنني مجنونة؟ وماذا أفعل؟ أتركه؟ أبقى معه وأقبل خطبته؟ وجرحي وقلبي الذي ينزف وكرامتي وكبريائي؟ وهل ما فعله يسمى خيانة؟
19/8/2022
رد المستشار
أغبطك عليه يا صغيرتي فلتهنئي به، ذلك المُحب البريء الذي من فرط براءته لم يسعفه عقله للتعامل الأمثل مع أُنثى يهواها فيقص عليها حكايته مع أخرى لم تجمع بينه وبينها إلا الظروف القاسية والوحدة والاحتياج؛ فخانته ألفاظه وقال أحبها! .. فكل جريمته أنه أراد أن يكون على قدر عال من الشفافية معك؛ فجنّب عقله الذي لو استشاره للحظة ما جعله يقبل على اعترافه لك أبدا؛ فهل يُقابل بكل تلك العاصفة وتلك الثورات؟
لقد بكى بين يديك ساعتين كاملتين نادما متأسفا متصورا أن اعترافه سيجعل له مكانة لديك رغم تأكده من ألمك ومن رد فعلك، فدخل كالحمل الوديع في أخطر منعطف في عالم النساء ونظر بعينين يغرقهما الدموع وبقلب يرتجف من شدة النبضات ليعترف الاعتراف "الخائب" بأنه أحب أخرى فلم يجد إلا سيلا من والثورات والصفعات والاتهامات! وجهل أهم درس يتعلمه الرجل حين يخوض مع المرأة رحلة الحياة الزوجية وهي أن ورقة الاعتراف البريء هي نفسها ورقة الإدانة التي قد توصله إلى المقصلة!.
وأسألك بصدق، أيهما كان أفضل؟ أن يخبرك وتحكمين عليه بالإعدام كما تريدين الآن، أم يتحلى بالعقل ويطوي الأمر بداخله وتنعمين بحبه وبحبك دون أن تدري؟ فلم يرض لنفسه ولا لك بهذا الوضع فلقد احترمك واحترم العلاقة بينكما واعترف لك بما لا يقره العقل مع محبوبة مثلك ناهيك عن سهولة إخفاء الأمر عنك.
القلب حين يحب يغفر الزلات للمحبوب لأنه يعي أنه بشر، لا ينصب له المقاصل مقصلة وراء أخرى بدعوى الثأر والخيانة الزائفة.
فعلى الرغم من غيظي من اعترافه لك بما كان، فإنني لا أملك إلا أن أرفع له القبعة كما يقولون لصدقه وبراءته وتمسكه بالزواج منك ورجاء رضاك عنه ومسامحتك، في الوقت الذي كان يمكنه بسهولة شديدة ألا يقص عليك شيئا، فارجعي عن ثوراتك والنار التي تأكل قلبك وتأخذ في وجهها مشاعرك تجاهه.
تذكري صدقه وحبه وتمسكه بك، فالحب حين يكون حقيقيا لا يبذل كل هذا الجهد ليسامح ويغفر الزلات خاصة إذا منحناه لمن يستحق، فلتنسي هذا الأمر تماما ولتكوني أنضج ولا تعاتبيه فيه أبدا مرة أخرى، ولا تذكريه به ولو بعد خمسين عاما؛ فلقد أنّب نفسه وحاسبها ولا ينقصه إلا صفحك عنه.
لا تجعلي ما حدث عقبة كؤودًا تستدعينها كلما تمكن منك شيطانك فتنغص عليك التمتع بزوج انتظرته طويلا ويباركه أهلك وأهله، وكوني عاقلة "كفاية" فكم من زوجات عضضن على نواجذهن سنين طويلة بسبب لحظة "طيش" قررن فيها الفراق عمن يستحق مشاركتهن الحياة لو كانوا أعقل وأكثر تسامحا.